بعد إعلان خطة «التعايش مع كورونا».. هل تعود الحياة لطبيعتها قريبًا؟

هكذا توجه مصر كورونا؟

في ظل عدم وضوح المدى الزمني الذي قد تستغرقه الجائحة، اضطرت حكومة المهندس مصطفى مدبولي، لوضع خطة "للتعايش" مع فيروس كورونا "كوفيد-19"، فهل تنجح في ذلك؟

 

وعرضت وزيرة الصحة هالة زايد خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي بتقنية الفيديو، مقترح وزارتها لتخفيف القيود والإجراءات بشكل كبير وإعادة فتح الاقتصاد تدريجيًا مع الالتزام بجميع الإجراءات الاحترازية اللازمة.

 

ولن تتضمن الخطة العودة إلى الحياة الطبيعية بشكل كامل، ولكنها تستهدف إتاحة الفرصة لاستئناف جميع الخدمات الحكومية وانطلاق جميع الأنشطة الاقتصادية من جديد.

 

وقالت زايد: إن خطة التعايش تستهدف تقليص خدمات التعامل المباشر مع الجمهور لصالح الخدمات الإلكترونية، وتشجيع الدفع الإلكتروني، مع استمرار غلق الأماكن التي تعد "خطرًا شديدًا" لنقل العدوى، والتي لم يحددها البيان بالتفصيل.

 

وتشمل الخطة قواعد عامة وإجراءات ملزمة في حال إعادة فتح المنشآت، في مقدمتها الالتزام بالكشف عن درجة حرارة المترددين على المنشأة، وتوفير غرفة عزل لاستقبال أي عضو بالمنشأة تظهر عليه أعراض المرض أثناء العمل، مع خفض قوة العمل، وتوافر مستلزمات النظافة والتطهير المستمر للأسطح والمكاتب والأرضيات، فضلًا عن المحافظة على التهوية الطبيعية للمكان قدر المستطاع، والتقليل من استخدام التكييفات كلما أمكن.

 

وتضع الخطة قواعد خاصة بعمل المولات والأسواق ومنشآت البناء والمصانع لم يحددها البيان بالتفصيل.

 

ولم تحدد وزيرة الصحة الموعد المستهدف لدخول تلك الخطة حيز التنفيذ، لكن من المتوقع أن تشرع الحكومة في تطبيقها عقب شهر رمضان مباشرة.

 

وتضمنت الخطة ما يلي:

- اتباع جميع الإجراءات الاحترازية اللازمة بصورة دقيقة وحاسمة في مختلف المنشآت.

- إعادة تقييم الوضع الوبائي كل 14 يومًا، للتصرف في ضوء تلك النتائج.

- مرحلة التعايش تتطلب تكاتف جميع الوزارات والهيئات التنفيذية والرقابية، لوضع ضوابط وفرض عقوبات فورية حال عدم التنفيذ.

- إرشادات عامة يكون على الأفراد والمنشآت الالتزام بها، إلى جانب معايير إلزامية يجب توافرها في القطاعات المختلفة، كالمؤسسات والشركات، والمولات والأسواق، وقطاع البناء والمصانع، وكافة وسائل المواصلات.

- استمرار غلق الأماكن التي تسبب خطرًا شديدًا لنقل العدوى.

- استبدال خدمات التعامل المباشر مع الجمهور بالخدمات الإلكترونية، كلما أمكن.

- توفير الحجز المسبق إلكترونيًا للحفاظ على قواعد التباعد المكاني وتجنب التكدس، إلى جانب تشجيع الدفع الإلكتروني ونشر هذا السلوك بين المواطنين خاصة، وتشجيع الشراء باستخدام خدمة الشراء الإلكتروني والدليفري مع مراعاة إجراءات منع انتشار العدوى.

- التوعية بالقواعد العامة التي سيكون على المواطنين الالتزام بها، ومنها قواعد تتعلق بالالتزام بمتطلبات السلامة العامة، وقواعد للتعامل مع الجهات الحكومية والتعامل مع عامل توصيل الطلبات للمنزل.

