أسند النائب العام المصري المستشار حمادة الصاوى، عدد من التهم لمرتكبي واقعة التنمر بالشاب الأسيوى على الطريق الدائرى، وقرر حبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات.
تنوعت الاتهامات التى وجهت لمرتكبي الواقعة، ما بين القيام بعمل من شأنه التمييز بين الأفراد بسبب الأصل وتكدير السلم العام، وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس، وكذا نشر معلومات خاصة بالغير بالكذب بدون رضائه، علاوة على تعمد تعطيل حركة المرور.
ومنذ أيام تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى مقطع فيديو يظهر فيه عدد من المواطنين وهم يتنمرون بشاب أسيوى كان يستقل سيارة "أوبر" أعلى الطريق الدائرى بمنطقة المعادى، وأقنع البعض قائد السيارة بإنزاله من السيارة تجنبًا لإصابته بفيروس كورونا المستجد الذى أثار الرعب فى مصر بعد تفشيه فى عدد من دول العالم.
ووفقا لفيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعى، ظهر قائد سيارة ملاكي، تابعة لشركة "أوبر" للنقل، وهو يضع منديلا على فمه، أثناء قيامه بتوصيل مواطن يحمل ملامح آسيوية، وبجواره سيارة أخرى يمارس قائدها أساليب المضايقة للشاب الأسيوى، من خلال الترويج بأنه يحمل فيروس كورونا القاتل.
وطلب قائد السيارة من السائق أن يترك الشاب الآسيوى، قائلا :"ارميه ياعم بسرعة"، الامر الذي دفع السائق إلى ترك السيارة، فخرج الشاب الآسيوى منها وحاول استقلال سيارة أخرى إلا أنه فشل وكاد يتعرض لحادث سير، وعندما حاول الشاب الاحتماء بأحد أفراد الشرطة التابعين للإدارة العامة للمرور، فر منه هو الآخر خوفًا من إصابته بالكورونا.
وتمكنت تحريات الشرطة من تحديد هَوِيَّة السائق والمُصَوِّر، وأمرت النيابة العامة بسرعة ضبطهما وإحضارهما، فجَرَى ضَبْطُهما مساء اليوم التالي وضَبْطُ السيارة التي كان يستقلها الأجنبي.
وكشفت التحريات الأولية للواقعة، أن السائق أكره الشاب الصيني على النزول من السيارة، وتركه يتوسل لأصحاب السيارات أن يركب معهم، وروى المتهم تفاصيل الواقعة لأجهزة الأمن، التى حررت محضرا بالواقعة وأحالته إلى النيابة العامة التى باشرت التحقيق.
واستجوبت النيابةُ العامةُ المتهمَ قائدَ السيارة؛ فنفى قصده التمييز العنصري من الواقعة؛ ودفع ذلك عن نفسه بادعاء أن مَرَدَّ فعلِه كان تخوفه من احتمال إصابة الأجنبي بفيروس "كورونا"، ولِـمَا تداول من أخبار عن أضراره ومخاطره، سيَّمَا وأن الأجنبي كان مُرتدياً كِمامة طبية ومُصاباً بعَطْسٍ شديدٍ، وأنه قَصَدَ كذلك مِن فعله التحذيرَ من احتمال إصابة المجني عليه بالفيروس، وأنه فوجئ - بعد توقف السيارة بسبب الزحام الشديد - أن الأجنبي هرع نحو المارَّة في الطريق في ذُعْرٍ وخوفٍ شديدين.
كما استجوبت النيابةُ العامةُ المتهمَ مُصوِّرَ المقطع؛ فادعى تصويره الأجنبي ونَشْر المقطع لاشتباهه في إصابته بالفيروس وخوفاً من انتشار المرض، نافياً قصده الإساءة لشخصه أو التمييز العنصري، وأنه قد حَذَفَ المقطعَ من حسابه الشخصي بموقع التواصل المذكور؛ لِـمَا ورد إليه من تعليقات المُشاركين به الذين أنكروا فعله.
وسألت النيابةُ العامةُ رقيبَ الشرطة المُعيَّن بمحلِ الواقعة لمراقبة الحالة المرورية؛ فقرر بمفاجأته بتوقف سيارتيْن؛ تَرَجَّلَ المجني عليه مهرولاً من إحداهما، بينما ترَجَّل من الثانية آخر ادعى إصابة المجني عليه بفيروس "كورونا"؛ فدَبَّ الذُعرُ بين المارة.
وأكدت النيابة العامة، حرصها الشديد على التصدِّي لجريمة التمييز بين الناس بأي طريقة ولأي سببٍ كان - جنساً أو أصلاً أو لغة أو غيره - سواء بين أبناء الوطن أو من يقيمون به أو يتواجدون على أرضه من أجانب، وتهيب بالكافة الالتزام بالخُلق الحَسَن والأخلاق الحميدة التي دعت إليها سائر الأديان.
واختتمت النيابة العامة بيانها بقول الله تعال بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} "الآية رقم 11 من سورة الحجرات" صدَقَ الُله العَظِيم.