كشفت النيابة العامة تفاصيل التحقيق مع الطالبة حنين حسام صاحبة الفيديوهات الشهيرة على تطبيق التواصل الاجتماعي «التيك توك».
واستمعت النيابة لأقوال الطالبة؛ لاتهامها بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وإنشائها وإدارتها واستخدامها مواقع وحسابات خاصة عبر تطبيقات للتواصل الاجتماعي بشبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب وتسهيل ارتكاب تلك الجريمة.
ونسبت النيابة للطالبة أيضًا اتهامات بارتكاب جريمة الاتجار بالبشر بتعاملها في أشخاص طبيعيين هنَّ فتيات استخدمتهنَّ في أعمال منافية لمبادئ وقيم المجتمع المصري؛ للحصول من ورائها على منافع مادية؛ وكان ذلك استغلالاً لحالة الضعف الاقتصادي وحاجة المجني عليهنَّ للمال، والوعد بإعطائهنَّ مبالغ مالية، وقد ارتكبت تلك الجريمة من جماعة إجرامية مُنَظَّمة لأغراض الاتجار بالبشر تضم المتهمة وآخرين.
وباستجواب النيابة العامة المتهمة أنكرت ما نسب إليها من اتهامات، وقررت بتعاقدها منذ عامين مع شركة صينية مالكة لتطبيقٍ للتواصل الاجتماعي ينشر المشاركين فيه مقاطع مصورة قصيرة فيما بينهم، حيث تواصلت إلكترونياً مع مديرة الشركة – صينية الجنسية – والتي ضمتها إلى مجموعة عبر أحد تطبيقات التواصل، ثم أرسلت إليها تعاقداً إلكترونياً بينها والشركة على تصويرها شهرياً نحو عشرين مقطع مصور لنفسها حال أدائها بعض الأغاني ونشرها عبر التطبيق بعناوين مختارة (Hashtags) مقابل تقاضيها نحو أربعمائة دولار شهرياً بتحويلات بنكية، على أن يزيد أجرها بزيادة متابعيها عبر التطبيق.
ذكرت أنها اعتادت خلال العامين على تصوير ونشر المقاطع التي حددتها الشركة لها وكان غالبية متابعيها من الأطفال والشباب، وتقاضت أجورها عنها والتي تحددت بأعداد المتابعين لها ولحساباتها بسائر تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى.
أشارت إلى أنه ربطتها علاقة ببعض القائمين على إدارة الشركة المالكة للتطبيق المتعاقدة معه – من بينهم مصريون وصينيون – حيث اضطلع أحدهم – مصري الجنسية - بحمايتها إلكترونياً من المضايقات أو محاولات حذف أو حجب مقاطعها المصورة المنشورة، كما ربطتها علاقة بآخريْن مصرييْن مسؤوليْن عن البث المباشر للتطبيق بالشرق الأوسط، واللذان طلبا منها في نهاية مارس الماضي الإعلان في منشور لها عبر تطبيق آخر - خلاف القائمين على إدارته - عن رغبة إدارة شركتهم في تأسيس مجموعة إلكترونية من الفتيات – البالغات والقُصَّر - ليَعمَلنَ كمذيعات بالتطبيق إدارتهم؛ مقابل تقديم أجور لهنَّ استغلالاً لمكوث الكافة بمساكنهم تطبيقاً لحظر التنقل لمكافحة انتشار فيروس "كورونا"، وتَوَقُف أعمال البعض منهنَّ وحاجتهنَّ للمال.
استكمل البيان أنها قد وقع الاختيار عليها لأداء ذلك الإعلان استغلالاً لارتفاع عدد متابعيها وسهولة انتشار ما ستصوره بينهم، وكذا طلب المذكوريْن منها توجيه الدعوة في الإعلان إلى الفتيات دون الرجال لحاجة الشركة إليهنَّ وزيادة عدد الرجال العاملين لديها؛ فاستجابت لطلبهما وأذاعت للكافة من مسكنها المقطع المصور موضوع التحقيق، ثم أخذه بعض متابعيها وحذفوا منه بعض الكلمات وأعادوا نشره في صورة توحي بدعوتها إلى أمور تخالف الآداب العامة، متمسكة بأن صحيح ما أذاعته هو إعلان الشركة المتعاقدة معها عن حاجتها لفتيات يَعمَلنَ كمذيعات عبر تطبيق الشركة.
وعن الشروط التي حددتها لتلك الفتيات والتي تمثلت في أن تكون أعمارهنَّ أكثر من ثمانية عشر عاماً وأن يكنَّ لديهنَّ مواهب في تجميل النساء أو الطبخ أو العزف أو الغناء على أن يُـجِدنَ التحاور مع متابعيهنَّ، أو أطفال ممن يَتمَتَّعنَ بأي من هذه المواهب شريطة موافقة ذويهنَّ على ذلك لتتعاقد الشركة معهم، وأنهنَّ سيتقاضيْن أجورهنَّ عما يَقُمنَ ببثه بالتطبيق لأي من هذه المواهب من مساكنهنَّ، على أن تحدد تلك الأجور بمدى التزامهنَّ بما يُكَلَّفنَ به.
