إيران وكورونا.. كيف حول وكلاء طهران الجائحة إلى أداة لترميم شعبيتها؟

مع تفشي فيروس "كورونا" في إيران، تسببت ممارسات ارتكبها النظام هناك في تعريض سمعة القادة الدينيين الذين يسيطرون على الحكم إلى خطر غير مسبوق، سياسات مثل التعتيم وقمع من يتحدَّث عن بدايات ظهور المرض سببت غضبًا لدى الإيرانيين، وحرجًا لـ"الملالي" في المنطقة، وجعلت مشاريع طهران في المنطقة محط سخرية وغضب، فإذا كانت إيران ترتكب هذه المصائب بحق شعبها، فماذا ستفعل فينا؟.. هكذا يتحدَّث لسان جال  سكان مناطق نفوذ طهران بالشرق الأوسط.

 

ولأن منبع "كورونا" في إيران كان مدينة قم، المقدسة لدى الشيعة، بحسب نظريات متعددة، أخذت الدوائر الإيرانية على عاتقها مهمة محاولة تحسين الصورة عبر اشتباك مختلف مع تفاصيل الأزمة.

 

 

لبنان والعراق

 

وقد أطلقت الجماعات المدعومة من إيران، في لبنان والعراق، حملات واسعة ضد انتشار فيروس "كورونا" المستجد، وذلك في إطار سعيهم لتعزيز سمعتهم واستعادة نفوذهم بعد تعرضهم لضغوط الاحتجاجات الشعبية.

 

يعد تفشي المرض في البلدين صغيرا حتى الآن، على الأقل وفقا للأرقام الرسمية، وتمكنت النظم الصحية الحكومية حتى الآن من علاج المرضى.

 

يعود العديد من الحالات الأولية في لبنان والعراق، ومعظم دول الشرق الأوسط، إلى المسافرين من إيران، المركز الإقليمي للوباء.

 

وتقول "إيزابيل كولز"، مراسلة صحيفة |وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن "حزب الله" والجماعات العراقية المدعومة من طهران أظهروا نشاطا ملحوظا، وأنشأوا مستشفيات ميدانية وأطلقوا حملات توعية، مما أظهر قوتهم التنظيمية في البلدان التي يكون فيها هيكل الدولة الرسمي ضعيفًا ويعاني من خلل وظيفي.

 

وعززت جهود تلك الجماعات قدرة أنظمة الرعاية الصحية الهشة التي تدهورت بسبب سنوات من الصراع والحكم السيئ.

 

وخلال خطاب متلفز، الشهر الماضي، قال زعيم حزب الله "حسن نصر الله": "من المفيد أن نشعر بأنفسنا كجزء من حرب عالمية ضد الفيروس".

 

وقد سعى بعض خصوم "حزب الله" السياسيين لإلقاء اللوم على الجماعة الشيعية لجلب الفيروس إلى لبنان، فيما يقول الحزب إنه يفحص ويعزل الأفراد الذين يتنقلون بين لبنان وسوريا والعراق وإيران.

 

وبالرغم أنه من المرجح أن تكون أرقام الإصابات الحقيقية أعلى مما يتم الإعلان عنه بسبب القدرات المحدودة على التشخيص والاختبار، تخطط البلاد لبدء تخفيف الإغلاق الذي يفاقم الأزمة الاقتصادية العميقة.

 

ويتم علاج حالات الإصابة بالفيروس في المستشفى الحكومي الرئيسي في لبنان في بيروت.

 

إمكانيات "حزب الله"

 

وقد تم تعيين وزيري الصحة السابقين في البلاد من قبل "حزب الله"، وتتكون الحكومة الحالية حصريًا من شخصيات محسوبة على الحزب.

 

وبالرغم أن "حزب الله" يسيطر على الحكومة، فإنه ينشر أدوات بنيته التحتية، فقد أعد 32 مركزًا طبيًا ومستشفيين ميدانيين على امتداد البلاد، حيث يدير بحكم الأمر الواقع، ويوفر بالفعل خدمات الرعاية الصحية.

 

وقال الحزب إنه حشد 1500 طبيب و 3000 ممرضة.

 

ولا يمكن تحديد ما إذا كان لدى "حزب الله" معدات مثل أجهزة التنفس اللازمة لعلاج الحالات الخطيرة.

 

وقال طبيب مقيم في لبنان إن "حزب الله فعال للغاية.. لديهم أماكن كثيرة للمرضى وفحصهم وعلاجهم، وهذا ما يجب أن تفعله الحكومة في مناطق أخرى".

 

على الأقل حتى الآن، فإن المخاوف من الفيروس قد فعلت ما لم يستطع أنصار "حزب الله" فعله عبر قمع الاحتجاجات ضد الفساد والتدهور الاقتصادي، ولكن بدأت الاحتجاجات المتناثرة تندلع مرة أخرى حيث انهارت العملة إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار.

 

مسشتفى "أبو مهدي المهندس"

 

وفي العراق، نشرت قوات "الحشد الشعبي"، مقاطع فيديو ترويجية للإعلان عن جهودها في مجال الصحة العامة، والتي شبهوها بمشاركتهم في الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، والتي استمدوا منها الشرعية الشعبية.

 

ومن بين الجماعات التي فتحت مستشفيات ميدانية "كتائب حزب الله"، التي تتهمها الولايات المتحدة بسلسلة الهجمات الصاروخية التي تستهدف قواتها.

 

وتم تسمية مستشفى من 100 سرير في مدينة كربلاء على اسم "أبومهدي المهندس"، القائد الذي قُتل إلى جانب قائد فيلق القدس الإيراني "قاسم سليماني" في غارة أمريكية على قافلتهم في وقت سابق من هذا العام.

 

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية "سيف البدر" إن الحشد قدم الدعم اللوجستي وساعد الجمهور على إدراك الخطر الذي يشكله الفيروس. ولأن الزيادة المتوقعة في الحالات لم تحدث بعد، قال "البدر" إن الموارد الخاصة بالوزارة كافية حاليا لعلاج المرضى. ولا يُعرف إن كان لدى قوات "الحشد الشعبي" أي أجهزة تنفس.

 

وقال "حيدر علي حنتوش"، الطبيب الذي يرأس قسم الصحة العامة في محافظة ذي قار جنوبي بغداد، إن المستشفى الحكومي الرئيسي في الناصرية أنشأ محطتي إغاثة تبرعت بهما قوات "الحشد الشعبي"، مضيفا أن "أي مساعدة لوجستية من أي جانب هي موضع تقدير".

 

وقال "عادل حسن"، موظف حكومي يبلغ من العمر 44 عامًا، إن أعضاء ما يسمى بميليشيا "رابطة الصالحين" وصلوا مؤخرًا إلى حيه في بغداد لتعقيم المنازل والشوارع.

 

وأضاف: "الناس في المنطقة رحبوا وشكروهم على جهودهم لأننا لم نر أي من هذا من قبل الحكومة هنا".

 

وتقول منظمة الصحة العالمية إن تطهير الشوارع له قيمة محدودة في منع انتشار الفيروس.

 

وقال مسؤول بالحكومة العراقية إن الميليشيات تأمل في ترجمة ذلك إلى أصوات إذا أجريت انتخابات مبكرة العام المقبل كما يطالب المتظاهرون. لكن المسؤول قال إنه لا يتوقع نجاحهم.

 

وختم المسؤول بقوله: "لقد فات الأوان.. كل المطهرات في العالم لن تغسل أيديهم من دماء الشباب العراقي الذين قتلوا خلال الاحتجاجات".

مقالات متعلقة