بالتزامن إعلان الحكومة المصرية عن إعداد خطة للتعايش مع فيروس كورونا المستجد بعد الخسائر الاقتصادية الكبيرة التى تكبدتها، خرجت دعوات تطالب الدولة بتطبيق الحظر الكلى والشامل فى البلاد خلال الفترة المقبلة مهما كانت تكلفته، وذلك للسيطرة على انتشار الوباء.
ظهر فيروس كورونا لأول مرة فى مدينة ووهان الصينية فى ديسمبر 2019، بعدها انتقل إلى عدد من الدول، ووصل إلى مصر فى منتصف فبراير الماضي، وبلغت أعداد المصابين داخل البلاد منذ هذا التاريخ وحتى مساء أمس الأحد، 9 آلاف و400 حالة، فيما بلغ إجمالي الوفيات 525 حالة .
وسجلت البلاد خلال الأيام الثالثة الماضية أكبر زيادة يومية فى الإصابات منذ ظهور الفيروس، قدرت بحوالي 495 حالة و21 حالة وفاة ، يوم الجمعة الماضى، 488 حالة إصابة و11 حالة وفاة يوم السبت، وتسجيل 436 إصابة و11 حالة وفاة أمس الأحد.
وبحسب التصريحات الرسمية هناك 3 أسباب رئيسية لزيادة حصيلة المصابين فى البلاد، السبب الأول: التوسع في إجراء تحاليل "PCR" والفحص السريع خلال الأسبوعين الأخيرين، حيث تجاوز عدد التحاليل الخاصة بفيروس كورونا في مصر تجاوز المليون تحليل، والسبب الثاني: زيادة عدد المخالطين للحالات المصابة، التي تلتزم العزل المنزلي وتتابعها فرق وزارة الصحة بصفة دورية، ويخرج من بينها أغلب الإصابات الجديدة، والسبب الثالث: السلوكيات الخاطئة لبعض المواطنين وعدم اتباعهم الإجراءات الوقائية اللازمة.
ومنذ تفشى فيروس كورونا فى البلاد اتخذت الحكومة المصرية عدد من الإجراءات الاحترازية لحماية المواطنين ، مع تعليق الدراسة فى المدارس والجامعات وإلغاء امتحانات بعض الفصول الدراسية، وإغلاق درو العبادة فى البلاد إلى جانب إغلاق المقاهي والكافيهات وقاعات الأفراح والملاهي الليلية والأندية الرياضية وتعليق الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية، وتقليل العاملة فى المؤسسات الحكومية والخاصة، إلى جانب تعليق رحلات الطيران، إلى جانب فرض حظر التجوال فى البلاد من الساعة التاسعة مساءً فى رمضان وحتى السادسة صباحاً، وإغلاق المحال والمولات والمنشآت التجارية في الفترة من الخامسة مساء وحتى السادسة صباحًا.
كما قامت الحكومة بعمليات تعقيم تطهير جميع المنشآت الحكومة والمرافق العامة فى كافة المحافظات، ودعم القطاع الطبي، وإلزام المترددين على المؤسسات الحكومية بارتداء الكمامات.
لم تكتف الحكومة بهذه الإجراءات بل جهزت 29 مستشفى لعزل المصابين، بجانب تجهيز مستشفيات جامعي وخاص وفنادق ومراكز ومدارس ومدن جامعية لتطبيق الحجر الصحي فيها، إلى جانب رفع كفاءة مستشفيات الحميات.
وفي ظل عدم وضوح المدى الزمني الذي ستستغرقه أزمة الفيروس، لجأت الحكومة إلى إعداد خطة للتعايش مع الوباء، تقوم على اتباع كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة بصورة دقيقة وحاسمة في شتى المنشآت، وفرض عقوبات فورية حال عدم الالتزام بالتعليمات، وإعادة تقييم الوضع الوبائي كل 14 يوما والتصرف في ضوء تلك النتائج.
وتتضمن المرحلة الأولى من خطة التعايش التي أعدتها وزارة الصحة والسكان، إرشادات عامة يكون على الأفراد والمنشآت الإلتزام بها، وإلى جانب توفير معايير إلزامية في القطاعات المختلفة، كالمؤسسات والشركات، والمولات (مراكز التسوق) والأسواق، وقطاع البناء والمصانع، وكافة وسائل المواصلات.
وتشمل الخطة أيضا استمرار غلق الأماكن التي تسبب خطراً شديداً لنقل العدوى، واستبدال خدمات التعامل المباشر مع الجمهور بالخدمات الإلكترونية، كلما أمكن ذلك، مع محاولة توفير الحجز المسبق الكترونياً للحفاظ على قواعد التباعد المكاني وتجنب الازدحام.
