بسبب الحجر الصحي.. هل تنهار سلاسل التوريد فيصاب العالم بالشلل؟

كورونا يضرب الاقتصاد العالمي

بات واضحًا أن آلية الحجر الصحي هي أبرز وسائل المجتمع الطبي العالمي لمواجهة تفشي فيروس كورونا الجديد، خاصة عند التعامل مع أعداد كبيرة.

 

لا أحد يتوقع لهذه الاستراتيجية أن تقضي على الفيروس بالطبع، وإنما الأمل هو في إبقائه تحت السيطرة بشكل يكفي لجعله يتلاشى من تلقاء نفسه أو يموت في ظروف الطقس الأكثر دفئًا، كما يعتقد العديد من الخبراء.

 

وفي غضون ذلك، من الممكن أن يطور العلماء علاجًا أكثر فاعلية للمرض الذي يتسبب فيه.

 

وبالفعل، وفقًا للخبراء والأطباء، هناك منطق في تطبيق خطط الحجر الصحي والعزل، ولكن الأمر يأتي مع تكاليف  اقتصادية، ليس أقلها أنها تؤثر على سلاسل التوريد، فالأشياء التي نحتاج إليها للبقاء يجب أن تسافر من مكان تصنيعها إلى منازلنا، وكل خطوة على طول السلسلة معرّضة لخطر الانهيار.

 

الغذاء والأدوية والطاقة

 

هناك 3 سلاسل إمداد لا غنى عنها: الغذاء والأدوية والطاقة، والحاجة إلى الغذاء واضحة، كما يمكن أن تؤدي عدم القدرة على الحصول على المستحضرات الصيدلانية للمشكلات الطبية إلى قتل عدد أكبر من الأشخاص من فيروس "كورونا" نفسه.

 

أما الكهرباء فضرورية لتبريد الأطعمة وربما الأدوية، والسماح بتدفق المعلومات، وتشغيل المرافق اللازمة لسلسلة التوريد، كما يجب توصيل البنزين اللازم لعمل الشاحنات التي توزع الأغذية والأدوية.

 

هناك سلاسل إمداد أخرى فقدناها بلا شك، ولكن هذه هي الأساسيات التي تمكننا من المواصلة حتى يتغير الوضع.

 

يقول الكاتب الأمريكي "جورج فريدمان"، تعليقًا على الأمر: "عندما نتسوق أنا وزوجتي لشراء احتياجاتنا، نطلب عبر الإنترنت بحيث تكون الطلبات جاهزة للاستلام عندما نصل إلى المتجر".

 

ويضيف: "قبل أسبوعين، تمكنا من تقديم طلب للاستلام في نفس اليوم، وطلبنا إمدادات لمدة أسبوعين لأننا اعتقدنا أننا سنسافر قليلًا وأردنا التأكد من حصولنا على وفرة من الإمدادات عندما نعود إلى المنزل، ولكن، في الأسبوع الماضي، طلبنا عبر الإنترنت للحصول على بعض اللوازم الإضافية، واضطررنا للانتظار لمدة 3 أيام، وبعدها عندما حاولنا مرة أخرى، كان أقرب وقت يمكننا استلام الطلب فيه خلال 8 أيام".

 

ويتابع "فريدمان": "عندما طلبنا من "أمازون" -ملك سلاسل التوريد- كان الانتظار المقرر للحصول على بعض المواد الغذائية والأدوات المنزلية الأساسية من 5 إلى 10 أيام، فيما كانت بعض العناصر غير متوفرة تمامًا".

 

ويردف: "هذا يعني أن الأشخاص الذين بدأوا في التخزين للتو، أصبح لا يمكنهم ذلك، لأن الزيادة في الطلب طغت على مخزون الأسواق وأثقلت كاهل الإمدادات".

 

مما لا شك فيه أن المستودعات لديها إمداد كبير يغطي إعادة التوريد، كما أن مصادرها -شركات تغليف المواد الغذائية وما شابهها- قادرة أيضًا على الحصول على الغذاء من المنتجين.

 

بداية انهيار

 

ويرى "فريدمان" أن سلسلة الإمداد الغذائي قوية، لكننا رأينا انهيارًا بسيطًا بسبب ارتفاع الطلب، فيما قد يكون له بعض التأثير في الأيام القليلة المقبلة.

 

فلندخل إلى لب المشكلة..

 

يرى "فريدمان" أن سلسلة الإمدادات الغذائية والحجر الصحي، متعارضان؛ فبغض النظر عن مدى كون العملية آلية، فهي مزودة بأشخاص يقدمون منتجات للناس، حيث لا تزال المستودعات توظف عمالاً بشريين، وينتقل سائقو الشاحنات وعمال تحميل الشحنات من نقطة في سلسلة الإمدادات إلى أخرى، ويلمس التجار والصرافون أغلفة المواد الغذائية، والقائمة تطول.

 

لا يعني ذلك، بحسب الكاتب، أن الحجر الصحي غير فعال؛ لكنه يتسبب في أشياء تتعارض مع مقاصده.

 

ويؤكد أن هناك تكلفة اجتماعية لكل هذا أيضًا؛ فالفقراء لا يستطيعون شراء طعام 3 أسابيع في المرة الواحدة، كما أن الصورة بأكملها قد تعقدها رغبات العمال، الذين قد يقررون أنهم بحاجة إلى أجورهم من أجل البقاء أو يقررون أنه من الأسلم التخلي عن وظائفهم.

 

سوف تنكمش القوى العاملة على جميع المستويات ربما، وهذا يتضمن توفر العمال الذين يختارون عدم الحجر الصحي على الرغم من المخاطر التي يتعرضون لها هم وأسرهم، وهو شيء منطقي في ظل حاجتهم الاقتصادية، وغضبهم الحتمي الذي يتراكم تحت الضغط.

تعاني صناعة المستحضرات الصيدلانية من هذه المشاكل أيضًا، بالإضافة إلى أن انهيار النظام سيكون كارثيًا.

 

تشمل صيانة محطات الطاقة العديد من الأشخاص، الذين يزدادون عندما يكون هناك مشكلة، وهذا يتطلب تسليم الوقود على طول خطوط الأنابيب التي يجب صيانتها، ومرافق التخزين والإنتاج. (نفس الأمر يسري على صيانة محطات تنقية المياه ومحطات الضخ وجميع الخدمات الأساسية الأخرى).

 

ويخلص "فريدمان"، بعد هذا الاستعراض، قائلا: "وجهة نظري ذات شقين؛ الأول، هو أن الحجر الصحي الكامل مستحيل، والثاني، أنه كلما كان الحجر الصحي أكثر صرامة، زاد الضغط الذي يمارسه على سلاسل التوريد الهشة والتي تدعم الحياة. تتطلب الأنظمة موظفين، ولا يمكن للموظفين تجنب الاتصال بالجمهور".

 

ويحذر خبراء من إمكانية انهيار سلاسل التوزيع، أمام أية تطورات درامية جديدة لوباء كورونا، لأنها تحتاج إلى جيوش من العمال للحفاظ عليها.

 

ويختتم الكاتب الأمريكي مخاوفه حول هذه المشكلة بالقول: "أنا أفترض أن هذا شيء تم حسابه وأنه من المفهوم أنه لا يمكن السماح لسلاسل التوريد هذه بالانهيار، وأنه من المفهوم أيضًا أن بقاءها سيحافظ على انتشار الفيروس إلى حد ما".

مقالات متعلقة