آلاف يبكون رحيله، طالبهم بقراءة الفاتحة من ورائه، ثم ودعهم قائلا "إني راحل ومصر باقية".. كان ذلك آخر مشهد في حلقة النهاية بمسلسل مماليك النار، جسده الفنان خالد النبوي، ولاقى تفاعلا كبيرا وصدى واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. لم يكن طومان باي وحده الذي عُلق على باب زويلة، فتلك البوابة التاريخية التي ترجع لأكثر من ألف عام، اُشتهرت بأنها بوابة تعليق الرؤوس.
وقع إعدام طومان باي، آخر سلاطين المماليك الشراكة في مصر، في 23 إبريل عام 1517، الموافق 21 ربيع الأول سنة 923 هـجرية، ويعد السلطان الوحيد الذي شُنق على باب زويلة.
مشهد الإعدام في وصف "ابن إياس"
"سيق طومان باي في حراسة 400 جندي من الإنكشارية، مكبلا فوق رأسه، وخرج الناس في القاهرة يلقون عليه نظرة الوداع، فنظر إلى قبو البوابة ورأى حبل المشنقة يتدلى"، هكذا وصف المؤرخ المصري ابن إياس واقع مشهد طومان باي في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدهور".
ويضيف ابن إياس: "تقدم طومان باي نحو باب زويلة بخطوات ثابتة، والتفت إلى الناس طويلا، وطلب أن يقرأوا له الفاتحة ثلاث مرات، ثم التفت إلى الجلاد، وطلب منه أن يقوم بمهمته".
في المحاولة الأولى لشنق السلطان المملوكي انقطع الحبل وسقط طومان باي على عتبة الباب، وفشلت المحاولة الثانية أيضا، وأخيرا فاضت روحه في المحاولة الثالثة، وظل مصلوبا على باب زويلة لمدة 3 أيام، قبل إنزاله ودفنه خلف مدرسة الغوري.
حكاية "باب زويلة"
أما عن باب زويلة الذي شهد إعدام آخر سلاطين المماليك طومان باي، فيرجع بنائه إلى عام 485 هجرية - 1092 ميلادية، في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، على يد القائد العسكري بدر الجمالي.
وسمُي "باب زويلة" بهذا الأسم نسبة إلى قبيلة زويلة، تلك القبيلة المغربية التي قدمت إلى مصر الفاطميين واستقرت بتلك المنطقة.
وورد ذكر باب زويلة في كثير من الكتئب التاريخية وفي كتابات المؤرخين وبعض الأبيات الشعرية التي تحدث عن عظمة تلك البوابة التاريخية الفاطمية، ومن أبرز من ذكرها من المؤرخين "المقريزي" و"القلقشندي".
يتكون باب زويلة من هيكل بنائي يصل ارتفاعه إلى 24 مترا، ويبلغ عرضه نحو 25 مترا، ويحتوي على برجين لهما شكل مقوس عند القاعدة، ويتوسط البرجين ممر مكشوف يؤدى إلى باب المدخل، ويأتى فى الثلث العلوى من كل منهما حجرة دفاع يغطيها قبو طولى يتقاطع مع قبو عرضى.
وفي عصر السلطان المملوكي الؤيد أبو النصر شيخ، شيد مسجدا عام 818 هجريا، واُستخدم برجي باب زويلة ليقيم عليهما مئذنتي المسجد.
بوابة تعليق الرؤوس
لم يكن السلطان طومان باي وحده الذي شُنق على باب زويلة، فتلك البوابة التاريخيت اُشتهرت بأنها بوابة تعليق الرؤوس، إذ أنها شهدت أحداث تاريخية هامة، منها تعليق رؤوس رسل هولاكو قائد التتار.
ففي عام 1260 حاول القائد المغولي هولاكو مهاجمة مصر، بعد نجاحه في الاستيلاء على دمشق، مطالبا المصريين بالاستسلام والسماح بدخول التتار دون إراقة للدماء.
وقد كان رد السلطان قظز بقتل الستة رسل المبعوثين من هولاكو لتهديد سلاطين المماليك والمصريين، وتعليق رؤوسهم على باب زويلة، إعلانا للحرب التي استطاع فيها المصريين قهر التتار.
وسُجل باب زويلة كواحد من الآثار الإسلامية، وتجرى وزارة الآثار بعد أعمال التطوير فى باب زويلة، ضمن تطوير المباني الأثرية في القاهرة التاريخية.