وفى المقابل طالب عدد من الشخصيات العامة، الحكومة المصرية باستغلال فترة عيد الفطر المبارك فى تطبيق الحظر الكلى فى البلاد، وعبر تدوينه له على موقع التواصل الاجتماعي "توتير"، شدد الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، على ضرورة تطبيق الحظر الشامل، مهما كانت تكلفته، للسيطرة على انتشاء وباء كورونا المستجد.
البرادعي قال في تغريدته: "درس قاس تعلمه العالم في مواجهة كوفيد 19.. السيطرة على انتشار المرض تستلزم الحظر الكامل مهما كانت تكلفته لحين تسطيح منحنى الإصابات ولكي تتمكن المنظومة الصحية من المواجهة".
وأكمل نائب رئيس الجمهورية السابق: "بالتوازي لابد من فرض التباعد الاجتماعي بجدية والكشف بكثافة والتتبع والعزل، للأسف الوقت في صالح الفيروس".
من جانبه اقترح الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء، أن تفرض الحكومة الحظر الكامل بجميع المحافظات لمدة أسبوعين مقبلين، للحد من زيادة الإصابات، لافتا إلى أن تلك الفترة تعتبر فرصة ذهبية للسيطرة على الوباء، لتوقف العمل لعمال اليومية وقلة الإنتاج فى الكثير من القطاعات، بالتالي فإن الحظر الكامل يؤدي إلى انحسار الوباء خلال فترة قصيرة، ومنع انتشاره بالنظر إلى زيادة أعداد الإصابات مؤخرًا، مشددا فى الوقت ذاته على ضرورة زيادة تحاليل "PCR" لاكتشاف كورونا، حتى نتمكن من حصر انتشار العدوى بشكل أكبر، وبالتالي تنخفض نسبة الوفيات، وعزل المصابين وتقليل الانتشار مجتمعياً.
وبدوره قال الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، إن الدولة قد تضطر إلى تطبيق الحظر الشامل فى أي وقت، وذلك لأن صحة الإنسان هي الأولوية، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولى عبر فى كافة تصريحاته الأخيرة اعتزام الحكومة اتخاذ هذه الإجراءات الصارمة.
وأشار تاج الدين، إلى أن زيادة أعداد الاصابة متوقعة، ومشدداً على ضرورة التباعد ومنع التجمعات وإلزام كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة المنزل وعدم الخروج، وذلك لأن فيروس كورونا عنيف ومعدى وينتشر بسرعة كبيرة.
فيما أوضح أسامة هيكل وزير الإعلام، أن أهم الأسباب التي تضطر الحكومة المصرية إلى الإعلان عن دخول المرحلة الثالثة لانتشار الفيروس، هو غياب وعي المواطن، وذكر أن تحرك المواطنين بشكل عادي مع عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، سيؤدي إلى انتشار الوباء بشكل تعجز فيه الدولة عن تعقب المخالطين أو السيطرة عليهم، وبالتالي زيادة فرص الدخول إلى المرحلة الثالثة.
وأكد هيكل أن الدولة فى هذه الحالة ستلجأ إلى إجراءات أكثر صرامة وشدة من الإجراءات المتبعة حاليًا؛ لتقليل حركة المواطنين، من خلال فرض حظر تجوال شامل، ومنع التنقل بين المحافظات.
وكان الرئيس السيسي أصدر فى أواخر أبريل الماضي القرار رقم 168 لسنة 2020 بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر، اعتبارًا من الساعة الواحدة من صباح الثلاثاء، الموافق 28 أبريل، ووفقًا لما ورد فى الجريدة الرسمية فإنّ القرار جاء بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، ونظرًا للظروف الأمنية والصحية الخطرة التي تمر بها البلاد.
ونصت المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية، على أن تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين.
وبالأمس نشرت الجريدة الرسمية نص القرار الجمهوري بشأن، تعديل بعض أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ، وتضمن القرار، تعديل الفقرة الأولى من المادة الرابعة بالقانون بالنص التالي: "تتولى القوات الأمن أو القوات المسلحة تنفيذ الأوامر الصادرة من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ويكون لها صفة الضبط القضائي، تختص النيابة العسكرية بالتحقيق المبدئي في أي من المخالفات لأحكام هذا القانون مع عدم الإخلال باختصاصاتها، وتختص النيابة العامة في جميع الأحوال دون غيرها بالتصرف النهائي في التحقيق".
فيما تضمنت المادة الثانية من القرار إضافة 17 بندًا جديدًا لنص المادة الثالثة من القانون من 7 إلى 24، والتي ضمت أبرزها تعطيل الدراسة جزئيًا أو كليًا بالمدارس والجامعات والمعاهد واتخاذ ما يلزم من تدابير في شأن امتحانات العام الدراسي وتعطيل العمل بدور الحضانة.