رغم ابتعادها قليلا في بداية انتشار فيروس كورونا داخل مدينة ووهان الصينية، إلا إنها وبعد أسابيع قليلة باتت قارة أوروبا الأكثر تضررا جراء انتشار الفيروس اللعين "كورونا".
القارة العجوز في ذهول، والتساؤلات تتسارع، ماذا يحدث للأنظمة الصحية في القارة الأوروبية؟ وكيف انهارت أسوار المناعة أمام فيروس كورونا المستجد حتى باتت معظم الدول الأوروبية "مكشوفة" أمام المرض القاتل؟
الوباء الأسود والذي بات العدو الأول للبشرية، لا يزال يوسع انتشاره في العالم حاصدا المزيد من الأرواح، حتى أصبحت أوروبا بؤرة وباء كورونا الحالية، وإيطاليا تحديدا تدفع أغلى الأثمان، وكذلك إسبانيا، وصولا لبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول.
وتئنّ أوروبا وجعًا تحت قبضة كورونا، والذي افترس الآلاف من سكانها، وتعيش سباقاً محموماً مع الوقت لإبطاء سرعة تفشّي الفيروس المستجدّ، الذي حصد أرواح الآلاف من البشر منذ انتشاره.
عداد الأرقام مستمر في تسجيلِ الوفيات والإصابات داخل القارة العجوز "أوروبا"، ليضع بقاء القارة أمام مصير مجهول.
ووفق تقارير إعلامية، فقد ازداد انتشار الوباء في الأيام الأخيرة داخل أوروبا، كانت أبرزها إيطاليا وإسبانيا.
مراقبون يرون أن الأوضاع سوف تتفاقم في قارة أوروبا خلال الفترة المقبلة، في حين تتوقع كلية لندن أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات وقائية في بريطانيا، فإن عدد المرضى سيفوق عدد الأسرّة المتوفرة في المستشفيات بأكثر من 30 ضعفاً، وهو ما بدأ يحدث بالفعل في إيطاليا، حيث لم يعد النظام الصحي قادراً على استيعاب العدد الكبير من المصابين، وفق ما جاء في تقارير إعلامية.
ويشير مراقبون إلى أن العامل الديموغرافي، وإن كان من المتوقع أن يعمق أزمة كورونا في أوروبا، إلا أنه ليس العامل الوحيد في هذه الأزمة، فهناك عوامل أخرى تؤثر على قدرات الدول في مواجهة الأوبئة، ومنها كفاءة النظام الصحي، وقدرة مؤسسات الدولة على فرض الالتزام بالإجراءات الوقائية، وثقافة المجتمع ووعيه، والقدرة على استيعاب الضغوط الاقتصادية التي ربما تنهك تلك الدول والتي سارعت مؤخرا لإنشاء صندوق لمساعدة الدول الأكثر تضررا من الفيروس المستجد.
وللوقوف على آخر تطورات الوباء كورونا داخل المدن والعواصم الأوروبية، سنجد أن إحصاءات حديثة، ظهرت اليوم الاثنين، أن عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في ألمانيا تجاوز 57 ألفا، كما زاد عدد الوفيات إلى 455.
وأوضح مسح لمعهد روبرت كوخ الألماني للأمراض المعدية أن عدد الإصابات زاد بواقع 4751 مقارنة مع اليوم السابق، بينما ارتفع عدد الوفيات 66، بحسب "رويترز".
وأغلقت ألمانيا، في منتصف مارس الجاري، المدارس والمحلات التجارية والمطاعم والملاعب والمنشآت الرياضية وأوقفت العديد من الشركات الإنتاج للمساعدة في إبطاء تفشي الفيروس.
على الجانب الآخر، سجلت إسبانيا قبل يوم حصيلة وفيات يومية قياسية، فخلال الساعات الـ24 الماضية سجّلت إسبانيا 838 وفاة بكورونا، في حصيلة قياسية جديدة لليوم الثالث على التوالي، ليرتفع بذلك عدد الوفيات في البلاد إلى أكثر من 6500.
وباتت إسبانيا في المرتبة الثانية عالميا في عدد الوفيات بعد إيطاليا، وزاد إجمالي الإصابات أيضا إلى 78797 من 72248 في اليوم السابق.
وفي إيطاليا، فقالت هيئة الحماية المدنية الإيطالية أمس الأحد إن عدد حالات الوفاة بسبب فيروس كورونا ارتفع 756 ليصبح 10779 حالة.
