أثار مسلسلان تلفزيونيان عرضتهما قناة "أم بي سي" السعودية خلال شهر رمضان، جدلًا في الخليج بعدما تطّرق أحدهما إلى العلاقات مع إسرائيليين، والآخر قصة عائلة يهودية في الخليج.
ولا تقيم السعودية علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لكن خبراء في شئون الشرق الأوسط يتوقفون عند ما يعتبرونه مؤشرات منذ فترة على إمكانية حدوث تقارب، خصوصًا في ظل عدائهما المشترك لإيران.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، تسبّب المسلسلان بسجال على وسائل التواصل الاجتماعي بعدما رأى فيهما البعض تشجيعًا على التطبيع.
في إحدى حلقات مسلسل "مخرج 7" الذي يروي قصة أب يحاول التأقلم مع التغيرات في المجتمع السعودي، يقيم شاب صداقة مع فتى إسرائيلي عبر لعبة إلكترونية على الإنترنت، ما يثير استغراب الأب الذي يلعب دوره الممثل السعودي الشهير ناصر القصبي.
في مشهد آخر في الحلقة ذاتها، يدافع شخص عن رغبته بإقامة علاقات تجارية مع إسرائيليين.
ويسأله القصبي "تريد أن تقيم أعمالًا مع إسرائيليين؟"، فيرد عليه "ولم لا؟ ما الخطأ في ذلك؟"، ثم يجيب القصبي "نريد أن نظهر للولد (حفيده) أن الإسرائيليين أعداء فتأتي لتقيم معهم علاقات تجارية؟".
وكان رد الممثل الآخر "العدو هو الذي لا يقدّر وقفتك معه، ويكيل لك الشتائم ليل نهار أكثر من الإسرائيليين، كل تضحياتنا من أجل فلسطين، دخلنا حروبا من أجل فلسطين، قطعنا النفط من أجل فلسطين، وما أن تحسن الفرصة حتى يهاجموا السعودية".
وقال القصبي "الفلسطينيون بشر"، موضحا "هناك فلسطينيون تعرّضوا لمذابح، وفلسطينيون باعوا أراضيهم لليهود، لكن إسرائيل هي التي تغذّي العداوة بينهم وبين باقي العرب".
أما مسلسل "أم هارون"، فيروي قصة طبيبة يهودية تعيش تحديات يومية في قريتها الكويتية خلال أربعينيات القرن الماضي.
وشبكة "أم بي سي" التي عرضت المسلسلين مملوكة من الشيخ وليد آل ابراهيم، وهو يرئس مجلس إدارتها وكان بين عشرات رجال الأعمال والأمراء والسياسيين الذين اعتقلوا في خضم حملة "مكافحة فساد" في 2017
.
وأشارت تقارير إلى أن إطلاق سراح الشيخ وليد تمّ في إطار صفقة سمحت للسلطات السعودية بتوسيع نفوذها داخل الشبكة التلفزيونية الخاصة.
وقال أحد مستخدمي تويتر "رسائل مسلسل مخرج 7 التطبيع مع اسرائيل"، بينما كتب آخر عن مسلسل أم هارون "المنتج المنفذ: إسرائيل".
لكنّ "أم بي سي" شددت على أنّ برامجها كانت بين الأكثر شعبية خلال شهر رمضان، وحصلت على أعلى التصنيفات، في حين قلّلت من شأن الانتقادات التي وجّهت لها بأنها تشجّع على التطبيع مع إسرائيل.
ونقلت الوكالة عن المتحدث الرسمي باسمها مازن حايك:" يُنظر إلى الشرق الأوسط منذ عقود على أنّه منطقة خوف وسفك دماء وكراهية وتطرف، وسعت البرامج لإظهار صورة أخرى تجسّد الأمل والتسامح والحوار بين الأديان، اتهام التطبيع أصبح قديما بعض الشيء في زمن العولمة والتواصل السريع".
ويرى مراقبون أنّ الأحداث في المسلسلين تسعى إلى "تطبيع" النقاش حول المسألة.
ويقول عزيز الغشيان، الأستاذ في جامعة "إسيكس" المتخصص في السياسة الخارجية للمملكة تجاه إسرائيل، "هذه البرامج مفيدة للسعودية لفهم موقف الناس من إسرائيل وفلسطين، إنها كأداة قياس لتحسّس ردود فعل الناس".
وهذه ليست المحاولة الأولى من نوعها.
وفي وقت سابق من العام الحالي، أعلنت المملكة عرض فيلم عن المحرقة لأول مرة في مهرجان سينمائي، قبل أن يتم إلغاء المهرجان بسبب فيروس كورونا المستجد.
وبحسب الوكالة، رفض كتّاب وإعلاميون سعوديون كثر الجدل الدائر حول عروض "أم بي سي"، مؤكّدين على موقف المملكة الرسمي بأنّ تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي شرط مسبق لتطبيع العلاقات.
وأكد مسؤول سعودي أن "موقف السعودية من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لم يتغير"، مؤكدا أن المملكة "تدعم عملية سلام تؤدي إلى اتفاق عادل وشامل مبني على حل الدولتين".
وبحسب المسؤول، فإنه، عند تحقيق ذلك "لا ترى المملكة أي عائق أمام إقامة علاقات طبيعية تفيد الدول في المنطقة، وتشمل رؤية 2030 للمملكة، قائلا:" كل ادعاءات غير ذلك غير دقيقة".
الرابط الأصلي