في خطوة توقعها البعض، وبعد أيام من كيل الاتهامات الأمريكية لمنظمة الصحة العالمية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعليق مساهمة بلاده المالية في ميزانية الهيئة الدولية التي تكافح مع آخرين فيروس كورونا المستجد.
الخطوة الأمريكية الجديدة تجاه المنظمة الصحية الأولى في العالم، أثارت ردود فعل رافضة للقرار الأمريكي، والذي وصفه البعض بالانتقام.
وقبل ساعات، قال ترامب -خلال مؤتمره الصحافي اليومي في البيت الأبيض بشأن تطورات وباء كورونا- "إنني اليوم آمر بتعليق تمويل منظمة الصحة العالمية، في الوقت الذي يتم فيه إجراء مراجعة لتقييم دور المنظمة في سوء الإدارة الشديد والتعتيم على تفشي فيروس كورونا المستجد".
ووجّه الرئيس الأمريكي لائحة اتهام مطولة إلى المنظمة الأممية، وقال إن "العالم تلقّى الكثير من المعلومات الخاطئة حول انتقال العدوى والوفيات" الناجمة عن الوباء.
وتعليقا على قرار ترامب، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أن هذا "ليس الوقت المناسب" لخفض موارد منظمة الصحة العالمية، مؤكدا في المقابل أن "هذا وقت الوحدة وعلى المجتمع الدولي العمل معا في تضامن لوقف الفيروس وتبعاته المدمرة".
وكانت إدارة ترامب وحلفاؤها الجمهوريون قد صعّدوا قبل أيام في الكونجرس الضغوط على المنظمة التي اتهمتها واشنطن بالتقاعس في التعامل مع أزمة كورونا.
وقد رد مدير المنظمة تيدروس أدهانوم جيبريسوس على الانتقادات الأمريكية، ودعا قادة العالم إلى عدم تسييس الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، قائلا إنه يتوقع استمرار التمويل الأمريكي بالدعم التقليدي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
لكن بعد الهجوم الذي شنه الرئيس ترامب على المنظمة واتهامه لها بالانحياز إلى الصين التي انطلق منها الوباء، وجّهت إدارته في التاسع من الشهر الجاري "لائحة اتهامات" تفصيلية للمنظمة التابعة للأمم المتحدة.
وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية إن تصرفات منظمة الصحة العالمية أدت إلى إهدار أرواح بشرية، بحسب تعبيره.
وأضاف المتحدث أن المنظمة تأخرت في إدراك خطورة الأزمة، إذ لم تعلن أن فيروس كورونا المستجد وباء عالمي إلا يوم 11 مارس الماضي، في حين أن الصين أبلغتها بتفشي الفيروس في ديسمبر 2019.
واعتبر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن منظمة الصحة العالمية وضعت مرة أخرى السياسة قبل مصلحة الصحة العامة، تماما كما تفعل بشأن وضع تايوان كمراقب في المنظمة منذ عام 2016، على حد قوله.
ووفق أرقام رسمية أمريكية، تساهم واشنطن بنحو 400 مليون دولار، وهو ما يعادل 15% من ميزانية منظمة الصحة العالمية.
من جهتها، وعن توقعات خسارة المنظمة من قرار ترامب، فقد نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمريكي كبير القول، إن تعليق المساهمة الأمريكية في ميزانية منظمة الصحة العالمية سيدخل حيز التنفيذ فورا، مما يعني أن التأثير سيكون سريعا على أنشطة المنظمة.
وتدفع واشنطن نحو 20 بالمئة من إجمالي ميزانية الصحة العالمية بحسب بيانات الأخيرة، مما يعني أنها المانح الأكبر لها، وغيابها يعني أن المنظمة ستواجه نقصا كبيرا في التمويل.
وكانت الولايات المتحدة قدمت مبلغ 453 مليون دولار للمنظمة خلال السنة المالية 2019، وهو 10 أضعاف ما قدمته الصين.
وأشار المسؤول إلى أن إدارة ترامب ستناقش توجيه الأموال التي كانت ستذهب إلى المنظمة الصحة العالمية.
وتتلقى المنظمة الدولية أموالا من وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الصحة ووكالات أخرى، مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد)"
واستخدمت هذه الأموال الأمريكية للمساعدة في مكافحة شلل الأطفال في إفريقيا، ودعم خدمات صحية وغذائية أخرى.
وفي عام 2020، ستكون الحصة الأمريكية أقل بقليل من 116 مليون دولار، بحسب "وول ستريت جورنال"، وذلك بعد أن اقترحت إدارة ترامب في فبراير الماضي خفضا للمساهمة الأمريكية في تمويل المنظمة الدولية.
وبحسب الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية، فإن الميزانية المتوقعة للعام المالي 2020-2021 هو 4.8 مليار دولار.
وتعتمد منظمة الصحة العالمية على مساهمة طوعية تتقدم بها الدول، فوق المساهمات المقدرة، فعلى المثال قدمت واشنطن في 2017 مساهمة طوعية قدرها 400 مليون دولار، بحسب تحليل مؤسسة "كايزر فاميلي".
وفي ظل قرار ترامب الحالي، فلا يتوقع أن تكون هناك ميزانية أمريكية طوعية صوب المؤسسة، مما قد يعطل بعض البرامج في ظل أزمة وباء كورونا.
وأبدى الديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي اعتراضهم على قرار ترامب، إذ قالوا إنه لا يمكنه قطع تمويل المنظمة العالمية بمفرده.
لكن مسؤولين في مكتب الميزانية بالبيت الأبيض قالوا إن لدى ترامب خيارات أخرى، مثل مطالبة الوكالة الأمريكية المعنية إعادة توجيه الأموال إلى أغراض صحية بعينها.
وانتشر الفيروس حتى الآن في 210 دول، حيث تخطت الإصابات حاجز الـ 2 مليون حالة والوفيات 126 ألف شخص، وتم شفاء ما يقارب 467 ألف حالة.
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية، أكبر بؤرة للفيروس القاتل في العالم، تليها الدول الأوروبية وعلى رأسها إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا.
تجدر الإشارة إلى أن الفيروس الغامض "كورونا"ظهر في الصين، لأول مرة في 12 ديسمبر 2019، بمدينة ووهان، إلا أن بكين كشفت عنه رسميا منتصف يناير الماضي.
وتتخذ الدول المتضررة من الفيروس التاجي المزيد من التدابير للحد من انتشار المرض وحث الناس على البقاء في منازلهم ليكونوا آمنين وكذلك تخفيف الضغط على أنظمة الرعاية الصحية وسط الأزمة.
وتعد جائحة "كورونا" عائلة من الفيروسات القاتلة التي أرهقت سكان الأرض على مدار أشهر.
وتعيش غالبية مدن وعواصم العالم حالة رعب وذعر نتيجة الانتشار المخيف الذي سببه فيروس كورونا (كوفيد 19) القاتل.