بمعطيات جديدة.. مستقبل الصراع الإيراني الإسرائيلي في سوريا (تحليل)

لا يزال الحديث التحليلي شهيًّا عند تناول التداخل الإسرائيلي الإيراني على الأراضي السورية، بمشاركة روسية بالطبع، فهذا التداخل مترابط بشكل وثيق مع ملفات إقليمية شديدة السخونة.

 

وخلال الأشهر الأخيرة، استمرت وتيرة التصعيد بين إسرائيل وإيران في سوريا، وفي هذه الأثناء لم تفعل روسيا سوى القليل لتخفيض التواجد الإيراني في سوريا إلى الحد الأدنى، في الوقت الذي تحاول فيه تقييد حرية التصرف الإسرائيلية.

 

إذا استمرت هذه الديناميات في التطور، فسوف يزيد احتمال المواجهة بين إسرائيل، "مدعومة من الولايات المتحدة"، وإيران ووكلائها؛ "حزب الله"، قوات النظام السوري، وربما حتى القوات الروسية.

 

قد تزداد هذه الفرص في أعقاب الاغتيال الأمريكي لقائد فيلق القدس الإيراني "قاسم سليماني"، وهذا يخلق احتمال تصعيد غير مقصود، مثل التصعيد الذي سبق أن مرت به إسرائيل في الماضي.

 

ومع ذلك، فإن إيران وسوريا وروسيا يتصرفون بعقلانية، ويتجنبون المخاطر غير الضرورية، كما يعرفون كيفية التمييز بين المصالح الحيوية والمصالح الخاصة، ولديهم حساسية نحو جميع أشكال أدوات القوة الأمريكية والإسرائيلية.

 

يمكن ردعهم عن الرد على الإجراءات الإسرائيلية والأمريكية المتعلقة بسوريا، وربما حتى من استخدام سوريا للرد على مقتل "سليماني"، ومع ذلك، فإن تخفيض وجودهم وتأثيرهم في سوريا قد يكون أكثر صعوبة.

 

روسيا تفكر بالعواقب

 

حذرت روسيا (إسرائيل) من القيام بضربات جوية في سوريا ونقلت صواريخ أرض جو متطورة إلى السوريين لتعزيز تهديداتها، كما نشرت روسيا حتى أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة الخاصة بها في سوريا.

 

لكن ربما تدرك روسيا أن استهداف طائرة إسرائيلية - ناهيك عن طائرة أمريكية - قد يكون له عواقب وخيمة، فقد يضعف التصعيد العسكري في النهاية حلفاء روسيا الإقليميين، ما يهدد طموحها الأساسي للمنافسة مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وترجمة نجاحاتها العسكرية إلى نجاحات سياسية واقتصادية.

 

وبحسب ما يذهب إليه المحلل الإسرائيلي "إتاي شابيرا"، في تقرير نشرته بمحلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، فإن الأفضلية العسكرية والاقتصادية الأمريكية والعقوبات يمكن أن تجعل موسكو تدرك هذه النقطة، وعلى الرغم من أن الروس قد أصبحوا عدوانيين وأكثر جرأة، لكنهم ليسوا مُطلَقي القدرة.

 

يجب على الولايات المتحدة اعتبار الشرق الأوسط جانبًا آخر - وإن كان بسيطًا - من منافسة القوى العظمى مع روسيا، ومن خلال القيام بذلك، يمكن ردع الروس.

 

النظام السوري ضعيف

 

ويضيف "شابيرا": "كان النظام السوري أيضًا تحت تأثير الردع الإسرائيلي والغربي لسنوات، حاولت الدفاعات الجوية السورية عدة مرات إسقاط الطائرات الإسرائيلية، وحتى أنها نجحت مرة واحدة، لكنهم يفهمون أيضا هشاشة سيادتهم، ويعلمون أنها يمكن أن تتعرض للخطر بسبب النزاع العسكري مع إسرائيل، ناهيك عن الولايات المتحدة، وهم يفهمون تمامًا دونيتهم العسكرية، لقد تم ردعهم بالفعل ويمكن جعلهم أكثر ترددًا في الدخول في تصعيد عسكري".

 

في المقابل، يرى "شابيرا" أن إيران ووكيلها "حزب الله"، أصبحا أكثر جرأة وقد يبدو أنهم لم يستجيبوا للردع.

 

ففي سبتمبر 2019، نفذ "حزب الله" هجومًا نادرًا على مركبة تابعة للجيش الإسرائيلي، كما أسقط الإيرانيون طائرة أمريكية مسيرة، ونفذوا ضربة صاروخية موجهة ضد منشآت النفط في السعودية، وألحقوا أضرارًا بالناقلات الغربية، كما وجهوا هجمات على المنشآت الأمريكية والأفراد في العراق، وقاموا بالرد على الضربات الإسرائيلية في سوريا.

 

ولذلك، ربما استنتجوا خطأ أنهم ردعوا الولايات المتحدة، وبالتالي فوجئوا باستهداف "سليماني".

 

إيران تغامر بحدود

 

لكن إيران و"حزب الله" يتجنبان المخاطر غير الضرورية، فقد نفذت (إسرائيل) العديد من الضربات في سوريا في السنوات الأخيرة، ما ألحق أضرارًا بمنشآت وأسلحة إيران و"حزب الله"، ما أدى في بعض الأحيان إلى قتل أفرادهم، وفي معظم الحالات لم يكن هناك رد عسكري.

 

فشلت معظم المحاولات القليلة للرد أو تم إحباطها، وفيما يتعلق بسوريا، فقد تم ردعهم بالفعل، بالعقاب والنبذ، ويمكن تعزيز هذا النوع من الضغط أكثر.

 

وتعتبر القيادة في طهران عقلانية وحذرة، حتى عندما تنتهك الاتفاقية النووية، وإيران ليست مطلقة القوة، فهي تفهم حدود قوتها وتقدر القوة الصلبة الأمريكية والإسرائيلية.

 

ومن وجهة نظر إيران، فإن شن حرب كبرى مع (إسرائيل) في سوريا، أو القيام باستفزاز يطلق العنان للقوات الأمريكية، قد يعرض ضرورات الأمن القومي الإيراني للخطر، بما في ذلك الحفاظ على القدرات النووية وإنعاش الاقتصاد.

 

الخلاصة التي يذهب إليها "إتاي شابيرا" هي أن الإيرانيون والسوريون و"حزب الله" والروس يتصرفون بعقلانية وبرجماتية وعناية. حتى إذا كان النظام الإيراني ثوريًا وكانت روسيا تعتبر استبدادية، لكن لديهم إدارة مخاطر محترفة وصنعًا منظمًا للقرار.

مقالات متعلقة