الطريقة التي تعاملت بها إيران مع تفشي فيروس كورونا، وكيف استخدمها علي خامنئي، وحلفاؤه لتهميش حكومة الرئيس حسن روحاني وزيادة قبضتهم على سكان البلاد، ستجهز عليه في النهاية، وينقلب السحر على الساحر.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فإن رجال الدين الإيرانيين الذين يستخدمون الوباء لتعزيز أهدافهم الدنيوية، بشكل غير مسبوق في تاريخ إيران الحديث، ربما يساهمون بشكل غير مباشر في إقتلاع جذور نظام ولاية الفقيه.
وقالت الصحيفة، عندما شبه خامنئي الفيروس الجديد بـ "الكوليرا الحديثة"، ربما لم يكن على دراية بأنه مدين جزئياً بمركزه في السلطة لتفشي وباء الكوليرا في 1889-1893، عندما استغل الزعماء الدينيون خلال تلك الفترة سوء تعامل الحكومة مع الكوليرا لتحقيق أهدافهم الأيديولوجية، وإرساء أسس التشدد السياسي الشيعي الذي أدى إلى نظام إيران المعاصر.
تمامًا مثل اتهام خامنئي للولايات المتحدة بالتسبب في الوباء الحالي، ألقى نظرائه في القرن التاسع عشر باللوم على الكوليرا في الانتقام الإلهي للتجارة الإيرانية مع الغربيين غير المؤمنين.
وأضافت الصحيفة، أن الخوف من المرض ساعد رجال الدين على تعبئة السكان ضد المصالح الغربية في إيران من خلال المقاطعة والاحتجاجات، ومنع الإخوة النجفيون، الذين كانوا من رجال الشيعة في مدينة أصفهان، أتباعهم من التجارة أو حتى الاتصال بـ "غير المؤمنين" في أعقاب تفشي الكوليرا، وأدت خطبهم الحادة إلى هياج عنيف ضد أصحاب الأعمال الأقلية في المدينة.
وحذو رجال دين آخرون حذوهم، ودعوا الإيرانيين إلى مقاطعة المنتجات الغربية، والتخلص من الملابس المصنوعة من المنسوجات الأوروبية، وتوج ذلك بمظاهرات كبيرة على الصعيد الوطني ضد اتفاق صادق عليه الزعيم الإيراني ناصر الدين شاه قاجار، والذي منح البريطانيين سيطرة حصرية على نمو وبيع وتصدير التبغ الإيراني.
وفي غضون ذلك، كان للدفعة الدينية عواقب سلبية خطيرة على إيران، وقوة رجال الدين في البلاد، لم تتم إعادة فرض القانون والنظام بالكامل في المقاطعات، وأجبرت التداعيات المالية الحكومة الإيرانية على السعي للحصول على أول قروض خارجية لها، وفتحت أبواب الاقتراض والاعتماد على الديون الخارجية.
وأدى ذلك إلى اغتيال ناصر الدين شاه، مما أدى إلى فترة من عدم الاستقرار والثورة استمرت عقدًا من الزمان تقريبًا، وتتبع الاتصال، وهو عنصر رئيسي في أي سياسة وطنية لمكافحة العدوى، ويعتمد على ثقة الجمهور، وهو أمر سيستمر في التآكل مع مزج الجيش الإيراني في مهام الصحة العامة والأمن.
وتتطلب مكافحة الفيروس أيضًا الحصول بسرعة على لوازم الاختبار والعلاج المضاد للميكروبات والوقاية من التطعيم أثناء تطويرها، وهذا هو المسار المعاكس تمامًا لما يحدث اليوم، والممارسات الحالية تهدد بإطالة أمد معاناة الشعب الإيراني، وإذا حدث ذلك، فإنها تخاطر بتفاقم هيبة الطبقات الدينية في البلاد، وهو ما حدث في أواخر القرن التاسع عشر.
الرابط الأصلي