بمجرد إعلان بوادر ظهور أي وباء، سرعان ما يختبئ المواطنون وراء الكمامات، حيث تكون بالنسبة لهم بمثابة حائط صد وحصنًا منيعًا ضد اإصاباتهم بهذه الأوبئة الخطيرة.
تجلى هذا المشهد بوضوح هذه الأيام، مع الإعلان عن انتشار فيروس كورونا الجديد في الصين، الذي فرض نفسه في صدارة القضايا الدولية.
اقتناء "الكمامة" بالنسبة لملايين البشر في هذه الآونة أصبح ضرورة ملحة كالماء والهواء، وهو ما ترتب عليه بالتبعية زيادة الإقبال عليها بصورة لا يمكن تخيلها، بل وتطور الأمر لإعلان البعض عن وجود عجز في سوق الكمامات.
الصين التي يربو عدد سكانها عن 1.3 مليار نسمة، باتت تمر بأزمة بسبب الحاجة المتواصلة للكمامات للوقاية من الإصابة بـ"كورونا".
التبرع بكمامات
ففي الأيام الماضية، أبلغت عدة مدن أمريكية عن نقص في أقنعة الوجه، وبخاصةً بعد تأكيد وفاة نحو خمسة أشخاص إثر اصابتهم بفيروس كورونا في أربع ولايات أمريكية، فيما لا يزال 43 أمريكيًا في انتظار نتائج الاختبار، بحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وتبين نفاذ الأقنعة الجراحية من المستشفيات في الصين، وتوسل المئات أي شخص يمكننه التبرع به، في وقتٍ سارع فيه الأمريكيون إلى الصيدليات للحصول على إمدادات الوقاية، وقد زاد الطلب بصورة كبيرة على الكمامات في عدد من الصيدليات الأمريكية، وبلغ الأمر إلى حد إرسال صناديق من الأقنعة الواقية إلى أقاربهم في الصين.
فيروس كورونا لم يقتصر انتشاره في الصين وظهوره في الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل امتد اثره لينال عدة دول منها " استراليا وكمبوديا وكندا وفرنسا وألمانيا وهونج كونج واليابان وماكاو وماليزيا ونيبال وسنغافورة وكورويا الجنوبية وسريلانكا وتايوان وتايلاند وفيتنام، ويشتبه بوجود حالات في المكسيك وكولومبيا والفلبين والمملكة المتحدة.
تحويل الزجاجات لأقنعة
ووسط تفشي المرض ونقص الكمامات، لجأ البعض لبدائل بإعادة تدوير زجاجات المياه البلاستيكية كبيرة الحجم، واستخدمها مرة اخرى كأقنعة للوجه.
وأظهرت صورٌ نشرها موقع "ميرور" أنّ عددًا من المواطنين قرروا أن يتخذوا تدابير بديلة لحماية أنفسهم من الفيروس من خلال الاستعانة بالزجاجات البلاستيكية كي تحجم ووجوههم عن ذاك الفيروس المميت.
في حين حلق فريق ثالث خرج السرب تمامًا، بعدما انتشرت صورة لسيدة ترتدي خوزة قيادة الدراجة البخارية، قيل أنها ارتدتها كبديل للكمامات التي باتت شحيحة في عدد من الأسواق.
ساعات عمل اضافية لإنتاج الكمامات
في مكان آخر، بينما الكل نيام والظلام يخيم على الأجواء، كان الضوء ينبعث من بنايات تصنيع الكمامات الطبية في مقاطعتي جيانجشي وخنان، بعدما تقرر العمل لساعات إضافية لسد العجز في اللوازم الطبية التي يحتاجها بلدهم لمكافحة هذا الفيروس المميت.
ويتم إنتاج نحو أكثر من مليون ونصف كمامة وألفي بدلة واقية يوميًا في مقاطعة خنان، بعدما قام أكثر من 70 مصنعا بالعمل المتواصل لانتاج مزيد من الكمامات واللوازم الطبية.
وسط تلك الأزمة، سرعان ما ضحى وتخلى عمال تلك المصانع عن عطلتهم لسد حاجة السوق بالكمامات الكافية، فتضاعف الانتاج وتم المحافظة على ثبات السعر.
وبحسب "سبوتنيك" فإن حكومة كوريا الجنوبية من المتوقع أن ترسل 2 مليون كمامة ومعونات طبية للصين من أجل مواجهة فيروس كورونا.
فيما شددت هيئة مراقبة السوق الصينية على هؤلاء ممن يستغلون الأزمة برفع أسعار الكمامات من 143 يوان إلى 850 للعلبة، وبحسب تقارير اعلامية فإنه تغريم إحدى الصيدليات نصف مليون يوان بسبب ذلك.
بدأت قصة فيروس كورونا في 31 ديسمبر الماضي، حينما تم إخطار منظمة الصحة العالمية إلى العديد من حالات الالتهاب الرئوي في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية، ولم يتطابق حينها الفيروس مع اي فيروس آخر معروف.
"كورونا المستجد" هو نوع جديد من فيروس كورونا المعروف، لديه القدرة على التحور واكتساب جينات من فيروسات أخرى، تصيب الإنسان والحيوان، وقد ظهر في مقاطعة هوبي الصينية، وسجّل انتشارًا في 15 دولة إلى الآن، بعدد وفيات قدر بـ170 حالة، فيما بلغ حجم الاصابة به أكثر من 7700 شخص.