بينما يمكث السواد الأعظم من المواطنين في منازلهم، لتقليل الاحتكاك بالآخرين خوفًا من الإصابة بفيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 60 ألفًا حول العالم، يتجلى على النقيض مشهد آخر لأطباء وتمريض القوا بأنفسهم أمام خط النار بنفس راضية وبدافع المسئولية تجاه ابناء وطنهم والتزامًا منهم بقسم قاموا بأداءه حينما اختاروا الطب مهنة لهم، فمنهم من بات يواصل الليل بالنهار داخل بنايات المستشفيات لاستقبال المرضى بشكل عام في كافة التخصصات وضحايا كورونا بصفة خاصة.
"الجيش الأبيض.. خط الدفاع الأول"؛ بتلك الأوصاف بات يناديهم الجميع بعدما تحولوا لمحاربين في مواجهة شرسة إما أن تنتهي بالانتصار والتغلب على هذا الفيروس الفتاك أو الوصول لسيناريو سئ مرت به عدد من البلدان مثل ايطاليا واسبانيا وامريكا.
وأمام تلك المعركة التي يخوضها الجيش الأبيض لانقاذ الارواح، كان البعض من هولاء الأبطال تحول بين عشية وضحاها إلى ضحايا لفيروس كورونا، ابرزهم طبيب امتياز الدمرداش الذي انتقلت العدوى اليه من والده المصاب، و17 آخرين ما بين أطباء وتمريض معهد الأورام، فضلًا عن دكتور أحمد اللواح الذي تم تسجيله كأول طبيب يصاب بفيروس كورونا، وغيرهم، نرصد في هذا التقرير ابرز هؤلاء الضحايا من الجيش الأبيض المصري.
طبيب امتياز الدمرداش
تفاصيل واقعة اصابة طبيب امتياز مستشفى الدمرداش حسبما روتها جامعة عين شمس، فإنها جاءت على النحو التالي: يوم الجمعة الموافق 3 إبريل 2020، في تمام الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل، ابلغ الطبيب المقيم بقسم أمراض النساء والتوليد فريق مكافحة العدوى أن طبيب الامتياز قد تم ثبوت ايجابيته لتحليل كوفيد -19، وأنه تم حجزه بمستشفى العجوزة العام بعد أن كان متواجدًا لأداء عمله بكشك الولادة الخاص بحوادث الوحدة الرابعة يوم الأربعاء 1 إبريل وحتى الساعات الأولى من صباح يوم الخميس الموافق الثاني من إبريل، لاتخاذ اللازم وقام بعمل الآتي:
الاتصال بقطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة وفي تمام الساعة الواحدة صباحًا للتأكد من إيجابية تحليل طبيب الامتياز، وبالفعل أفادت بأنّ اسمه مدرج بكشوف الحالات الايجابية هو وبعض أفراد عائلته، وأن والد طبيب الامتياز وهو صيدلي توجه إلى مستشفى الحميات يوم الأربعاء الموافق 1 ابريل، إثر تعرضه لوعكة صحية وبعد سحب مسحات له جاءت النتيجة ايجابية لفيروس كوفيد -19.
تابعت الجامعة في بيانها : توجه فريق الترصد بالوزارة لسحب عينات لجميع أفراد الأسرة، وجاءت النتائج إيجابية لطبيب الامتياز وشقيقه، يوم الجمعة 3 ابريل، وعليه تمّ عزلهما في مستشفى العجوزة العام.
وبناء عليه نفذت إدارة المستشفى الإجراءات الآتية:
1- إغلاق الوحدة الرابعة تمامًا وعدم استقبال أي حالات جديدة حتى ظهور نتائج تحليل العاملين.
2- تنظيف وتطهير المستشفى بالكامل ورشها بالمطهرات وبالمعدات والفرق المدربة المختصة بذلك.
3- إيقاف العمليات واستقبال الحالات للقسم الذي عمل به طبيب الامتياز، والتي كان مقرّرًا لها كشف يوم السبت الموافق 4 أبريل لحين ظهور نتائج التحاليل.
4- حصر جميع المخالطين لطبيب الامتياز بالأماكن الذي تواجد بها من المرضى والأطباء والتمريض والعمال والإداريين وكان عددهم 79 مخالطًا لفحص تواجد فيروس كوفيد 19 يوم السبت 4 إبريل، إلى المعامل المركزية وجاءت جميع النتائج سلبية اليوم الأحد الساعة الثانية ظهرًا.
5- تم استكمال 69 عينة اضافية لبقية العاملين في المستشفى رغم عدم التخالط المباشر للطبيب المذكور والقيام بالتحليل لهم بالمعمل المرجعي بمستشفى عين شمس التخصصي وفي انتظار النتائج.
6- حصر اسماء المرضى المترددين على أكشاك الولادة يوم الأربعاء 1 إبريل 2020، ومن الذين خرجوا بعد الشفاء أو متابعة حتى تاريخ الإبلاغ بإصابة طبيب الامتياز، ورصد أرقام تليفوناتهم وإرسال بياناتهم إلى الطب الوقائي لعمل اللازم من اجراءات.