- قواعد عامة وإجراءات ملزمة في حال إعادة فتح المنشآت، في مقدمتها الالتزام بالكشف عن درجة حرارة المترددين على المنشأة، وتوفير غرفة عزل لاستقبال أي عضو بالمنشأة تظهر عليه أعراض المرض أثناء العمل، مع خفض قوة العمل، وتوافر مستلزمات النظافة مثل الصابون والمناديل الورقية، والتطهير المستمر للأسطح والمكاتب والأرضيات بالكلور، فضلاً عن المحافظة على التهوية الطبيعية للمكان قدر المستطاع، والتقليل من استخدام التكييفات كلما أمكن، كما عرضت الوزيرة القواعد الخاصة بعمل المولات والأسواق ومنشآت البناء والمصانع.​

 

وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد قرر تخفيف بعض الإجراءات التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار فيروس "كوفيد-19" خلال شهر رمضان، ومن بينها تقليص عدد ساعات الحظر لتبدأ في التاسعة بدلا من الثامنة مساء، على أن تستمر حتى السادسة صباحا لمدة أسبوعين قبل مراجعتها مجددا، والسماح للمراكز التجارية والمحال بفتح أبوابها خلال عطلة نهاية الأسبوع، مع الالتزام بالإغلاق في الخامسة مساء كل يوم.

 

وأكد مدبولي حينها أن الحكومة تستهدف أن تكون فترة ما بعد عيد الفطر فرصة لإعادة الحياة تدريجيا، مع الإعلان عن الإرشادات الواجب اتباعها للوقاية من الفيروس.

 

ومن المقرر إعادة تقييم الوضع الوبائي كل أسبوعين والتصرف في ضوء ما يطرأ من مستجدات، وفقا للبيان.

 

مصر ليست الأولى

لم تكن مصر الأولى في إعلان خطة التعايش، فقد سبقها الكثير من الدول.

 

مع دخولنا الشهر الخامس لتفشي فيروس كورونا حول العالم، يبدو أن العالم بدأ يتجه للمرحلة الثانية في التعامل مع الوباء، وهي مرحلة "التعايش"، التي تتنبأ بعودة للحياة اليومية، مع فيروس بلا لقاح.

 

وجاءت تصريحات مدير معهد الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية، جين تشي، بإنه "من المحتمل جدا أن يكون كورونا وباءً يتعايش معه البشر لفترة طويلة، ويصبح موسميا ومستمرا بالتواجد داخل الأجسام البشرية"، ليرسخ فكرة التعايش مع الوباء.

 

وظهرت لنا عدة علامات أخرى مؤخرا، دلت على دخولنا مرحلة التعايش مع "كوفيد-19"،  والتي قد ترسم الجزء الثاني من رحلة الإنسانية مع الوباء الجديد.

 

تخفيف الإغلاقات

من أبرز علامات التعايش مع كورونا، إقبال دول عديدة، ممن تفشى فيها "كوفيد-19"، على تخفيف الإغلاقات، ورفع القيود على التجارة، وعلى الحركة، من دون الاستناد لانخفاض حقيقي في أرقام الإصابات.

 

ومن أبرز الدول الأوروبية التي أعلنت بدء تخفيف الإغلاقات، ألمانيا، التي نجحت باحتواء الوباء نسبيا، لتعلن عن فتح المحال التجارية، والحدائق العامة والملاعب، بشكل تدريجي.

 

أما رئيس الوزراء الفرنسي، إدوارد فيليب، فأشار إلى أن الوقت قد حان لشرح كيف سيتم تخفيف الإغلاق تدريجيا، مشيرا إلى أنه على الفرنسيين أن يتعلموا التعايش مع الفيروس وحماية أنفسهم.

 

ومثلها، شهدت عدة ولايات في أميركا تخفيفا للإغلاقات، في وقت تسجل فيه البلاد الإصابة رقم مليون بكورونا، في تباين واضح بين حال الوباء، والإجراءات.

 

ولعل ولاية فلوريدا أبرز مثال على ذلك، عندما قررت بشكل مفاجئ فتح الشواطئ، بعد يوم من تسجيلها أعلى عدد من الإصابات اليومية، لتشهد الشواطئ إقبالا كبيرا من السكان، قدر بالمئات، في كل مدينة.

