في قرية الديسمي جائحة السيول أشد وطأة على الأهالي من فيروس كورونا، فبعد انقضاء أسبوع من غرق القرية في أمطار عاصفة التنين الأخيرة، لا يزال السكان يعانون التشرد.
البيوت غرقت في مياه السيول، ولم يجد الأهالي بدًا من سكن المدارس في الصف، وفي سياق آخر تدور تحذيرات من تجمع قاطني قرية الديسمي خوفا من تفشي فيروس كورونا بينهم، غير أن هذه التخوفات لم تجد صدى لدى الأهالي فمصيبتهم في غرق منازلهم أعظم.
يطل عبد الله البحيري، أحد سكان قرية الديسمي، على منزله الغارق من حين لآخر، لعل المياه تتبخر لكن البيوت تسبح في مستنقع من مياه السيول فأنّى له السكن فيها؟!!.
مشاهد مفزعة
وفي تواصله مع «مصر العربية» يروي «عبد الله البحيري» مأساة قرية قضت تحت مياه الأمطار... يقول: «كانت ليلة لا تنسى.. المياه حاصرتنا من جانب، وتقطعت بنا السبل في النجاة».
وأضاف: بعد ساعة من الأمطار الغزيرة، تحولت القرية إلى بحور واسعة، وجرفت المياه سور منزلي، ولم أستطع حماية بيتي من العاصفة، "كنت أسبح في المياه لأنتقل من كان لآخر".
«حملتُ رضيعي وجريت».. هكذا تحكي "أم حنان" ربة منزل (34 عاما) من أهالي قرية الديسمي مشاهد الأمطار، تقول: أول شيء حدث: "السقف نقع" وبعدها كأن طوفانا أغرق القرية وما درينا بشيء حملتُ رضيعي وجريتُ وتركنا الماشية وكل شيء في البيت".
وتتابع السيدة الثلاثينية بقولها: "صرخات أهالي القرية لا أنساها الجميع هرول إلى مكان يحتمي فيها وكأن القيامة قد قامت"، لافتة إلى أن جيرانها احتموا بأحد المساجد".
يعود "البحيري" للحديث مشيرا إلى أن قوات الدفاع المدني وصلت القرية وعدد من منظمة الهلال الأحمر، وعلت نداءات الحماية المدنية بترك الأهالي لبيوتهم وإخلاء القرية.
المواطنون لم يستطعوا الخروج من منازلهم الغارقة إلا عن طريق مراكب الحماية المدنية.
"عيالي تاهوا مني في الهوجة" .. هكذا وصفت مديحة عبد الهادي الموقف، قائلة: "لما القرية غرقت جرينا كلنا زي ما يكون يوم الحشر، عيالي الاتنين تاهوا مني ولقناهم بعد 3 أيام في مدرسة في الصف".
غرق المقابر
يقول عبد ربه عبد السميع أحد أهالي القرية، مات أحد شباب القرية غرقا في اليوم الأول للعاصفة، ولم نستطع دفنه في مقابر القرية لأنها غرقت هي الأخرى، وبحثنا عن مكان جاف لدفن جثمان الشاب لكن كل الشوارع كانت غارقة في المياه وكل المناطق المحيطة بالمقابر كانت غارقة أيضًا.
وأكمل: "عبد ربه".. "واخيرا وجدنا مكان للدفن وتمكنا من دفن جثة الشاب".
ويواصل المواطن حديثه قائلا: "من رحمة ربنا بنا أن السيول كانت في الصباح، لأنها لو سقطت في الليل والناس نائمة ما نجا منها أحدا".
واستقبلت 3 مدارس في الصف سكان قرية الديسمي وهي (الصف الإعدادية بنين، الصنايع بنات، الخطوط صنايع) وصارت مأوى الأهالي تجتمع كل أسرة أو عائلة في كل فصل.
كانت الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قد نشرت مقطع فيديو رصدت من خلاله الجهود التى بذلتها الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة لإنقاذ وإغاثة المضارّين من سيول الأمطار فى بعض قرى مركز الصف جراء موجة الطقس الأخيرة.
ووفقًا لبيان صادر عن وزارة الداخلية ، فقد قامت أجهزة مديرية أمن الجيزة بإيفاد قافلة مساعدات إنسانية مصحوبة بوحدات إنقاذ من قوات الحماية المدنية وقوات التدخل السريع وسيارات النجدة لإغاثة ومساعدة المضارين والعالقين ببعض المنازل بقرى "الديسمى والودى والقبابات" بنطاق مركز الصف وانتشالهم منها، والعمل على تلافي وإصلاح تلك التلفيات بالتنسيق مع أجهزة المحافظة المعنية.
وجرى توزيع عددٍ من المساعدات الإنسانية العينية "بطاطين" بالمجان على المضارين من أهالي القريتين، ولاقى ذلك قبولًا واستحسانًا من الأهالي، وقدموا الشكر لأجهزة وزارة الداخلية مُشيدين بالجهود المبذولة فى التعامل مع تلك المواقف الطارئة.
وكان المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزارء، أعلن رصد ١٠٠ مليون جنيه للتعويضات على مستوى الجمهورية لتغطية الخسائر، وإعادة بناء المنازل وتعويض أصحاب المحاصيل والماشية.
وبلغ عدد الأسر المتضررة ٧٧٥٠ أسرة على مستوى الجمهورية وفقا لحصر الذى أجرته وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع وزارات الزراعة والري والصحة والسكان والإدارة المحلية والمحافظين.
وطمأن اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة أهالي قرية الديسمي قائلا: "لن نترككم ونبحث أفضل وسائل لتأمين حياتكم".
ووزعت مديرية التموين بالجيزة، 10 طن سلع غذائية وأكثر من 20 الاف رغيف خبز بمنطقة الديسمى بالصف، حيث تم توفير الخبز والسلع الأساسية للمتضررين من السيول بقرية الديسمى بالصف، وذلك بناء علي توجيهات ومتابعة اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة برفع المعاناة عن أهالي قرية الديسمي للمرة الثانية.
كما وزعت المديرية 3 أطنان أرز، و3 أطنان مكرونة، و3 أطنان سكر، وأكثر من 750 زجاجة زيت، و10 آلاف رغيف خبز بلدى، و10 آلاف خبز سياحى وفينو، وتم توفير 100 أسطوانة بوتاجاز للأهالي.
محافظ الجيزة يطمئن أهالي قرية الديسمي الغارقة