تصاعدت حدة التوتر بين واشنطن وطهران، باغتيال قائد قوات "فيلق القدس" قاسم سليماني في غارة جوية أمريكية بالعراق، وسط مخاوف من تحول العراق إلى ساحة صراع بين الدولتين.
وكشف قائد الحرس الثوري الإيراني في إقليم كرمان الجنوبي غلام علي أبو حمزة، اليوم السبت، عن تحديد بلاده 35 موقعا حيويا لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط إضافة إلى تل أبيب لتكون في مرمى نيران طهران. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها أبو حمزة، لوكالة "تسنيم" الإيرانية للأنباء (خاصة)، للإعلان عن الإجراءات التي ستتخذها طهران ردا على اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني في غارة أمريكية بالعاصمة العراقية بغداد. وقال: "سننتقم لسليماني، وإيران حددت 35 موقعا أمريكيا حيويا في المنطقة، إضافة إلى تل أبيب، لتكون في مرمانا". كما ألمح إلى أن إيران ستستهدف الولايات المتحدة في مضيق هرمز، مشيرا إلى أنّ المضيق "يعد نقطة حيوية بالنسبة للغرب، وأن عددا كبيرا من المدمرات والسفن الأمريكية تمر من خلاله، وعبر بحر العرب والخليج الفارسي"، حسب المصدر ذاته.
رصد قواعد عسكرية وبوارج الأمريكية
من جانبه، أعلن مسؤول إيراني أن بلاده بدأت برصد القواعد العسكرية والبوارج الأمريكية في المنطقة، مؤكداً أن بلاده "ستنتقم بكل تأكيد" من اغتيال سليماني. ونقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية عن محسن رضائي، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، قوله: "منذ الليلة الماضية بدأنا برصد القواعد العسكرية والبوارج والمراكز الأمريكية في المنطقة". وأضاف: "ستنتقم بكل تأكيد" لمقتل سليماني. ولفت إلى أنه يوصي الشعب الإيراني بالصبر أولا؛ لأن "عملية اتخاذ الخطوات العسكرية يتسم بأطر وقواعد، وكلما التزمنا بها فستكون صفعتنا أكثر تأثيرا". وحذر رضائي، وهو قيادي بارز في الحرس الثوري الإيراني، من أن مقاتلي من وصفهم بـ"المقاومة" في لبنان و سوريا والعراق واليمن وأماكن أخرى لا يريد ذكرها "يستعدون حاليا للقيام بتحرك ما". واستدرك بالقول إن بلاده "لا تريد الدخول في حرب وأن (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب أيضًا ليس برجل حرب". وتابع: "نعد شعبنا بأن انتقامنا سيكون قاسيا للغاية".
خامنئي يتوعَّد بـ«انتقام مؤلم»
بدوره، توعد المرشد الإيراني، علي خامنئي، بـ"انتقام مؤلم" على خلفية مقتل سليماني، قائلا إن عمل ونهج سليماني لن يتوقّف برحيله ولن يبلغ طريقًا مسدودًا. وفي بيان له الجمعة، تقدم خامنئي بالتعازي لأقارب سليماني والشعب الإيراني، معلنا الحداد في البلاد 3 أيام عقب مقتل سليماني. أمريكا تبرر الضربة: «دفاع عن النفس» في المقابل، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية، مقتل سليماني، في بغداد، بناء على توجيهات من الرئيس دونالد ترامب. واتهمت الوزارة سليماني في بيان بأنه كان يعمل على تطوير خطط لمهاجمة الدبلوماسيين والموظفين الأمريكيين في العراق والمنطقة. وتهدف الضربة الأمريكية لردع خطط الهجوم الإيرانية المستقبلية، وفق بيان الوزارة الذي تعهد بأن الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ جميع الإجراءات لحماية مواطنيها ومصالحها حول العالم.
وقالت واشنطن إن قتل سليماني يأتي في إطار الدفاع عن النفس، وأن الأخير كان يخطط لشن هجمات وشيكة على مصالح أمريكية في المنطقة. ويتهم مسؤولون أمريكيون إيران، عبر وكلائها من الفصائل الشيعية العراقية، بشن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية تستضيف جنودا ودبلوماسيين أمريكيين في العراق، وهو ما تنفيه طهران. وأعلت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، الجمعة، عزمها إرسال لواء كامل من الفرقة 82 المجوقلة (المحمولة جوا) إلى الشرق الأوسط.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن بلاه أقدمت على اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني من أجل وقف الحرب لا لبدئها. جاء ذلك في كلمة ألقاها ترامب في ولاية فلوريدا، حول مقتل سليماني في قصف أمريكي بالعاصمة العراقية بغداد. وأشار ترامب إلى أن سليماني كان مسؤولا عن مقتل العديد من الأمريكيين في المنطقة خلال سنوات طويلة، تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني. وأكد أن الولايات المتحدة نفذت اغتيال سليماني؛ "لأنه كان يخطط لشن هجمات جديدة، لذلك رغبنا في وقف هذه الهجمات". وشدد ترامب على أنّ بلاده ستفعل كل شيء من أجل حماية دبلوماسييها وأفرادها وحلفائها، في إشارة إلى اقتحام متظاهرين السفارة الأمريكية في بغداد مؤخرا. وأضاف في هذا الصدد: "إنْ ألحقتم ضررا بهم (دبلوماسيينا وأفرادنا وحلفائنا)، فإننا سنجدكم ونقضي عليكم". وتابع ترامب: "لقد انتهت مرحلة إرهاب سليماني، وكان يجب القضاء عليه من قبل، حيث أنه كان من الممكن إنقاذ العديد من الأرواح لو حصل هذا".
وتابع "لقد اتخذنا هذه الخطوة من أجل إنهاء الحرب لا بدئها".
وأكد ترامب أنه يكن احتراما كبيرا للشعب الإيراني، قائلا: "لا نسعى وراء تغيير النظام في إيران، ولكن يجب إنهاء حروب النظام الإيراني بالوكالة في المنطقة على الفور".
وأكد استعداد الولايات المتحدة لاتخاذ كافة الخطوات اللازمة إن استُهدف أمريكي في أي بقعة في العالم.
وفجر الجمعة، قتل سليماني، ونائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، و8 أشخاص آخرين، في قصف أمريكي استهدف سيارتين كانوا يستقلونهما على طريق مطار بغداد.
ويمثل مقتل سليماني والمهندس تصعيدًا كبيرا بعد أعمال عنف رافقت تظاهرات أمام السفارة الأمريكية في بغداد الثلاثاء والأربعاء، احتجاجًا على قصف الولايات المتحدة لكتائب "حزب الله" العراقي المقرب من إيران، الأحد، ما أدى إلى مقتل 28 مقاتلاً وإصابة 48 آخرين بجروح في محافظة الأنبار غربي العراق.
وينتشر نحو خمسة آلاف جندي أمريكي في قواعد عسكرية بأرجاء العراق، ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي.