كورونا والمنطقة العربية.. فرصة للنجاح أم ملح على الجراح؟ (تحليل)

مخاوف من انتشار فيروس كورونا الجديد

انتشر وباء "كورونا" في جميع أنحاء العالم في وقت كانت فيه المنطقة العربية بالفعل تحت ضغط كبير بسبب ضعف أنظمة الحماية الاجتماعية وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.

 

وتعتبر هذه هي بعض العوامل التي أدت إلى الثورات والتعبئة الاجتماعية الواسعة ضد الأنظمة في العديد من البلدان خلال العقد الحالي.

 

إن الانتشار الواسع النطاق للوباء سيكون له آثار سياسية واقتصادية وأمنية من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار في هذه المنطقة المضطربة.

 

حتى الآن، تفاوتت الاستجابة للوباء بشكل كبير عبر الشرق الأوسط ودول المغرب العربي، بالرغم أن معظمها اتخذ تدابير وقائية تشمل العزل الاجتماعي ودعم النشاط الاقتصادي.

 

انتشار محدود

 

رغم أن البيانات الرسمية تشير إلى انتشار محدود للوباء مقارنة بمناطق أخرى من العالم، إلا أن الحكومات العربية تدرك أن بعض أكبر بؤر التفشي موجودة في جوارها المباشر في دول مثل إيطاليا وإسبانيا وإيران.

 

بالإضافة إلى ذلك، تتمتع المنطقة بعلاقات تجارية وجيوسياسية وثيقة مع دول في أمريكا الشمالية وشرق آسيا، حيث لا يزال الفيروس موجودًا أو يتوسع. علاوة على ذلك، يجب توخي الحذر عند أخذ البيانات الرسمية التي تقدمها الحكومات العربية، وذلك بسبب إخفاء المعلومات بشكل كبير وبسبب ندرة وسائل الكشف عن حالات الإصابة وأسباب الوفيات.

 

ويرى تقرير نشره معهد "إلكانو" الإسباني، أنه لا يزال من المبكر التكهن بتأثير الوباء على الشرق الأوسط والمغرب العربي، ولكن هناك بالفعل أدلة كافية على أنه، على أقل تقدير، سيكون له تكلفة اقتصادية عالية في العديد من المجالات الاجتماعية والسياسية.

 

خياران كلاهما مر

 

وإلى أن يتم تسويق لقاح فعال ضد الوباء، تواجه الدول العربية، مثل دول أخرى كثيرة في العالم، معضلة كبيرة؛ فإما أن تخفف من تدابير الوقاية التي لها تكلفة اجتماعية واقتصادية عالية، مما يسمح بمزيد من الإصابات والوفيات، أو تحافظ على التدابير بينما يتدهور الاقتصاد وتزداد الاضطرابات الاجتماعية.

 

وفي ظل عدم وجود آليات للمشاركة السياسية من قبل الشعوب ومساءلة من هم في السلطة، قد تؤدي إدارة الطوارئ إلى مزيد من الضغط على العلاقة بين الدولة والمجتمع.

 

ويقول تقرير "إلكانو": سوف تكون النتيجة النهائية لهذه الأزمة بالنسبة للدول العربية مشروطة بعدة عوامل مثل مدة حالة الطوارئ الصحية الدولية، وفعالية سياسات الدول في التخفيف من الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وتصور المواطنين تجاه إدارة حكامهم للأزمة.

 

ومع ذلك، فإن العديد من العوامل التي ستحدد نهاية الأزمة لا تتحكم فيها الحكومات العربية، لأنها تعتمد على الوضع العالمي الذي يحدد بدوره العديد من مصادر دخلها (الطاقة والتجارة والسياحة والنقل وما إلى ذلك).

 

ويقول محللون إنه، وبالرغم أن "كورونا" قد يعزز المشكلات ويضاعف الصراعات في المنطقة العربية، إلا أنه يمكن أن يوفر أيضًا فرصة لزيادة التعاون الإقليمي، والتحرك نحو الحكم الرشيد وتغيير مسار الصراع المسلح الذي ابتليت به عدة دول في المنطقة.

 

من المتوقع أن الوباء الناجم عن الفيروس لن يكون آخر التحديات العالمية التي ستواجهها الأجيال الشابة في الدول العربية، مما يجعل العمل معا أكثر إلحاحا للاستعداد بشكل أفضل لمواجهة التحديات العالمية.

 

ربما تكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ الدول العربية التي تواجه فيه عدو مشترك لا يأتي من دولة أو جيش.

 

وبالمثل، لا توجد سوابق لتهديد مشترك لا ينبثق من صراعات السلطة أو التحالفات التي تمليها الجغرافيا السياسية.

 

طريقة التعامل

 

ستشكل الطريقة التي تدير بها الدول العربية الأزمة الصحية والاقتصادية الناتجة عن الوباء مستقبل المنطقة، وستكون لها آثار قوية على جوارها.

 

وإذا كانت الأنظمة قادرة على إدارة مثل هذه الأزمات مع بعض النجاح، فمن الممكن أن تستفيد عند الخروج من هذا الوضع.

 

وعلى العكس، إذا لجأت هذه الدول إلى التكتيكات المعتادة في المنطقة عند التعامل مع الكوارث (إنكار الأدلة، وتقديم ردود غير منسقة ومتأخرة، والسعي لإلقاء اللوم على الخارج وإطلاق العنان لشخصيتهم الاستبدادية)، فيمكننا أن نتوقع أن الوباء سوف يفاقم الخلافات وسيعمق مشاكل المنطقة.

مقالات متعلقة