 

طبيعة الفيروس

من العلامات الأخرى التي تتنبأ ببقاء الفيروس في حياتنا أطول مما قد نتوقع، هي طبيعة الفيروس، التي كشف عنها العلماء مؤخرا.

 

وقالت مجموعة من الباحثين في مجال الفيروسات والأطباء الصينيين، الاثنين، إنه ليس من المرجح أن "يختفي" فيروس كورونا المستجد بالطريقة التي حدثت مع فيروس سارس قبل 17 عاما، وذلك لأن كورونا قادر على الدخول إلى جسم الإنسان وعدم التسبب بأي أعراض، على عكس سارس.

 

ويعني هذا، أنه سيكون من الصعب حصر حالات الإصابة جميعها، وإدخالها في الحجر الصحي لمنع انتشار الفيروس، وفق ما ذكرت وكالة "بلومبيرج" الأمريكية.

 

موعد اللقاحات

جميع العلامات والبيانات الرسمية من الجهات المختصة، تشير إلى أن التوصل للقاح مضاد لفيروس "كوفيد-19"، سيستغرق وقتا طويلا.

 

وقالت وكالة الأدوية الأوروبية في بيان أنها "تقدّر أن يستغرق الأمر عاما واحدا على الأقل، قبل أن يصبح اللقاح ضد كوفيد-19 جاهزا لنيل الموافقة، ومتوافرا بكميات كافية للاستخدام على نطاق واسع"، وفق ما نقلت "فرانس برس".

 

وهو ما أكدته منظمة الصحة العالمية التي قالت مؤخرا على لسان مسؤول فيها، إن تطوير اللقاح سيستغرق عاما على الأقل.

 

عودة الرياضة

عودة المنافسات الرياضية، هي بالتأكيد، المرحلة الأخيرة من خطط الدول للعودة للحياة الطبيعية.

 

وبالرغم من قرار بعض الدول بإلغاء منافساتها الرياضية، حتى سبتمبر القادم، إلا أن دولا كبيرة مثل بريطانيا وألمانيا، تدرس بقوة إعادة المنافسات الشهر المقبل، بدون حضور جماهيري.

 

كما يسعى اتحاد كرة القدم الأوروبي (ويفا) بإعادة البطولات الأوروبية قريبا، وأظهرت علامات واضحة لرفض إلغاء الموسم.

 

عبء اقتصادي لا يحتمل

تكبد الاقتصاد العالمي، خسائر فادحة من جراء استشراء وباء كورونا (كوفيد 19)، مما اضطر عددا من الحكومات إلى دعم الشركات الأكثر تضررا، في مسعى لتفادي تفاقم الوضع.

 

وأدى الوباء العالمي، إلى إرباك الملاحة الجوية والبحرية، وهو ما أثر على إنتاج وتنقل الأفراد والسلع، وسط توقعات بأن يتباطأ النمو، على نحو ملحوظ، خلال العام الجاري.

 

ومع زيادة الأزمات الاقتصادية، التي بدأت بالتهام الشركات والمؤسسات كـ"تسونامي" لا مفر منه، بدأت الدول بوضع خطط لإعادة الحياة التجارية والاقتصادية لطبيعتها، حتى قبل القضاء بشكل كامل على كورونا.

 

تصريحات منظمة الصحة

لعل العلامة الرئيسية لبقاء جائحة كورونا معنا، هي التصريحات التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، الجهة المختصة الرئيسية في هذه الأزمة.

 

وحذر المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في مؤتمر صحفي في جنيف: "الجائحة أبعد ما تكون عن الانتهاء"، مضيفا أن المنظمة قلقة إزاء تزايد منحنى الإصابة بالفيروس في إفريقيا وشرق أوروبا وأميركا اللاتينية وبعض الدول الأسيوية.

 

وتابع قائلا: "أمامنا طريق طويلة والكثير من العمل".

 

وللاستعداد بشكل أفضل لمرحلة "التعايش" مع كورونا، رأى بعض خبراء الصحة أن السماح للفيروس بالانتشار بطريقة مراقبة، بين الفئات الأصغر سنا من السكان، سيكون بمثابة طريقة أفضل للتعامل معه، لتكوين ما يعرف بـ"مناعة القطيع"، بدلا من الاستمرار في أوامر الإغلاق.

مقالات متعلقة