نجحت السلطات المصرية، فى إجلاء معظم رعاياها المقيمين فى مدينة ووهان الصينية الموبؤة بفيروس كورونا القاتل، ونقلهم إلى للإقامة داخل معسكر طبي لمدة 14 يومًا، إلا أنّ 44 مصريًّا فضَّلوا البقاء هناك.
ففي يوم الأحد الماضي، أقلعت طائرة خاصة من طراز إيرباص A330/200 تابعة لشركة سياف إحدى شركات وزارة الطيران المدني، من مطار القاهرة الدولي، متوجهة مباشرة إلى مطار مدينة ووهان لنقل المصريين الراغبين في العودة إلى أرض الوطن، وعادت فى اليوم التالى وعلى متنها 306 مصريين.
وفضَّل حوالى 44 مصريًا البقاء فى ووهان، لأسباب مختلفة منها استكمال الدراسة والحصول على درجة الدكتوراه، والبعض الآخر أجبرتهم الظروف على الاستمرار بسبب ارتفاع درجة حرارة أبنائهم قبل سفرهم.
وتعتبر "ووهان" الصينية، منبع انتشار فيروس كورونا الجديد، لذا أوقفت السلطات هناك رحلاتها الخارجية وخدمات السكك الحديدية والمترو والعبارات، في محاولة منها لاحتواء المرض، وأكدت أنه "ليس بمقدور المواطنين مغادرة المدينة دون أسباب خاصة".
وتحولت المدينة التى يسكنها 13 مليون نسمة، بعد منع الدخول والخروج منها، لما يشبه مدن الأشباح؛ حيث فرغت الشوارع والأسواق من الناس والمنتجات.
من جانبه، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، حكومة المهندس مصطفى مدبولي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لعودة من يرغب من المصريين المقيمين في ووهان، وعلى الفور تواصل رئيس مجلس الوزراء، مع محمد البدري، سفير مصر في بكين، الذي خاطب السُّلطات الصينية، وحصل منهم على المُوافقة على ترتيب عودة من يرغب من المصريين المقيمين في المدينة.
كما كلف مدبولى وزارة الطيران المدني بتجهيز طائرة خاصة لنقل من يرغب في العودة إلى أرض الوطن، والتنسيق مع وزارة الصحة والسكان لإرسال فريق طبي مجهز على متن الطائرة الخاصة، لمصاحبة الرّكاب، مع اتخاذ جميع إجراءات مكافحة العدوى على متن الطائرة.
وشكلت السفارة المصرية، غرفة عمليات للتواصل مع هؤلاء المصريين ومعرفة أوضاعهم وتدوين أسمائهم وعناوينهم وكافة البيانات عنهم، وأشارت إلى طلب السلطات الصينية موافاتها بكافة التفاصيل والمعلومات عن المصريين المتواجدين في نطاق مدينة ووهان والمدن المحيطة بها والتي دخلت نطاق الحجر الصحي وهي مدن خوانجانج وايجو وشيبا.
وأوضح محمد البدري، سفير مصر فى الصين، فى تصريحات له، أنه تم حصر أعداد المصريين فى مدينة ووهان من خلال التواصل المباشر معهم، وجرى وضع خطة كاملة بالتنسيق مع الجانب الصينى من أجل البدء فى الإجلاء، وأشار إلى أن عدد المصريين المتواجدين فى ووهان يبلغ 350 شخصا وعائلاتهم، وتم سؤال كل شخص منهم عن رغبته فى العودة أو لا، وأبدى 306 مواطنين رغبتهم فى العودة.
وعن سبب تفضيله البقاء فى المدينة الموبؤة على العودة إلى أرض الوطن، يقول السيد نشيوى، الباحث فى مركز بحوث الصحراء، إنّه تخوف من ضياع حلمه المتمثل في الحصول على درجة الدكتوراه، والذى غادر بسبب مصر منذ 10 سنوات، لافتًا إلى أنه يتبقى له على تحقيق هذا الحلم 5 أشهر، لذا فضل البقاء فى ووهان للحفاظ على تجاربه البحثية وخاصة أنه لا يعلم متى سيعود مرة أخرى إن غادر الصين.
ولنفس السبب، فضل مصطفى محمود، المدرس المساعد بكلية الهندسة جامعة المنيا، البقاء فى مدينة ووهان الصينية، موضحا أنه يتبقى له أشهرا قليلة ويحصل على درجة الدكتوراه في تخصص الاتصالات والإلكترونيات.
وأشار مصطفى محمود إلى أنه قرر البقاء بالاتفاق مع أسرته التى تقيم معه فى المدينة إلى حين الانتهاء من الدراسة، مؤكدًا فى الوقت ذاته التزامات بكافة التعليمات الصحية التى أصدرتها السلطات الصينية.
وعلى النقيض كان محمد على المدرس المساعد بكلية الزراعة جامعة الأزهر، يرغب فى العودة إلى أرض الوطن، إلا أن السلطات الصينية أعلنت أنها لن تسمح لأي مصري بالصعود إلى الطائرة ودرجة حرارته أعلى من 37%، خوفًا من احتمالات الإصابة بالفيروس وإمكانية انتشاره، ولسوء حظ مدرس كلية الزراعة، أصيب أبناؤه بنوة برد قبل السفر وارتفعت درجة حرارتهم، ولتخوفه من منعهم من السفر وإدخالهم الحجر الصحي بالمطار، فضل البقاء في المنزل وعدم العودة حتى تستقر حالتهم الصحية، وبعدها يتمكنه التواصل مع السفارة المصرية بالصين لترتيب موعد عودته.
محمد معتصم، الذى جاء إلى الصين قبل 5 سنوات لإجراء أبحاث ما بعد الدكتوراه، كان يرغب هو الآخر فى العودة، لكن السلطات الصينية فرضت حظرًا على مدينة ووهان عندما كان فى زيارة أحد أصدقائه بمدينة تشانشا التي تبعد عن ووهان حوالى 450 كيلو مترا، لافتا إلى أنه حاول كثيرا العودة إلى مصر ضمن العائدين إلا أن محاولاته باءت بالفشل ليقرر بعدها البقاء فى الصين.
من جانبه أكد محمد البدري سفير مصر في الصين، أن السفارة على استعداد لنقل أى مصريًا يرغب فى العودة إلى أرض الوطن، مثلما تم نقل المصريين العائدين من مدينة ووهان الصينية على متن طائرة خاصة، مؤكدا فى الوقت ذاته أن جميع المصريين المقيمين حاليا بالصين بخير ولم يصاب أى منهم بفيروس كورونا.