رغم هدوء الأزمة الليبية على خطوط التماس في محيط المعارك بطرابلس، إلا أنه بين الفينة والأخرى تتجدد الأحداث داخل المشهد الليبي.
ليبيا، والتي تضربها الصراعات العسكرية المسلحة منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي قبل 9 سنوات، إلا أن تلك الأزمة تتصارع على استمرارها بلدان وجماعات كبرى، من أجل مصالح ومكاسب شخصية.
الأحداث الأخيرة في ليبيا تنوعت إلى حد كبير، لعل آخرها ما أثير خلال الأيام الفائتة عن استمرار تركيا إرسال "مرتزقة" من سوريا للقتال في طرابلس ضد قوات الجنرال الليبي خليفة حفتر.
وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، قبل ساعات، أن دفعة جديدة من الفصائل الموالية لتركيا سيتم نقلها إلى ليبيا من قبل أنقرة خلال الساعات القادمة.
وقال المرصد إن 1900 مقاتل وصلوا إلى المعسكرات التركية لتلقي التدريب.
وأشار إلى ارتفاع أعداد مقاتلي الفصائل الموالية لتركيا الذين وصلوا إلى العاصمة طرابلس حتى الآن إلى 4750.
وحول خسائر الفصائل الموالية لأنقرة في ليبيا، أفاد المرصد بمقتل 117 من تلك الفصائل في العمليات العسكرية الناشبة حاليا.
وفي وقت سابق، ذكر المرصد أن القتلى المذكورين ينتمون إلى فصائل "لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه"، ولقوا حتفهم خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس، بالإضافة لمحور مشروع الهضبة ومناطق أخرى في ليبيا.
وتواصل أنقرة التدخل في الصراع الليبي، ودعم حكومة الوفاق التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس رغم أن مؤتمر برلين الذي عقد في يناير، وشاركت فيه تركيا، خلص إلى توقيع بيان يلزم الأطراف والدول المعنية بالأزمة الليبية على عدم التدخل أو تسليح الأطراف المتحاربة.
كما شدد مؤتمر جنيف، الذي عقد قبل نحو أسبوعين، على ضرورة وقف التدخلات الخارجية، ووقف إطلاق النار.
على الجانب الآخر، ذكرت وسائل إعلام عن زيارات سرية قام بها اللواء الليبي خليفة حفتر لسوريا، لتوطيد العلاقات مع النظام السوري.
وفي تصريحات صحفية، علّق مصدر عسكري رفيع المستوى تابع للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي، على الأنباء المتداولة حول قيام المشير خليفة حفتر، بزيارة سرية إلى العاصمة السورية دمشق.
ونفى المصدر العسكري الليبي، في تصريحات صحفية، الأخبار المتداولة حول زيارة حفتر للعاصمة السورية دمشق، قائلا: "ننفي الأخبار الصحفية المتداولة حول زيارة المشير خليفة حفتر لدمشق"، مؤكدا أن "قائد الجيش الليبي لم يزر سوريا حتى الآن".
وكانت صحيفة الشرق الأوسط قالت، أمس الاثنين، إنها حصلت على معلومات تشير إلى أن قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر قد قام بزيارة سرية إلى دمشق"، كاشفة أن "هذه الزيارة مهدت الأرضية أمام استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الحكومة الموازية في بنغازي والحكومة السورية في دمشق.
وأعيد افتتاح السفارة الليبية في دمشق، يوم الثلاثاء الماضي، إيذانا بعودة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين سوريا وليبيا، بعدما وقعت وزارة الخارجية السورية مع نظيرتها في الحكومة الليبية المؤقتة، على مذكرة تفاهم بشأن إعادة افتتاح مقرات البعثات الدبلوماسية والقنصلية وتنسيق مواقف البلدين في المحافل الدولية والإقليمية.
ومن الصراعات السياسية والعسكرية، إلى الاقتصاد، حيث تحدثت تقارير إعلامية عن نية تركيا نيل النصيب الأكبر من الاستثمارات الاقتصادية في ليبيا عن طريق إعادة الإعمار في ذلك البلد.
ووفق تقارير إعلامية، فإن الأطماع الاقتصادية لأنقرة في ليبيا ليست خفية، بل إنها معلنة على لسان المسؤولين الأتراك وتتحدث عنها وسائل الإعلام الرسمية التي يسيطر عليها حزب الرئيس رجب طيب أردوغان.
وآخر هذه الإشارات، ما أوردته وكالة أنباء "الأناضول" التركية الرسمية، التي قالت إن أنقرة في طريقها للاستحواذ على جزء كبير من الاستثمارات المتوقعة في ليبيا خاصة في مجال إعادة الإعمار، بقيمة تصل إلى 120 مليار دولار.
ونقلت "الأناضول" عن رئيس المجلس التركي الليبي للعلاقات الاقتصادية الخارجية مرتضى كارنفيل، قوله إن اتفاقا سيبرم قريبا بين حكومتي أنقرة وطرابلس في الشأن التجاري، متوقعا أن يؤدي ذلك إلى حل جزء كبير من المشكلات التجارية بين الطرفين خاصة في مجال التعاقدات.
واعتبر كارنفيل أن هناك فرصا تجارية في ليبيا تصل قيمتها إلى 120 مليار دولار، حاثا المستثمرين الأتراك على انتهاز الفرصة وإبرام صفقات هناك.
وقال إن هناك "دعوة من ليبيا في هذا الاتجاه"، ورأى أن الأخيرة تمر بعملية إعادة الإعمار وأن هناك فرصا كبيرة في جميع قطاعات هناك.
وأضاف: "خلال عملية إعادة الإعمار سيتم بناء منازل ومبان عامة وبنية تحتية في ليبيا".
ويتصارع في ليبيا قوتان وحكومتان، وسط احتدام للمعارك المسلحة استمرت لقرابة العقد من الزمن.