حرم فيروس كورونا المستجد، ملايين المسلمين حول العالم من أداء مناسك العمرة خلال الشهور الماضية، لذا اقترح عدد من قيادات المؤسسات الإسلامية، على المواطنين الذين كانوا ينوون أداء العمرة هذا العام بالتبرع بقيمتها للفقراء والمتضررين من تداعيات أزمة كورونا، بعدما قررت المملكة العربية السعودية تأجيل هذه الشعيرة، مؤكدين أن الصدقة فى هذا التوقيت أولى وأعلى ثوابا عند الله من الحج أو العمرة.
فى أواخر شهر فبراير الماضى قررت المملكة العربية السعودية، تعليق الدخول إلى البلاد لأغراض العمرة، وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتاً، خوفًا من تسلل الوباء داخل المملكة، وفى الرابع من مارس أوقفت العمرة للمواطنين والمقيمين داخل البلاد بناء على توصية اللجنة المعنية بمتابعة مستجدات الوضع الوبائي لـ(19-COVID).
وتمهّد السلطات السعودية لإلغاء موسم الحج للمرة الأولى منذ عام 1798، حيث اقترحت على المسلمين تأخير خطط زيارة مكة، وفرضت الإغلاق الكامل على مكة والمدينة المنور، كما فرضوا قيودًا واسعة النطاق على الحركة داخل المملكة جزئيًاً على أمل احتواء الفيروس.
ومن جانبه ناشد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، اليوم الإثنين، مَن كانوا ينوون أداء العمرة هذا العام، أن يتبرعوا بقيمتها للفقراء والمحتاجين والمتضررين من العمالة اليومية، بعد أن قررت السلطات السعودية تأجيل العمرة.
وأكد مفتى الجمهورية، أن التصدق في وقت الأزمات وفك كربات المحتاجين أرجى للثواب عند الله سبحانه وتعالى، في ظل ما تشهده مصر والعالم من جائحة فيروس كورونا القاتل، وما خلفته الأزمة من تداعيات اقتصادية أليمة تضرر منها كثير من الفقراء والعمالة غير المنتظمة.
وتبنت دار الإفتاء المصرية، مؤخرا حملة لدعوة المعتمرين الذين حالت الظروف دون أدائهم المناسك، لكي يتصدقوا بتكلفة العمرة، وأصدرت وحدة الرسوم المتحركة بالدار فيديو موشن جرافيك جديدًا، بعنوان: "الصدقة أولى".
وقالت الدار، في فيديو الرسوم المتحركة، إنه في ظل انتشار الوباء العالمي كورونا والتزامًا بتعليمات السلطات السعودية بتأجيل العمرة، فقد راعت الشريعة الإسلامية في مقاصدها الكلية المصلحةَ العامة، وقدمتها على المصالح الخاصة.
وأضافت الدار أنه في هذا العصر الذي كثرت فيه المشكلات الاقتصادية، وانتشرت مظاهر الفقر، فإن كفاية الفقراء، وكفالة الأيتام، وعلاج المرضى، وسداد ديون الغارمين، وغير ذلك من وجوه تفريج كربات الناس وسد حاجتهم، كل ذلك مقدم على نافلة الحج والعمرة وأكثر ثوابًا.
واستشهدت الدار في الفيديو بقول النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: "أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا".
وبدوره أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أنه يجوز إلغاء العمرة والحج فى حالة انتشار الوباء خوفا على سلامة المواطنين.
وكان وزير الأوقاف ألغى جميع بعثات الحج التى كانت مقررة هذا العام على نفقة الوزارة، وأمر بتوجيه ما كان مخصصًا لذلك لمساعدة المتضررين من آثار فيروس كورونا من الأسر الأولى بالرعاية التى تأثر عائلوها بالآثار المترتبة على انتشار الفيروس عالميا.
وقرر مختار جمعة تخصيص خمسين مليون جنيه من باب البر للمتضررين من آثار فيروس كورونا، وسيتم ذلك من خلال التنسيق مع مجلس الوزراء، كما وجه بصرف ستة ملايين جنيه كدفعة جديدة من الإعانات للأسر الأولى بالرعاية وأصحاب الأمراض المزمنة والمرأة المعيلة المسجلين على قوائم البر بإدارات البر بمديريات الأوقاف على مستوى الجمهورية، وذلك قبل شهر رمضان المعظم 1441هـ ، إسهامًا من الأوقاف في التخفيف عن الأسر الأكثر احتياجًا في ظل الظروف الراهنة.
وأشار الوزير إلى أن مساعدة المتضررين من فيروس كورونا أولوية مقدمة على حج النافلة أو حتى حج غير المستطيع الفريضة على نفقة الوزارة، وذلك أن الحج غير واجب على غير المستطيع ماليا وبدنيا، وأن توفير ما يحفظ قوام الحياة للناس مقدم على غيره من الأعمال.
وأهاب جمعة، بكل من كان قد نوى حج النافلة أو أداء العمرة هذا العام أن تعيد ترتيب أولوياته، وأن يجعل ما كان سينفقه فى حج النافلة أو أداء العمرة فى مساعدة الفقراء والمحتاجين والمتضررين من آثار انتشار فيروس كورونا، ولاسيما من فقدوا فرصة عملهم من العمالة غير المنتظمة من عمال اليومية ومن فى حكمهم من العاملين بالمجالات التى تأثرت بالظروف الحالية.
وقال : "أن هناك الكثير ممن تركوا أعمالهم ويستحقون المساعدة الحقيقية، مطالبا كل من أراد أن يذهب إلى الحج أو العمرة أن يخصص هذه المبالغ إلى دعم المحتاجين في هذه الفترة العصيبة"، مؤكدا أن مساعدة المحتاجين والمتضررين من آثار كورونا أولى وأفضل وأعلى ثوابًا وأعظم أجرًا عند الله سبحانه وتعالى.