في زمن كورونا| عزومات رمضان تختفي.. وفتيات: «مش هنغسل مواعين

عزومات رمضان - صورة ارشيفية

"في التباعد حياة" شعار رفعته بعض وسائل الإعلام كنوع من التوعية بأهمية التباعد الاجتماعي والجسدي للوقاية من فيروس كورونا المستجد، فكيف سيكون حال هذا الشعار من "عزومات رمضان" تلك التي ينتظرها الكثير من العائلات والأصدقاء من العام للعام؟.

 

 

ما أن تحل نسائم شهر رمضان يأخذنا الحنين إلى لمة العائلة في ليالي الشهر المبارك، وعزومات الأهل والأقاب والأصدقاء، التي اعتادنا عليها منذ قديم الزمان، والتي تعد لها ربات البيوت حتى قبل حلول الشهر الكريم.

 

 

ولكن في في زمن كورونا، بدأ الحزن يتسلل إلى بعض البيوت التي اعتادت أن تمتلأ أركانها بأفراد العائلة ويتعالى فيها ضجيج الأطفال وصراخهم وهم يلعبون بعد الإفطار، واللمة أمام المسلسلات، وصلاة التراويح جماعة بعد العشاء، فبعد أن كانت تلك التجمعات مصدر بهجتهم في رمضان، باتت خطرا قد يطيح بالجميع.

 

 

العزومة بـ "تحويشة العام"

 

قبل أيام من قدوم رمضان كان يقتطع كمال النجار، سائق،  جزء من "تحويشة العام" التي يدخرها لتعليم أولاده وكسوتهم في الأعياد والمناسبات، وجهاز ابنته العروس، لينفق منها على عزومة رمضان.

 

ورغم ضيق الحال والمعيشة، وما تكلفه "عزومة رمضان" من مبالغ مالية كبيرة، إلا أن النجار يقول "قلبي بيوجعني.. لما بفتكر إن مش هيبقى في عزومات السنة دي ببكي، دي عادة عودنا عليها أبويا الله يرحمه وأنا ماشي عليها من بعده، بجمع أخواتي كلهم كل سنة ويفضل بيت أبوهم مفتوح".

 

 

 

 

وأما عن النجار فهو لا يمانع أن يعد مائدة عزومة رمضان ويدعو إليها أشقائه وأسرهم، ولكنه في حديثه لإحدى شقيقاتها استشعر منها أنها تخشى من التجمعات لأن أطفالها صغار، لذا تراجع عن العزومة، ولكنه يعزم أن يعقدها إذا ما رحل الوباء، حتى إن كان في موعد غير رمضان.

 

وعلى النقيض من النجار، فإن أبو السعود أمين، موظف بإحدى الهيئات الحكومية، يقول إنه سعيد أنه لن يكون هناك فرصة لعزومات رمضان هذا العام، مضيفا :"العزومة دي كانت بتكلفني تحويشة السنة كلها، بتعدي الألفين والتلت آلاف جنيه، بس الحمد له السنادي مفيش عزومات".

 

عادة..سبوها على الله

 

سامية محمد، ربة منزل، تقول إنهم اعتادوا على تجمع العائلة للإفطار في أحد أيام رمضان، يجتمع كل أفراد عائلتهم فوفق سطح منزل الجدة، حتى يتسع للجميع، إذ يزيد عددهم عن الثلاثون شخصا، فالخالات والخلان يأتون بأزواجهم وأطفالهم، ولا تدري إذا ما كان سيجتمعون هذا العام أم لا.

 

ترى سامية أنه لا مانع من عزومة رمضان العائلية، فهي لا تتخيل أن يأتي شهر رمضان الكريم ويمضي دون لمة العائلة، تلك المناسبة التي تنتظرها من العام للعام، حتى يصل أولادها الود مع أبناء أخوالهم وأعمامهم، مضيفة "مجتش على اليوم هو اللي هيجيب العدوى، ما الزحمة أهي في كل مكان".

 

منار رضا، رغم إنها ضد أن يكون هناك عزومات رمضان، إلا أنها تحمل هم زعل العائلة، قائلة "أهلي زعلانين مني إني بقولهم بلاش عزومات السنة دي، بيقول لي دي عادات من آلالاف السنين، مش هتيجوا انتوا تغيروها، سبوها على الله مفيش حاجة هتحصل".

 

 

حظر كلي

 

وتقول مروة منتصر، إن من لديه وعي يعلم أن عزومات رمضان، فيها خطر على حياتهم، لأنه قد يكون أحد أفراد العائلة مُصاب بالفيروس ولا يدري، فتنتقل العدوى لجميع الحاضرين، مشيرة إلى أن الكثير ممن كانوا خارج البلاد عادوا قبل شهر رمضان، وبالتالي تزيد نسبة الخطورة، لأنهم قد يكونوا مصابون.

 

لم تكتف مروة بأنها لن تذهب لعزومات رمضان إذا ما دُعت إليها، ولكنها تطالب أيضا بأن يكون هناك حظر كلي في رمضان، أو زيادة ساعات حظر التجوال، ليبدأ مبكرا من الخامسة عصرا أو قبلها، حتى لا يكون هناك فرصة للتنقل.

 

وأشارت إلى أنه في ظل الحظر معنى هذا أن الأمر لم يتوقف على عزومة الإفطار، ولكنه سيمتد للسحور والبيات، نظرا لحظر التنقل والمواصلات في المساء.

 

أما سمر أحمد، أم لثلاثة أطفال، فترى أنه لابد من إلغاء عزومات رمضان، فهي إن ذهبت ستكون حياتها وأطفالها في خطر، وإن لم تذهب ستصبح موضع نقد وسخرية من أسرتها، التي ستغضب حتما عليها وتتهمها بأنها لا تحبهم ولا تريد ودهم.

 

تقول سمر، إنا لم تذهب لزيارة والدتها منذ أكثر من شهرين، وكذلك هي لم تزورها، فهي تخشى من أن تعرض أطفالها للعدوى أثناء التنقل بين المواصلات، مشيرة إلى أن هذا تسبب في شحناء بينها وبين أمها.

 

فرحة إلغاء العزومة "مفيش مواعين"

 

وكما يقول مطلع الأغنية "كل يغني على ليلا"، فبينما هناك من يحزن على غياب عادة الأجداد ولمة العائلة، هناك بعض الفتيات التي تهلل لغياب عزومات رمضان هذا العام، أولئك الذين كانوا يحملون على عاتقهم تحضير الوجبات وغسل الأطباق "المواعين".

 

 

فتقول شيماء علي، 23 عاما، إنها كادت ترقص فرحا حين علمت من والدها أنه سيلغي عزومة رمضان، مضيفة "كنت بقف في المطبخ قبلها بيومين أحضر الأكل وافضل في مواعين العزومة لتاني يوم، وافضل الف في الشقة انضفها قبل وبعد ما الضيوف يمشوا".

 

فيما بدت الفرحة على صوت ياسمين محمد، وهي تقول "مش قادرة أوصف كم الراحة النفسية والسلام الداخلي اللي حاسة به إن مفيش عزومة رمضان السنة دي، ومش هيبقى في وش الأطفال، والمواعين والتنضيف".

 

مقالات متعلقة