نكسات أبريل.. ماذا ستفعل روسيا بعد تراجع نفوذها في سوريا وليبيا؟

بوتين

لم يكن شهر أبريل الماضي جيدا لروسيا في الشرق الأوسط.

 

في ليبيا، كان الجنرال "خليفة حفتر" في موقف دفاعي بعد التقدم الذي أحرزته حكومة الوفاق في طرابلس، بما في ذلك استعادة العديد من المدن بالإضافة إلى ضرب أسلحة "حفتر" وخطوط إمداده.

 

وفي سوريا، أعربت روسيا عن إحباطها من النظام مما شكك في قدرتها على إدارة وضع ما بعد الحرب في البلد، وقد برز هذا في  مقالات نشرها السفير الروسي السابق في سوريا، "ألكسندر أكسينوك"، حول مستويات الفساد وانخفاض درجات التوافق حول "بشار الأسد".

 

لم يتجاهل السوريون الانتقاد وردوا بالقول إن أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية الموردة للبلاد كانت غير فعالة.

 

في غضون ذلك، في ليبيا، اقترح "حفتر" وقف إطلاق النار مع حكومة الوفاق، بناءً على طلب الروس، لكن الحكومة في طرابلس رفضت العرض.

 

ويرى الباحث المتخصص في العلاقات الدولية "جاي بورتون" يمكن النظر إلى الانتكاسات الروسية في الدولتين العربيتين على أنها تقويض لطموح موسكو في أن تصبح في صدارة القوى الإقليمية والدولية.

 

ويضيف "بورتون": بالمقارنة مع القوى الناشئة الأخرى مثل الصين والهند، كان سلوك روسيا على مدى العقدين الماضيين أقرب إلى سلوك المعارض من المؤيد للنظام الدولي. لقد سعت إلى الاستفادة من الفرص فور ظهورها، وقد ساعدها في حالة الشرق الأوسط طبيعته الممزقة للغاية على مستوى الدولة والمستوى الإقليمي.

 

منذ اندلاع الانتفاضات العربية في عام 2011، شهدت دول مثل ليبيا وسوريا انقسامات بين حكوماتها ومجتمعاتها؛ ما أدى في النهاية إلى تمرد مسلح وحرب.

 

على المستوى الإقليمي، تم تقويض الهيمنة السابقة للولايات المتحدة؛ فقد تم تحدي قدرتها على احتواء الصراع وإدارة الأحداث، ما أدى إلى التنازل عن الفضاء للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الأخرى، مثل روسيا.

 

في عام 2015، تحولت روسيا من تقديم الدعم الدبلوماسي لسوريا إلى تقديم المساعدة العسكرية.

 

ومع استعادة النظام السيطرة على البلاد بشكل مطرد، بدأت مكانة روسيا في الارتفاع، إلى جانب آفاق إعادة الإعمار بعد الحرب. وسعت روسيا إلى إعادة تأهيل النظام السوري إلى المجتمع الدولي، وبذلك، تصوير نفسها كوسيط سياسي فعال.

 

سعت روسيا إلى توسيع نفوذها ليشمل ليبيا، وفي أواخر العام الماضي، ورد أن ما يصل إلى 200 مقاتل روسي مع مجموعة "فاجنر" شبه العسكرية تم إلحاقهم بقوات "حفتر" بينما تم إرسال مساعدات مالية إلى الجزء الشرقي من البلاد الخاضع تحت سيطرة "حفتر".

 

ومع ذلك، كما تظهر التطورات الأخيرة في كل من سوريا وليبيا، فإن روسيا تكتشف حدود نفوذها.

 

كما أظهر التعليق الروسي الأخير والذي تم التعبير عنه علانية في سوريا، فإن موسكو محبطة من شريكها وفشله في الارتقاء إلى مستوى الصورة التي تريد تقديمها.

 

وفي ليبيا، لم تثبت المساعدات الروسية خلال العام الماضي أنها كافية لـ"حفتر" للرد على الحكومة وللتقدم أكثر وضمان السيطرة الكاملة على البلاد.

 

في الوقت نفسه، لا تعد التجارب الروسية في سوريا وليبيا واحدة.

 

ويمكن القول إن الوضع في سوريا أكثر تعقيدا من ليبيا.

 

أولاً، كانت الاستثمارات المالية والعسكرية الروسية أكبر في سوريا منها في ليبيا، من حيث الإنفاق، قدرت المساهمات الروسية في المسرح السوري بما يصل إلى 7 مليارات دولار منذ عام 2011. فيما يُعتقد أن روسيا مولت "حفتر" بما يصل إلى 3 مليارات دولار.

 

أصبحت قدرة روسيا على التأثير على النظام في سوريا أكثر محدودية، خاصة مع تزايد احتمال انتهاء الحرب. ويظهر هذا في بحث النظام السوري عن شركاء آخرين.

 

وقد أدرجت دمشق الصين كشريك محتمل لإعادة الإعمار، وكذلك تعتبر دول الخليج شريكا محتملا. في عام 2018، أعادت الإمارات فتح سفارتها في سوريا بينما اتصل ولى عهد أبوظبي مؤخرًا بـ"الأسد" للتعبير عن التضامن والدعم بشأن وباء "كورونا".

 

في ليبيا، في حين يبدو الزخم مع الحكومة بدلاً من "حفتر" في الوقت الحالي، فإنه ليس من المؤكد بعد أن يتم حل الحرب بشكل نهائي حتى الآن.

 

لا يزال هناك وقت لشركاء "حفتر" الأجانب، بما في ذلك روسيا، لتقديم دعم إضافي. إذا حدث ذلك، فستستمر الحرب وقد يتغير ميزان القوى مرة أخرى.

 

وبعبارة أخرى، فإن الوضع الحالي في ليبيا أكثر مرونة مما هو عليه في سوريا. بالنظر إلى الاختلاف بين الاثنين، قد يكون ما يحدث في سوريا أكثر أهمية بالنسبة لروسيا من الوضع الحالي في ليبيا. لدى روسيا خيارات أقل في سوريا عنها في ليبيا.

 

وبالرغم من شكوك روسيا في النظام السوري، لا تزال موسكو ملتزمة بالشراكة مع "الأسد"، وخاصة مع تعاظم سيطرته على البلاد ومحدودية الخيارات أمام روسيا. وبالتالي، فإن الطريقة التي تدير بها روسيا الأوضاع بعد انتهاء الحرب ستكشف عن قدرتها كقوة إقليمية وعالمية طموحة.

مقالات متعلقة