بعدما أثارت قضية إقالة المندوب الدائم لتونس لدى الأمم المتحدة المنصف البعتي من منصبه كثيرًا من الجدل، أصدرت وزارة الشؤون الخارجية التونسية بيانًا وضّح تفاصيل هذه الخطوة.
الوزارة قالت في بيانٍ، إنّ قرار إعفاء البعتي يعود لاعتبارات مهنية بحتة، موضحةً أنّ هذه الاعتبارات المهنية تتعلق بضعف الأداء وغياب التنسيق والتفاعل مع الوزارة في مسائل هامة مطروحة للبحث في المنتظم الأممي خاصة وأنّ عضوية تونس غير الدائمة بمجلس الأمن تقتضي التشاور الدائم والتنسيق المسبق مع الوزارة بما ينسجم مع مواقف تونس المبدئية ويحفظ مصالحها.
الرواية التونسية الرسمية جاءت ردًا على ما نُسب إلى مصادر أممية، قالت إنّه تمّ وضع حد لمهام البعتي على خلفية موقفه من مشروع قرار فلسطيني يدين خطة السلام الأمريكية المعروفة إعلاميًّا بـ"صفقة القرن".
المصادر أوضحت أيضًا أنّ البعتي ذهب أبعد مما أرادت السلطات التونسية في ملف الشرق الأوسط، وقدم دعما كبيرا للفلسطينيين يهدد بإفساد العلاقة بين تونس والولايات المتحدة.
وكانت تونس قد استدعت مندوبها لدى الأمم المتحدة على نحو مفاجئ، ولم يشارك في الاجتماع الذي نظمته الولايات المتحدة بين عرّاب خطتها للسلام جاريد كوشنر ومجلس الأمن أمس الخميس، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وتفاعلًا مع الجدل الراهن، تحدّثت مصادر رئاسية تونسية عن أنّه "تمّ إنهاء مهام مندوب تونس الدائم لدى الأمم المتحدة ومجلس الأمن المنصف البعتي بسبب غياب التنسيق والتشاور بينه وبين وزارة الخارجية من جهة وممثلي الدول العربية والإسلامية بالمنتظم الأممي من جهة ثانية في المسائل المطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن ومن بينها إعداد مشروع قرار يتعلق بمخطط السلام بالشرق الأوسط المقترحة في 28 يناير الجاري من قبل الرئيس الأمريكي".
والمنصف البعتي دبلوماسي من ذوي الخبرة ويحظى بتقدير نظرائه، وكان متقاعدًا حين تم استدعاؤه في عام 2019 لاستئناف نشاطه وتولي منصب سفير في الأمم المتحدة فترة وجود تونس في مجلس الأمن.
وفي يناير الماضي، تسلمت تونس مقعدها في مجلس الأمن الدولى كعضو غير دائم لتمثيل الدول العربية، للمدة 2020 / 2021، وهي المرة الرابعة منذ استقلالها التي تحظى تونس بعضوية غير دائمة فى مجلس الأمن الدولى.
والرئيس التونسي قيس سعيد معروفٌ بدعمه المطلق، وهو أحد الرؤساء العرب القلائل الذين هاجموا الخطة بشكل واضح وصريح وصل بأن وصف الصفقة بأنّها "مظلمة القرن"، وأكّد أنّها تُمثل "خيانة عظمى".
وفي مقابلة تلفزيونية، قال سعيّد: "ثقافة الهزيمة التي تسود داخل المجتمع العربي أكثر من الهزيمة في ذاتها، فالفكر المهزوم لا يمكن أن يكون مقدمة للنصر، والفكر المهزوم لا يمكن أن يكون إلا فكرًا مختلًا وفكرًا عميلًا".
وأضاف: "لا يمكن أن أتراجع عما قلته سابقا، فالتطبيع مفهوم دخيل، دخل اللغة العربية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ولذلك فإن القضية اليوم لا تعتبر تطبيعا، فالوضع الطبيعي مع هذا الكيان المغتصب أن نعمل لإنهاء هذا الاغتصاب وتشريد الشعب الفلسطيني.. فلسطين ليست ضيعة ولا بستانا حتى تكون موضوعًا لصفقة، فحق فلسطين لا يمكن أن يسقط بالتقادم، من له علاقة بالكيان المغتصب هو خائن، فالتطبيع خيانة".
وأمس الأول الأربعاء، خرجت مظاهرةٌ في العاصمة التونسية تنديدًا بخطة السلام الأمريكية التي وصفوها بـ"بصفقة العار"، كما أطلقوا دعوات لمقاطعة البضائع الأمريكية.
ورافعين الأعلام الفلسطينية والتونسية، خرج المئات في قلب العاصمة التونسية بدعوة من مركزية "الاتحاد العام التونسي للشغل" النقابية القوية، وبمشاركة قيادات الأحزاب السياسية والمنظمات المهنية.
وخلال المظاهرة، قال الأمين العام للمركزية النقابية نور الدين الطبوبي إنّ صفقة القرن خيانة عظمى،وقال: "اليوم يريدون بيع القدس وغدًا سيبيعون الأماكن المقدسة.. هناك شباب متعلم ومثقف، شباب عربي ثائر في كافة أنحاء العالم، سينقلب عليكم".