وعدد الوفيات في إيطاليا هو الأكبر بفارق كبير عن أي دولة أخرى في العالم ويمثل أكثر من ثلث إجمالي عدد الوفيات بسبب الفيروس على مستوى العالم.
وفي بريطانيا، قال وزير الإسكان البريطاني روبرت جنريك إن جميع أجزاء بريطانيا في وضع طوارئ بصورة لا مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية لخوض المعركة ضد فيروس كورونا، وإن مراكز للتنسيق الإستراتيجي أقيمت في مختلف أنحاء البلاد.
واتّخذ الإجراء وسط تحذيرات من أن معدلات الإصابات تزداد بشكل متسارع، بينما كشفت أرقام جديدة مؤخرا عن أن إجمالي عدد الوفيات بالفيروس بلغ 1228 وفاة في بريطانيا.
من جهتها، حذرت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية إيميلي دو مونشالان من تأثيرات سلبية محتملة لأزمة كورونا على العلاقات الأوروبية إذا لم يخرج الاتحاد الأوروبي من هذه الأزمة متحدا.
وقالت الوزيرة الفرنسية في تصريحات صحفية، إن "التضامن لا يمكن أن يستخدم كأداة.. من الأسهل أحيانا القيام بالدعاية و(إظهار) الصور الجميلة واستغلال ما يحصل.. أنا أحدّثكم عن الصين وروسيا".
واعتبرت إيميلي أنه يتعين على الصين وروسيا عدم استخدام المساعدة التي تقدمانها في سياق الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا أداة لغايات دعائية، بحسب وصفها.
وبشأن تداعيات أزمة كورونا على الاتحاد الأوروبي، قالت دو مونشالان "من الضروري أن نحضّر سوياً للخروج من الأزمة، للنهوض وللاستعداد للمرحلة الآتية، وعلينا إظهار أننا فعالون لأننا سنكون سوياً".
وقبل يوم، كانت سجلت بلجيكا، 1702 إصابة جديدة بكورونا، ليرتفع الإجمالي في البلاد، إلى 10 آلاف و836.
بينما ارتفعت إصابات كورونا في اليونان، إلى 1061 والوفيات 36، ما دفع وزارة الصحة للإعلان عن تشديد التدابير المتخذة ضد الفيروس، ومواصلتها لغاية منتصف أبريل المقبل.
وفي النمسا، فقد أعلنت وزارة الصحة ارتفاع إجمالي إصابات كورونا إلى 8 آلاف و291، والوفيات إلى 86، فيما تعافى 479 مصاباً بالفيروس.
بدورها، أعلنت وزارة الصحة في التشيك، إجراء فحوصات على 36 ألف و300 شخص في البلاد، ليبلغ إجمالي المصابين بالفيروس ألفين و663 والوفيات إلى 11 شخصا.
وفي المجر التي ارتفعت فيها الإصابات بكورونا إلى 408، بلغت فيها الوفيات 13 شخصاً، وسط إعلان الحكومة استيراد 27 طناً من المستلزمات الوقائية الطبية من الصين.
وفي سلوفاكيا، ارتفعت الإصابات بالفيروس إلى 292، فيما أعلنت الحكومة استيراد 2.2 مليون كمامة طبية ومليون وحدة اختبار سريعة للفيروس من الصين.
وكانت منظمة الصحة العالمية صنفت يوم 11 مارس الماضي، فيروس كورونا "وباء عالميا"، مؤكدة أن أرقام الإصابات ترتفع بسرعة كبيرة، معربة عن قلقها من احتمال تزايد المصابين بشكل كبير.
وعالميًا، تجاوزت الإصابات بفيروس كورونا المستجد الذي ظهر لأول مرة في وسط الصين نهاية العام الماضي، 700 ألف إصابة، و34 ألف حالة وفاة، فيما بلغ عدد المتعافين 151 ألف.
تجدر الإشارة إلى أن الفيروس الغامض "كورونا"ظهر في الصين، لأول مرة في 12 ديسمبر 2019، بمدينة ووهان، إلا أن بكين كشفت عنه رسميا منتصف يناير الماضي.
و"كورونا" عائلة من الفيروسات، غير أن 6 منها فقط تصيب البشر، والأخير الجديد هو السابع من بين ذات العائلة القاتلة التي أرهقت سكان الأرض.
ووفق إحصائيات دولية حتى اليوم، فإن مئات الآلاف أصيبوا بالفيروس التاجي حول العالم.