كورونا ومعلومات مضللة.. كيف أثارت تلك الخلطة السيئة خوف الناس؟

العالم يكافح فيروس كورونا

مع تفشي فيروس كورونا في العالم، كان واضحا أن السيناريوهات المتسارعة بشكل كبير أكبر من قدرة العديد من الحكومات على مجاراتها، بما في ذلك التعامل مع الوضع بشفافية كاملة، والتي كانت تقتضي تعطيل كل شئ يسير في تلك البلدان، وهو أمر لم يكن سهلا على الإطلاق.

 

لكن تسارع انتقال الفيروس وشراسته كان أكبر من قدرة الحكومات على محاولة التعايش مع الوضع، وأجبر العديد منها على الاعتراف بالامر الواقع، لقد بات من الضروري وقف كل شئ، وإلا ستنهار الدولة برمتها، وبدا واضحا أن الأزمة كبلت العالم بالكامل، تقريبا.

 

وتعد الحكومات متهمة بالتقليل من أهمية التأثير المحتمل للفيروس لأسباب سياسية واقتصادية.

 

تعتيم إيران

 

ربما لعبت الانتخابات البرلمانية الإيرانية في 21 فبراير الماضي دورا في نقل عدوى الفيروس بسرعة، وأدى خوف الحكومة من انخفاض إقبال الناخبين إلى عمل وسائل الإعلام التي تديرها الدولة على التقليل من خطورة الوضع، بالرغم من وجود أدلة على انتشار العدوى.

 

عندما كانت نسبة المشاركة في الانتخابات 42.6%، انتقد المرشد الإيراني الأعلى "علي خامنئي" في كلمة له يوم 23 فبراير "الأعداء" بسبب "الدعاية السلبية" التي أبقت الناخبين في منازلهم.

 

وقد حاولت البيانات العامة التي أدلى بها بعض المسؤولين أيضًا تهدئة المخاوف بشأن الفيروس، حيث وصف الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية انتقال الفيروس بأنه عامل خوف وليس تهديدًا، وفي مصر، ربما لعبت المخاوف بشأن تأثير الفيروس على صناعة السياحة دورًا في التقارير الحكومية الصامتة لفترة.

 

وكما رأينا في إيران ومصر ودول أخرى، تميل بعض الحكومات إلى الحد من الشفافية حول حالات التفشي للحفاظ على السيطرة ومظهر "العمل كالمعتاد".

 

لكن هذه المحاولات بدأت في الانهيار مع تفاقم الوضع.

 

يموت في إيران شخص واحد من المرض كل 10 دقائق، ومع ذلك، تواصل الحكومة السماح بتجمعات دينية واسعة النطاق في قم وتتلاعب بالأعداد الرسمية للقتلى والمصابين، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن صحيفة "نيويورك تايمز".

 

وقد حدت الاستجابات الأولية الصامتة والمشوهة من قدرة العاملين في المجال الطبي والمنظمات الدولية على تقييم الوباء والاستجابة له بشكل مناسب.

 

مهاجمة الخصوم

 

في الأسابيع الأخيرة، استفادت الحكومات الإقليمية والشخصيات الإعلامية من القلق العام ونقص المعلومات لمهاجمة المنافسين السياسيين.

 

وأصدرت وزارة الداخلية في البحرين، الجمعة، بيانا وصفت فيه وصول الفيروس من إيران إلى البحرين بأنه "شكل من أشكال العدوان المحظور دوليا".

 

وفي السعودية، صرح مجلس الوزراء، الذي يترأسه الملك "سلمان"، في اجتماع 10 مارس الجاري أن "إيران تتحمل المسؤولية المباشرة عن تفشي الفيروس".

 

ويقول مراقبون إن هذه التصريحات قد تؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية في الخليج المتوتر بالفعل، مع الحد من فرص التعاون الدولي بشأن الوباء.

 

كما تسبب الفيروس في توتر العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي أيضا.

 

وعلى تويتر، ألقت هاشتاجات مثل #قطر_هي_كورونا باللوم على قطر كمصدر للفيروس.

 

ونشأت عبارة "قطر هي كورونا" بسبب تغريدة كتبتها الكاتبة الأردنية في السعودية "نورة المطيري"، قالت فيها إن قطر مولت تطوير وانتشار الفيروس.

 

وبالرغم من أن "المطيري"، التي لديها أكثر من 200 ألف متابع على "تويتر"، زعمت لاحقًا أن التغريدة كانت سخرية، فقد تم استخدام الهاشتاج مئات المرات منذ ذلك الحين، مما أدى إلى تشويه الحقيقة وتفاقم الانقسامات.

 

كان مجلس التعاون الخليجي في حالة أزمة منذ عام 2017، عندما قطعت كتلة من الدول بقيادة السعودية والإمارات ومصر والبحرين العلاقات الدبلوماسية مع قطر وفرضت حصارًا عليها، بحجة دعم قطري مزعوم للجماعات الإرهابية.

 

ولعب اختراق وكالة الأنباء القطرية دورًا رئيسيًا في إشعال الأزمة، ومنذ ذلك الحين أصبحت حملات التضليل سمة متكررة للعلاقة بين قطر والكتلة الرباعية.

 

ووصلت عدوى كورونا إلى المنطقة بعد أسابيع فقط من انهيار المحادثات لحل أزمة دول مجلس التعاون الخليجي في أوائل فبراير الماضي، مما وفر فرصة جديدة لوسائل الإعلام عبر الإنترنت لإثارة الخلاف.

 

ليس الشرق الأوسط فقط

 

تضارب الحقائق وغياب الشفافية حول كورونا لم يقتصر على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث شارك "تشاو ليجيان"، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في نظرية مؤامرة مفادها أن الفيروس تم إنشاؤه في مختبر عسكري أمريكي.

 

كما كذب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" مرارًا وتكرارًا بشأن رد إدارته على الفيروس، وألقى باللوم في نقص الاختبارات على إدارة "أوباما".

 

ويرى المحلل الأمريكي "رايان جريس" أن المخاوف المتزايدة تتزايد باضطراد مع الروايات الكاذبة المحيطة بالفيروس مع التوترات السياسية القائمة، بينما تحجب هذه الروايات المخاطر الصحية المشروعة لملايين الناس.

 

ويضيف: يمثل الوباء المستمر قضية عالمية تتطلب تعاونا دوليا واستجابة سريعة، لكن السياسات التي تثير التوترات الإقليمية بينما تضلل الجمهور تزيد الأمور سوءا.

 

مقالات متعلقة