كورونا ليس وصمة عار.. لهذه الاسباب يخفي البعض الإصابة بالفيروس

الخوف من كورونا في مصر

طبيبة تشكي تنمر جيرانها عليها ومحاولة طردها من السكن فقط لمجرد أنها تؤدي مهمتها في استقبال حالات الاشتباه بفيروس كورونا في مستشفيات حميات العباسية، آخرون يصيب الفيروس أحد أفراد أسرتهم فيخفون الأمر عن الناس، حتى إذا وارى الثرى، ذاع نبأ إصابته، وقد أصيب من أصيب فيمن خالطه قبل الموت وبعد الغسل والدفن.

 

 

ومن هنا تتسع دائرة الإصابات، فقط لأن أحدهم قرر أن يخفي أن ذلك الفيروس الغامض تسلل إلى جسده، فرغم أنه وباء عالمي، أصاب ما يزيد عن مليون و600 ألف شخص حول العالم، إلا أن البعض في قرى وأحياء مصر لايزال يتعامل معه على أنه "وصمة عار".

 

 

ولكن قد يصبح هؤلاء الذين يخشون وصمة "كورونا" مدانون بحكم القانون، فهما أمام جريمة عقوبتها بين أمرين إما غرامة أو حبس شهرين، وفقا لقرار وزارة الصحة والسكان رقم 145 لسنة 2020، الذي أدرج فيروس كورونا ضمن الأمراض المعدنية المبنية بالجدول الملحق بالقانون رقم 137 لسنة 1958.

 

وقبل الحديث عن الإجراءات والعقوبات القانونية المتبعة في حالة عدم الإبلاغ عن إصابة أحد الأشخاص بكورونا، أو الاشتباه في إصابته، نتحدث أولا عن الأسباب التي تدفع البعض لإخفاء الإصابة بالمرض. 

 

 

الجهل والتدين السطحي

 

الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السيسي، أرجع إخفاء البعض إصابتهم بفيروس كورونا، إلى عدة أسباب منها ما وصفه بـ"الجهل"، وآخر وصفه بـ"التدين السطحي"، إلى جانب الفقر والخوف على لقمة العيش.

 

 

يقول صادق لـ"مصر العربية" إن هناك جهل في بعض المناطق في مصر، مثل القرى الريفية والأحياء الشعبية والعشوائيات، يجعلهم يخشون الإعلان عن إصابتهم بالأمراض المعدية، حتى لا ينفر الناس منهم، ويصبحون في عزلة، أو خشية أن يتم فصلهم من أعمالهم. 

 

ويضيف أن حالة التنمر التي انتشرت مؤخرا على الأطباء والمصابين بكورونا والخشية من العدوى، يدفع البعض لإخفاء إصابته بالفيروس حتى لا يتعرض لهذا التنمر، مشيرا إلى أن العامل الأساسي وراء تلك الأزمة هو جهل الناس بالعلم. 

 

 

بعد آخر أرجعه صادق إلى سبب إخفاء البعض إصابتهم بكورونا، وهو ما وصفه بـ"الثقافة الدينية السطحية"، موضحا أن البعض يمشي بمبدأ "سبها على الله، المكتوب على الجبين هتشوفه العين، وحبة البركة هتقضي على كل حاجة"، وهو ما اعتبره نوع من التواكلية وليس تدين حقيقي، لأن الله تعالى قال "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".

 

وأشار أستاذ علم الاجتماع إلى أن البعض الآخر يعيش حالة من اللامبالاة، فهو لا يخشى الإصابة بالمرض ويستوي عنده الحياة والموت، لذا يكتم إصابته ويتحرك بين الناس، ويذهب إلى عمله، فهو ما يشغله فقط ألا يُطرد من عمله حتى يجد ما ينفق به على أسرته. 

 

 

هل إخفاء الإصابة جريمة؟

 

أما عما إذا كان إخفاء الإصابة بفيروس كورونا جريمة يعاقب عليها القانون، يقول فؤاد عبد النبي، الفقيه الدستوري، إن الأصل أن إخفاء المرض ليس جريمة، لأن الجريمة تقتضي فعل يخالف القانون، أما إخفاء المرض من إعلانه فهو حرية متروكة للشخص. 

 

وأضاف عبد النبي لـ"مصر العربية"، أنه بالنسبة لأن كورونا يعد وباء، فقد استندت وزارة الصحة في قرارها إدراج كورونا ضمن الأمراض المعدية، إلى قرار صدر في عهد عبد الناصر، يتعلق بالكوليرا وغيرها من الأوبئة والأمراض المعدية. 