7- المتابعة والتأكيد على التزام جميع العاملين بإرتداء الواقيات الشخصية واتباع جميع سياسات مكافحة العدوى من قبل جميع العاملين والمترددين على المستشفى.
8- تم منح اجازة لبعض المخالطين الذين ثبت سلبية نتيجة تحاليلهم إلى أن يعاد التحليل لهم جميعًا مرة أخرى بعد 3 أيام لضمان سلبية النتائج.
أول وفاة لطبيب بكورونا
يذكر أن مصر أعلنت عن تسجيل أول حالة وفاة لطبيب مصري بفيروس كورونا المستجد، عقب انتقال العدوى إليه من جانب أحد المرضى ممن يتردَّدون على معمله، وتمّ عزله بمستشفى أبو خليفة بالإسماعيلية إلا أنّه فارق الحياة.
الطبيب يُدعى أحمد عبده اللواح، أستاذ التحاليل الطبية بجامعة الأزهر، وافته المنية في ساعة مبكرة من صباح الأثنين، عن عمر يناهز 57 عامًا إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد.
وأوضح الدكتور خالد مجاهد، مستشار وزيرة الصحة والسكان لشئون الإعلام والمتحدث الرسمي للوزارة، أنه فور الإبلاغ عن حالة الدكتور أحمد عبده اللواح، بأنها حرجه، وإيجابية لفيروس كورونا المستجد (كوفيد -19)، تم نقله إلى مستشفى التضامن ببورسعيد، وتم تجهيز غرفة استقبال الحالات الحرجة بقسم الطوارئ بجهاز تنفس صناعي، وماسك (cpap)، وكان في انتظاره طاقم طبي مكون من مدير المستشفى، وطبيب الرعاية المركزة وطبيب الطورائ، وطاقم التمريض المدرب على التعامل مع حالات كورونا المستجد.
وأضاف أنه تم التعامل مع الحالة، وإعطاء العلاج اللازم وفقًا لبروتوكولات العلاج المحدثة من وزارة الصحة لفيروس (كوفيد -19)، وبعد استقرارها حالته تم نقله إلى أحد مستشفيات العزل بمرافقة مدير مستشفي التضامن الذى أصر على مرافقة المريض، وعلى الفور تم وضعه على جهاز التنفس الصناعي، وتم تقديم الرعاية الطبية اللازمة له وفقًا لبروتوكولات العلاج، لافتًا إلى أن الحالة الصحية للطبيب شهدت تحسنًا ملحوظًا، إلا أنه حدث تدهور مفاجئ، ووافته المنية في تمام الساعة الثانية عشر وثلاثون دقيقة صباح الاثنين الموافق 30 مارس 2020.
اصابة 17 من أطباء وتمريض بمعهد الأورام
قبل اعلان اصابة طبيب امتياز الدمرادش بساعات، كان معهد الأورام سجل اصابة 17 من فريقه الطبي بفيروس كورونا ما بين تمريض وأطباء، وتم فتح تحقيق مع مدير المعهد للوقوف على الأسباب خاصة بعدما تضاربت الرواياتـ، التي تفيد علم الادارة بتلك الاصابات والتكتم عليها.
على الجانب الآخر؛ وجه عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية بالكشف على جميع العاملين والمرضي بمعهد الأورام والمخالطين لهم خلال الأسبوعين الماضيين، ممن ترددوا علي المعهد خلال تلك الفترة.
وكذلك حصر كافة المخالطين لأي حالات إيجابية للكشف الطبي عليهم، مع توفير الرعاية الكاملة لكافة الحالات المصابة من إجراءات طبية فورية للعزل والعلاج.
وكان من بين الأطباء الذين اصيبوا بفيروس كورونا وامتثلوا للشفاء أحمد عبد الله طبيب الأمراض الصدرية بمستشفى الصدر بدمياط، فضلًا عن إصابة ممرضة بمستشفى حميات إمبابة بفيروس كورونا المستجد.
وكانت نقابة تمريض اسكندرية كشفت في 27 مارس الماضي عن تواجد 18 اصابة بين فرق التمريض محتجزين في حجر العجمي بينهم: 7 من محافظة دمياط و10 من مستشفى الطلبة وممرضة من القاهرة
ممرض الأزهر
واعلنت جامعة الأزهر مساء السبت، اصابة ممرض بمستشفى تابع لها، مؤكدًة أن الممرض لم يحضر إلى المستشفى منذ 25 مارس الماضي، وكان قد خضع لعملية كلى بأحد المستشفيات الكبرى، وتبين اصابته بفيروس كورونا وعليه تم تحويله لمستشفى العزل، مشيرة أن جميع المخالطين له خضعوا للفحص.
ومن جانبها؛ سبق ووجهت نقابة الأطباء خطابًا لوزارة الصحة طالبت من خلاله امدادهم بكافة الحالات المصابة من الأطباء أولًا بأول حتى يتمكنوا من التواصل مع اسرهم ومساندتهم ودعمهم في اطار الدور المنوطين به.