وأضافت أن من بين إجراءات إلحاق الفتيات بهذه الشركة تقدمهنَّ ببطاقات تحقيق شخصياتهنَّ لتسجيل بياناتها بالشركة المالكة للتطبيق تمهيداً لدفع أجورهنَّ عما يَقُمنَ بتصويره من مقاطع بحساباتهنَّ البنكية أو عن طريق البريد، وأنها علمت أن المطلوب منهنَّ لقبولهنَّ بالشركة أن يُذِعنَ عبر التطبيق في ساعات تختارها الشركة بثاً مباشراً لهنَّ يُقَدِّمنَ فيه أنفسهنَّ وما يَمتَلِكنَ من مواهب مع متابعيهنَّ، وفي حالة قبول الشركة أي منهنَّ؛ يُـحَدَّد للفتاة المقبولة رقم تعريفي مُفعَّل، ثم تنضم إلى مجموعة للتواصل تديرها الشركة لنقل تكليفاتها إليهنَّ، وأن الشركة تحدد أجورهنَّ وفقاً لمدى تنفيذهنَّ ما تطلبه منهنَّ.
ونفت المتهمة ما أعلنته صراحة بالمقطع موضوع التحقيق من امتلاكها أو تأسيسها ما أسمته "بالوكالة" عبر التطبيق المتعاقدة مع شركته، دافعة ذلك عنها بعدم تحريرها سجلاً تجارياً أو ضريبياً لهذه الوكالة، وأنها قالت ذلك على سبيل الدعاية وتنفيذاً لما كُلِّفت به من الشركة لاستغلال الفتيات من متابعيها لكثرة عددهنَّ، وأنها عقب نشر الإعلان تلقت ثناءً من الشركة عليه ووُعِدَت بتقاضيها عنه نحو ثلاثة آلاف جنيه تحول إلى حسابها البنكي.
وأوضحت المتهمة أنها عضوة بمجموعتيْن على تطبيق "واتس آب"، واحدة تضم ثلاثة عشر عضواً من بينهم صينيون ومصريون، والثانية تضم ما يربو عن مائة عضو من جنسيات مختلفة، وأن كلاهما خُصِّصَتا لنقل تكليفات الشركة إليها حول مضمون المقاطع التي تصورها وتنشرها والعناوين التي ترفقها بها، والتي كان منها عنوان "سريرك مَسْرَحَك"، كما قررت بعضويتها في مجموعتين أخريين للتواصل مع الفتيات اللاتي استجبنَ إلى دعوة الاشتراك للوكالة التي أعلنت عنها لإعلامهنَّ بالخطوات والإجراءات اللازمة لالتحاقهنَّ بها، والوقوف على أعدادهنَّ ومدى نجاح الأمر.
وبمواجهة النيابة العامة المتهمة بمقطع سبق أن نشرته بأحد حساباتها تضمن محادثة جنسية بين رجل وفتاة، أقرت بنشره مدعية أنه كان يخلو من المحادثة الجنسية المشار إليها، وأن أحداً أضافه إليه عقب نشره؛ بينما تبين للنيابة العامة من مطالعة المقطع إعلان المتهمة فيه اعتذارها للمشاهدين والمستمعين عن المحتوى الإباحي الذي سيتضمنه المقطع.
وتبين للنيابة العامة من محادثتهما طلبها منه مساعدتها للرد على ما تداوَل بوسائل الإعلام حول المقطع الذي صورته – موضوع التحقيق - ومطالبة المجتمع بمسائلتها والتحقيق معها، موضحة لمحدِّثها عدم تقاضيها أي مبالغ مقابل نشرها المقطع المذكور، فأجابها بضرورة نشرها مقطع آخر للرد على تلك المطالبات محذراً إياها من تصويره ونشره إلا بعد موافقة الشركة عليه، ثم أعلمها بفحص الشركة ما تداوَل بالمواقع حولها لإعداد رد عليه، وترتيب عقد اجتماع لها مع مسؤولين بالشركة لتوجيهها بكيفية الرد، ثم أرسل لها لاحقاً عدة بنود لتتحدث منها في مقطع تصوره رداً على ما أثير بشأنها.
وبفحص النيابة العامة هاتف آخر للمتهمة تبين مسؤوليتها عن إدارة مجموعة عبر تطبيق "واتس آب" ضمت مائة وسبعة وسبعين عضواً تدور محادثاتهم بها حول شرح كيفية التقدم للعمل لدى الشركة مالكة التطبيق المتعاقدة المتهمة معها، ومدى إمكانية القبول بها وتقاضي مبالغ مالية منها، وأن المتهمة أجابت عدد منهم واعدةً إياهم بإرسال المبالغ المالية إليهم.