 

 

وأوضح أنه عبد الناصر أصدر القرار الذي رقم يحمل رقم 137 لسنة 1958، وكان ذلك وقت أيام طواريء على خليفة الكوليرا، فكان لابد من أن يخرج تشريع يتناسب مع الظروف حينها.

 

وأرجع سبب إخفاء البعض للإصابة بفيروس كورونا إلى وجود عاملين من غيابهما هما الثقافة والدين عند الشعب، موضحا أن الإيمان بالقضاء والقدر والابتلاء هو الذي يجعل الشخص يتقبل المرض والتصريح به، أو إخفائه خشية ردة فعل الناس.

 

وأشار الفقيه الدستوري إلى أن وجهة نظره القانونية والشخصية، إن إخفاء الإصابة بفيروس كورونا ليست جريمة بعاقب عليها القانون، موضحا أنه لا عقاب إلا جريمة، ولم نصل لاعتبار كورونا جريمة، وإنما هي ابتلاء، يعلن صاحبه الإصابة به أو لا، فهذا يرجع لمحض إراداته الخاصة، إذا كان يريد أن يموت أو لا .

 

وأما عن خطورة الإصابة على المحيطين والمخالطين، فقال عبد النبي، إنه من واجب الشخص ألا يعرض حياة الآخرين لخطر العدوى، وهذا يرجع إلى الضمير والأخلاق والدين، بعد إلحاق الضرر بالآخرين، وتهديد سلامتهم.

 

قرار الأمراض المعدية  

 

في عام 1958 صدر قرار يحمل رقم 137 لسنة 1958، إبان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية.

 

وتضمن القرار تطبيق أحكام المراقبة والإجراءات الوقائية والعقوبات الجنائية المنصوص عليها في هذا القانون، وجاء في القسم الأول من الأمراض المعدية والوبائية الكثير، ومنها "الكوليرا والطاعون والتيفوس، والجدري، والجمرة الخبيثة، والحمى الراجحة، والحمى الصفراء". 

 

أجاز هذا القرار في مادته العاشرة، لوزير الصحة العمومية أن يصدر القرارات اللازمة لعزل أو رقابة أو ملاحظة الأشخاص والحيوانات القادمة من الخارج،  كما يصدر القرارات التي تحدد الاشتراطات الصحية الواجب توافرها لدخول البضائع أو الأشياء المستوردة من الخارج لمنع انتشار الأمراض المعدية.

 

وبناء على هذا القرار  أصدرت وزيرة الصحة الدكتور هالة زايد، قرار  رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٢٠، المنشور في  الجريدة الرسمية بتاريخ 1 إبريل 2020،  وهو يقضي بإدراج فيروس كورونا ضمن الأمراض المعدية.

 

العقوبة في القانون  

 

وعن العقوبة القانونية في حالة إخفاء إصابة أحد الأشخاص بفيروس كورونا، أو الإشتباه في إصابته، فبموجب قرار الصحة باعتبار كورونا ضمن الأمراض المعدية، فسيخضع أيضا للأحكام والعقوبات التي نص عليها ذات القرار بشأن إخفاء الإصابة. 

 

وقد حددت المادتين 25 و26، من القرار رقم 137 لسنة 1958، أن مخالفة الأحكام الواردة في هذا القانون، يُعاقب عليها بالغرامة أو الحبس لمدة لا تتجاوز الشهرين.

 

يذكر أن تلك المادتين جاءت متوافقة مع تلك الحقبة التي صدر فيها القانون، فيما يتعلق بقيمة الغرامة المالية، فلم يصدر تشريع جديد هذه الأيام بشأن عقوبة إخفاء فيروس كورونا.

 

 

على الآتي :"إذا أصيب شخص أو اشتبه في إصابته بأحد الأمراض المعدية وجب الإبلاغ عنه خلال 24 ساعة إلى طبيب الصحة المختص، وفي النواحي التي ليس بها طبيب صحة يكون الإبلاغ للسلطة الإدارية التي يقع في دائرتها محل إقامة المريض.

 

وقد حددت المادة الثانية عشر من القرار 137 لسنة 1958، الجهات المسؤولة عن الإبلاغ عن حالات الاشتباه أو الإصابة بفيروس كورونا، كالآتي : 

 

- كل طبيب شاهد الحالة.

-رب أسرة المريض أو من يعوله أو يأويه أو من يقوم على خدمته.

-القائم بإدارة العمل أو المؤسسة

-قائد وسيلة النقل إذا ظهر المرض أو اشتبه فيه أثناء وجود المريض في مكان منها.

-العمدة أو الشيخ أو ممثل الجهة الإداري.

مقالات متعلقة