دائما ما يُنتظر من الثقافة أن يكون لها دور فعال في وقت الأزمات الكبرى التي تمر بها الدول، فالثقافة ليست ترفًا بل هي ضرورة، في ظل الوقت الراهن الذي يعاني العالم كله من خطر كبير بسبب انتشار فيروس "كورونا" المستجد "كوفيد-19".
استطلع موقع "مصر العربية" رأي عدد من المثقفين، حول الدور المنتظر منهم ومن الثقافة في الوقت الحالي، والذي يتطلب من جميع النخب التضافر من أجل التوعية.
كورونا خطر استثنائي
رأى حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة أن الثقافة يمكن أن تقوم بدور مهم جدًا في هذه الفترة الراهن التي تشهد خطرًا استثنائي، وهذا الدور لا ينفصل طبعا الأدوار الأخرى المتعددة التي يجب أن تتحقق من جهات أخرى كثيرة، على مستوى الثقافة هناك الوعي الإنساني بشكل عام، المرتبط بتذكير الإنسان ووجدانه، بما يساعده على مواجهة الأزمات والتغلب عليها، وتجاوزها.
وأضاف أنه ربما كان هناك جزء من الوعي الذي تبثه الثقافة مرتبطًا بالقيم الإنسانية الجماعية التي يجب أن تسود في الفترات المعتادة والتي يجب أن تسود بدرجة أكبر في فترات الأزمات، وعمومًا لا يجب أن يتوقف دور الثقافة في أي وقت من الأوقات.
كورونا فضح هشاشة النخب
أكد الكاتب والروائي أحمد طوسون أن الأزمات كاشفة، وأهم مقتضيات أي أزمة الوعي بها ولا بد للمثقف أن يكون له دور تجاه الأزمات التي تواجه مجتمعه بنشر الوعي والرفع من الروح المعنوية، وبخاصة في حالات تفشي الأوبئة والأمراض وما يصاحبها من تفشي القلق والتوتر والجوانب النفسية والمعنوية.
وشدد "طوسون" على ضرورة أن يكون المثقف قدوة أولا بالتزام التعليمات التي تصدر عن الجهات المسئولة، ثم دوره في التوعية بضرورة الامتثال للقرارات الحكومية، فالنظام أول أسلحة مواجهة الأخطار لكن للأسف بعض المثقفين يتعاملون مع الأمر بخفة واستهانة ويساهمون على النقيض في عدم الالتزام بالتعليمات التي صدرت، والإصرار والتباهي بالاستهانة بالخطر المحدق بنا.
وتابع: "ربما يكون موقف البعض من انتخابات اتحاد الكتاب التي من المزمع عقدها الجمعة القادمة، يكشف هشاشة الوعي عند مثقفينا وتفضيلهم المصالح الخاصة على دفع خطر يتهدد جموع الجمعية العمومية إن اجتمعت في وقت قرارات الدولة كلها تحث على عدم التجمع لعدم التسبب في إفشاء العدوى ونشر الفيروسات.
وأوضح: "هناك أزمة تواجه الثقافة المصرية وتراجع دورها والأسباب كثيرة لا مجال هنا لسردها، لكن الأزمات كاشفة ومن ضمن أهم ما فضحته هشاشة النخب ومنها النخبة الثقافية، التي لم يظهر لها دور إلى لحظتنا الراهنة، وربما من المرات القليلة نجد أن الدور الحكومي في مواجهة الأزمة سابقا للنخب كافة ومنها النخبة الثقافية".
وأردف: "بالطبع.. ما أسلفته لا يعني غياب الدور، أنا أتحدث عن حجم الدور مقارنة بحجم النخب، علينا أن نعترف أيضا أن النوافذ الإعلامية وبخاصة المرئية لا توفر المساحة الكافية للمثقف، فأهمية الثقافة ليست فقط في الخطاب الذي تطرحه، وإنما أيضا في طرق توصيل هذا الخطاب ليصل إلى مستهدفيه".
وواصل قائلًا: "أقصد أن الإعلام التلفزيوني له التأثير الأكبر في المتلقي، وسائل التواصل الاجتماعي تفقد تأثيرها بسبب عدم تخصص الصفحات أو علميتها واختلاط الحقائق بالشائعات بالهوى الشخصي، نسب المشاهدة في وقت الأزمات للتلفزيون تتضاعف وبالتالي يجب إفساح المساحة المناسبة للثقافة بمعناها الشامل لخطاب الجماهير في أوقات الأزمات".
مشاكل تواجه المثقف ليشارك في الأزمة
رأى الروائي فتحي إمبابي أنه في البداية ينبغي الاعتراف بأن مهمة مواجهة الأوبئة تقع على عاتق الحكومة والمحليات ووزارة الصحة، من حيث توفير وسائل مقاومة الوباء والمستشفيات والمعلومات الكافية للوقاية منه، وكذلك عدم انتشار الذعر بين المواطنين وأيضا تقع على عاتق العلماء والمراكز البحثية.
أما بخصوص دور المثقفين، قال إمبابي إنّ هناك عددًا من المشكلات، ففي البداية ينبغي أولًا أن تتوفر للمثقفين مساحة الإتاحة الكافية للتعبير عن آرائهم، كي يتمكنوا من الانخراط في مواجهة المشكلات العامة مثل وباء كورونا المستجد.
وأضاف: "المشكلة الثانية هي مدي الشفافية التي تقدمها الجهات المسؤولة عن أوضاع الوباء في المجتمع، ومن ثم يتمكن المثقف من التفكير في كيفية المشاركة، أما المشكلة الثالثة أن للموضوع طبيعة مشتركة بين المثقف والجهات المسؤولة عن مواجهة الوباء تتمثل في تقدير الأخيرة لأهمية دور المثقف بالخصوص وطبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه في المساهمة وكذلك توفر الوسائل الخاصة بالإعلام، والتي تمكنه من عرض وجهة نظره في المشكلة".
وتابع: "رغم ذلك لا شك في أن امتداد واتساع الوباء مشكلة كبيرة تجعلنا نتكاتف سويا في مواجهته، أعتقد أن وسائل الاتصال الاجتماعي ممكن أن تكون وسيلة فعالة وخاصة لمن يستطيع استخدامها".