عجلٌة أنيقة ذات ألوان بهيجة، يعتليها مجموعة متنوعة من الكتب، اعتاد صاحبها أن يتنقل بها بين التجمعات السكنية، فيستوقفه تارًة هذا وينادي عليه تارًة أخرى ذاك.
فكرةٌ بسيطة ومبتكرة بدأها "محمد أبو السعود" بتحويل العجلة لمكتبة متنقلة، تصل إلى باب بيتك بسهولة.
بدأت فكرة الشاب العشريني، محمد أبو السعود، خريج كلية نظم ومعلوماتـ، -حسبما روى لـ (مصر العربية) بعجلة حديدة بسيطة قرر أن يتنقل بها بين مناطق عدة، وبحوزته عدد لا بأس به من الكتب على كل شكل ولون، ومع الوقت قرر أن يطور من شكلها ويضيف عليها لمسات جميلة فباتت أشبه بتروسيكل حسن المنظر.
مكتبة أبو السعود المتنقلة، التي بدأها منذ 3 سنوات طبقها في نحو 7 مناطق حتى الآن من بينها : ( الرحاب ومدينتي ونادي وادي دجلة وأكتوبر 2 وشيراتون).
وفي جنينة مول قرر أبو السعود أن يقوم بعمل books wall -سور الكتب-، في محاولة منه لتقديم فكرته بأكثر من صورة وشكل وطريقة.
تعود بداية الفكرة حينما عمل "أبو السعود" مديرًا لفرع بأحد كبرى المكتبات في مصر، حيث كان يخطف قلبه وبصره حينها شغف رواد المكتبة لكتاب ما، وتلك الفرحة التي تغمرهم بمجرد عثورهم على قصة معينة أو رواية يبحثون عنها..
مشاعر مختلطة وعشق من نوع خاص سرعان ما كان يقرأه "أبو السعود" في عيون زبائنه، فيقول: "الحقيقة أنني احببت عملاء الكتب أكثر من الكتب ذاتها، فبدأ ينمو داخلي شعور بأن أكون سببًا في نقل حب القراءة إلى مزيد من البشر".
وتابع: "اتخذت قرارًا بتبسيط الموضوع، خاصًة وأنني كنت آري من يفترشون الأرض بالكتب في منطقة وسط البلد، ففكرت في رفعها من الأرض ووضعها على شئ يمكن أن يتحرك ومن هنا جاءت فكرة books bike".
وما جعل الفكرة تترسخ أكثر وأكثر داخله، حينما وقعت عينه ذات على تقريرًا مصورًا بينما كان يطالع التلفاز، يعرض فكرة مطعم متنقل على تروسيكل..
هنا لمعت الفكرة أكثر وأكثر في ذهنه، وتسائل فيما بينه وبين نفسه لماذا لا يكون هناك عربة أو عجلة تمر في الشوارع تعمل على غذاء العقول مثلما يسعى البعض الآخر لغذاء البطون؟.
شرع "أبو السعود" في تنفيذ فكرته بالشراكة مع زميلة له التي مكثت معه لفترة..
المشروع بدأه "محمد" من جمعية بسيطة، نصفها خصصه للحصول على كورسات والنصف الآخر كان يتطلع لتجديد سيارته به، ولكنه عزف عن الأمر نتيجة تعويم الجنيه آنذاك، وقرر أن يستثمرها في مشروع صغير خاص به وهو الأمر الذي تزامن حينها مع فكرة books bike لـ أبو السعود وشريكته السابقة هادير منصور
يقول أبو السعود:"في البداية ذهبنا لرجل يصنع التروسكلات والعجل الخاصة بالخضروات والفاكهة، وعقب انتهاءه طلبنا منه أن يضيف أرفف كي نضع عليها الكتب، وامتثل لرغبتنا.
تابع: عقب انتهاءه قطرت مكتبة الكتب المتنقلة بسيارتي، ونزلنا لإحدى التجمعات السكنية واتفقنا مع سكانها بالوقوف اسبوع مقابل خصم على الكتب المعروضة..
لاقت الفكرة الترحيب وامتدت الفترة وأخذ أبو السعود يتنقل من تجمع سكني لآخر، ثم للوقوف على نواصي الشوارع، ولكن الرياح دائمًا لا تأتي بما تشتهي السفن حيث تعرضوا لمضايقات فضلًا عن أنهم كانوا في بعض الأحيان يجبروا على الرحيل بينما يُسمح لعربة الفول والكبدة بالوقوف.
لم يستسلم "أبو السعود" واتفق مع أحد المولات بالوقوف أمامها مقابل قيمة ايجارية وشكل قانوني يضمن عدم مساس أحد بمشروعه، وكرر الأمر في عدة أماكن، فكانت تمر السيارات ويقف بعضها عنده ليشترى منه وكذا المترددين على أماكن وقوف تلك المكتبة المتنقلة.
خلال السنوات الثلاث تمكن "أبو السعود" الذي بات متفرغًا لمشروعه أن يكون له شركة خاصة به وبات يعمل معه عدد من الشباب، وتعاقدت معه أحد أكبر دور النشر وهي نهضة مصر، ولم ينس أن يشكر وقوف كبار الكتاب معه في مستهل مشروعه أمثال الكاتب أحمد مراد وآخرين.
لم يكن الأمر هينًا في البداية إلى أن بات لـ "أبو السعود" شركة لها نحو 7 أفرع الآن، حيث يقول: "قمت بتأجير مكان منذ نحو عام ونصف كي يكون مقرًا لشركة بعدما صار لدينا 7 أفرع لمشروعنا، وخلال تلك الفكرة لم يدخل المقر الذي اجرته كرسي واحد إلا منذ اسبوعين، وكنت افترش الـأرض في أيام بالكرتون كي احصل على قسطًا من الراحة بعد يوم شاق، والآن بدأنا في تجهيز المكان شيئًا فشيئًا وصار جزءًا منه مخزنًا بالكتب التي تحملها التروسكلات والعجل الخاص بنا".
لم يكتف "أبو السعود" بالعجلة فقط ولكنه حرص على استغلال الفضاء الالكتروني في الترويج لفكرته والاعلان على ما لديه من الكتب، فدشن صفحة تحمل ذات اسم مشروعه، وعمل على توصيل الكتب لزبائنه "ديلفري".
يقول أبو السعود: أمهات كثيرات أمطروني بعبارات مفادها أن صغارهم باتوا يحبوا القراءة وشراء الكتب من العجلة.