ما إن يدخل شهر رمضان الكريم إلا ويدور نقاش طويل بين جميع المسلمين حول: متى يصوم الناس؟ هل يصومون برؤية الهلال أم على الحساب الفلكي؟
والذي يخرجنا من ذلك الجدال كله، ويريح نفوسنا هو معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في استقبال هذا الشهر، وكيف كان يصومه
ولأهمية المواقيت والأهلة علق الله سبحانه وتعالى أحكاماً شرعية بمسمى الهلال والشهر، كالصوم والفطر والنحر، فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}. فبين سبحانه أن الأهلة مواقيت للناس والحج.
وعن هديه صلى الله علي وسلم في استقبال رمضان قال ابن القيم: وكان من هديه أن لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة بشهادة شاهد واحد كما صام بشهادة ابن عمر وصام مرة بشهادة أعرابي... وكان إذا حال ليلة الثلاثين دون منظره غيم أو سحاب أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صامه..
وكان رسول الله يتحرى رؤية هلال شعبان أكثر من أي شهر آخر لما يرتبط به من أحكام الشهر الذي يليه من العبادات، وأكدت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قالت: كان رسول الله يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره ، ثم يصوم لرؤيته فإن غم عليه عد شعبان ثلاثين يوما ثم صام. صححه الدارقطني وابن حبان.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذكر رمضان فقال: لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له).
وعن بن عَبَّاسٍ قال جاء أَعْرَابِيُّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أَبْصَرْتُ الْهِلَالَ اللَّيْلَةَ فقال: (أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ قال نعم قال قُمْ يا بِلَالُ فَأَذِّنْ في الناس أَنْ يَصُومُوا غَدًا). ( رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي ) وصححه الحاكم وذكر البيهقي أنه جاء من طرق موصولاً ومن طرق مرسلاً وإن كانت طرق الاتصال صحيحة.
من هذه كله يتبين لنا أن القول الصحيح من هديه صلى الله عليه وسلم أن يصام رمضان برؤية هلاله ولو بشهادة واحد بشرط أن يكون عدلا ، أما البلدان التي لا يتراءى فيها الهلال فيصومون على أقرب رؤية إليهم من البلدان المجاورة..
ويتبين لنا كذلك مما ذكر أن يوم الثلاثين لا يصام احتياطا على أنه رمضان إذا لم ير الهلال فمن صامه فقد عصى أبا القاسم إلا إذا كان معتادا أن يصوم صوما مستحبا كمن اعتاد أن يصوم الاثنين والخميس مثلا.