وأعلمتهم بعملها لدى الشركة منذ عامين تقريباً لطمأنتهم، كما أرسلت إليهم مقاطع صوتية تتضمن إعلامهم بشروط المتقدمين للالتحاق للعمل بالشركة والتي منها قبول من هم دون الثمانية عشر عاماً متى ثبت تقديمهنَّ مَوهبة محددة، وأفصحت خلال تلك المقاطع عن وعدها إليهم بإرسال أجورهم عبر تحويلات بنكية والتي تتراوح ما بين ستة وثلاثين إلى ثلاثة آلاف دولار أمريكي؛ مقابل تحاورهم مع من يتابع ما يذيعونه من بث مباشر عبر التطبيق.
وقالت النيابة إنه استكمالاً للتحقيقات طلبت تحريات قطاع الجريمة المنظمة والإتجار بالبشر بوزارة الداخلية حول الواقعة، والاستعلام من البنك المركزي عن حسابات المتهمة البنكية في ضوء تصريح مقدم منها بذلك، وندب مختص بالجهاز القومي للاتصالات لفحص حسابها عبر التطبيق الذي تعاقدت عليه لبيان مُنشِأه وكيفية إدارته والمسؤول عنه وكيفية التعامل عليه وإنشاء الحسابات به، وبيان محتوى حساب المتهمة وما تم نشره وحذفه به إن وجد، وعما إذا جرى العبث بأي من محتوياته، ومدى إمكانية استرجاع المحذوف منه.
وعما إذا كان الحساب غطاء لغرف مغلقة تدار بمعرفة المتهمة تحوي مواد غير مشروعة أو منافية للآداب العامة، وعما إذا كان متاح للكافة الاطلاع عليه ونسب مشاهدته، وفحص هاتفي المتهمة وحاسبها الآلي ومحتواهم المتعلق بالجريمة موضوع التحقيق، وإخطار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لاتخاذ الإجراء المناسب نحو حجب حساب المتهمة وفقاً لنص المادة ١٩ من قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.
أشارت النيابة العامة إلى أن الواقعة المطروحة قد أكدت أنه استُحدِث لبلادنا حدود رابعة خلاف البرية والجوية والبحرية تؤدي بنا حتماً إلى تغييرات جذرية في سياسة التشريع والضبطيات الإدارية والقضائية، حيث أصبحنا أمام حدود جديدة سيبرانية مجالها المواقع الإلكترونية، مما يحتاج إلى ردع واحتراز تام لحراستها كغيرها من الحدود.
وأهابت النيابة العامة فى بيانها، بمستخدمي تلك المواقع من الشباب والبالغين، أن يسهموا بدورهم الفاعل في معاونة أجهزة الضبطية القضائية والإدارية لحراسة تلك الحدود المستحدثة والتي تضم ملايين المواقع، مما لا يتسنى حصر الضار منها وما فيه من شرور، ورفع للقيود، وتستر وراء شخوص مستعارة وحقائق مزيفة؛ إلا بوعي شامل وتفاعل متكامل من كافة طوائف المجتمع.
وأكدت النيابة أن تلك الحراسة ليست دعوة لتتبع الناس أو حرماتهم الخاصة، ولا استطالة على الحريات أو تقييداً لها، ولا دعوة إلى الرجعية ورفض التطور؛ إنما هي تصدٍ لظواهر من ورائها قوى للشر تسعى لإفساد مجتمعنا وقيمه ومبادئه، وسرقة براءته وطهارته، فتتسلل إليه مستغلة ظروفه وضائقته؛ لتدفع شبابه وبالغيه إلى الهلاك بجرائم تكتمل أركانها في فلك عالم إلكتروني افتراضي جديد، فهكذا يُسْتَغَل الناس عامة والشباب خاصة، فهل يروَّج للفسق إلا في دعوات للترفيه والتسلية، وهل يوقَع بالفتيات في فخاخ ممارسة الدعارة إلا باستغلال ضعفهن وضائقاتهن الاجتماعية.
كما أكدت النيابة العامة التزامها بدورها في حراسة تلك الحدود المستحدثة، وتصديها الحازم لمثل هذه الجرائم ومرتكبيها الهادفين للتغرير بشباب هذه الأمة، وتبديل مبادئها وقيمها الراسخة؛ ذلك باتخاذ كافة الإجراءات القانونية المقررة لملاحقتهم وتتبعهم وتقديمهم إلى محاكمات جنائية ناجزة.
كما أهابت النيابة بالجميع، حكومة ومؤسسات ومجتمع آباء وأبناء، الحذر والتصدي لمستحدثات أمور في ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، شرور غايتها تبديد القيم وتزيين الفواحش وجعل السيئات من الـمُسَلَّمات، حافظوا على قيم هذا البلد العريق ومبادئه، وكافحوا الفساد بشتى صوره وأشكاله، واصبروا وصابروا، واعلموا أنه إذا حُمِل الحق على الناس جُملة دفعوه جملة، ويكون من ذلك فتنة، فالصرح العظيم يبنى لبنة لبنة، وما الإصلاح إلا تَدَرُّج وتَؤدَة، وإنه لخير أن يأتي علينا كل يوم من أيام الدنيا فنُمِيت فيه بدعة، ونحيي فيه سُنة حسنة.