أطباء كوبا وسر تفوقهم اللافت.. سلعة للتصدير أم ملائكة رحمة؟

ما السر وراء تفوق أطباء كوبا وتصديهم لمواجهة كورونا في العالم ؟

لا يكاد يذكر أحد اسم دولة كوبا إلا فيما يتعلق بتناول السيجار الكوبي الشهير، لكن أزمة فيروس كورونا المستجد أظهرت النقيض تمامًا؛ وهو أنّ كوبا تملك أفضل الأطباء في العالم؛ إذ انتقل بعضهم لدول كبرى مثل إيطاليا للمساهمة في مواجهة جائحة (كوفيد 19) التي أصابت ما يزيد على 7 ملايين و 363 ألف حول العالم وأودت بحياة نحو  414 ألفًا.

 

 ومؤخرًا شاهد العالم موقفًا بطوليًا لأطباء كوبا عندما وصل 52 من الأطباء الكوبيين إلى إيطاليا حين كانت البلاد تئنّ تحت جائحة فيروس كورونا المستجد، وهي المساعدة التي بخل بها عليهم حتى أشقاؤهم الأوروبيون.

 

وبحسب  إذاعة «مونت كارلو الدولية» رأى الكثيرون في ذلك عملاً بطوليًا وصفقوا له، وقرأ فيه آخرون رغبة من النظام الكوبي الذي يوصف بالاستبدادي، في إظهار تضامنه مع إيطاليا بينما لم تبعث لها دول أخرى مقربة منها، فرقها الطبية.

 

وأضافت الإذاعة: "لكن ما لا يعرفه الكثيرون، هو أن مناطق الأوبئة تعودت على وصول أطباء من كوبا، كما حدث مثلا، في هايتي زمن الكوليرا وفي دول إفريقية، في مواجهة فيروس إيبولا".

وتابعت: «وما لا يعرفه الكثيرون أيضا، هو أن كوبا من الدول التي تتوفر على أطباء من ذوي الكفاءة العالية، بل ويشكل قطاع الطب أحد المجالات الأكثر تطورا في البلاد».

 

وأشار تقرير «مونت كارلو»  إلى أنه رغم أن هذا البلد الصغير يعتبر فقيرا، ويبلغ متوسط الراتب الشهري فيه نحو 20 دولارًا فقط في الشهر، فإنه يوفر لسكانه نظاما صحيا جيدا ومجانيا وأطباء من ذوي الكفاءة العالية، وذلك انسجاما مع طبيعة نظامه الاشتراكي، وتطبيقا للدستور الكوبي الذي ينص على الحق في الصحة إلى جانب التعليم.

تطور الوضع الصحي في كوبا

وتعود أسباب تطور الوضع الصحي في كوبا إلى عام 1959 خلال الثورة الكوبية، حين غادر حوالي 6000 طبيب، أي ما يناهز نصف الأطباء، من كوبا، هربا من حكم فيديل كاسترو، مما أدى إلى عجز في المجال الطبي.

 

جاء رد كاسترو سريعا، إذ أنشأ نظاما تدريبيا محليا جديدا، ليعوض سابقه، وأولاه عناية خاصة. وهو ما مكن البلاد من توفير عدد هام من الأطباء الأكفاء الذين تلقوا تعليما معروفا بالانضباط والجدية.

 

ويخضع الأطباء الكوبيون إلى نظام صارم تشرف عليه الدولة، ولا يتلقى أولئك الذين يعملون منهم داخل البلاد سوى أجور جد منخفضة لا تتجاوز 60 دولارا في الشهر، لكن الآلاف من الأطباء الكوبيين يعملون في الخارج بشكل اختياري أو بضغط من الدولة.  

وبحسب إحصائيات حديثة فإن أكثر من 50.000 طبيب كوبيين اشتغلوا في أكثر من 77 دولة عام 2019، وضخوا مليار دولار سنويا في خزينة الدولة، وهو ما يشكل أحد المصادر الرئيسية لاقتصاد كوبا.

 

ومنذ عام 1963 يشارك الأطباء الكوبيون في المهام الإنسانية العديدة التي ساهمت فيها كوبا، وقد كانت البلاد تُقدّم هذه الخدمة بشكل مجاني، لكنها بدأت منذ عام 2000 في طلب رسوم من الدول الغنية، بعدما أُنهك اقتصادها بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.

 

ومن بين الدول التي يوجد فيها أطباء كوبيون، اليمن وغينيا وإثيوبيا وغينيا بيساو وأوغندا وغانا وغامبيا وغينيا الاستوائية، حيث أنشأت هافانا مرافق صحية مختلفة، خاصة في الفترة ما بين عامي 1963 و2004.

 

 

ومع ذلك لم يسلم  النجاح الذي تسوق له كوبا في المجال الصحي، من العديد من الانتقادات التي ترتبط بشكل وثيق بانتقادات عديدة توجه لهذا النظام الذي يوصف بـ"الاستبدادي". بل ويصف الكثيرون وضع الأطباء في كوبا بـ"العبودية الطبية» وفقا لما نقلته إذاعة «مونت كارلو».

 

غير أن ذلك لم يمنع منظمة الصحة العالمية، من الاعتراف بنجاح هذا البلد في كسب الرهان الصحي على أصعدة مختلفة، منها ما يتعلق بحصوله على أدنى معدل لانتقال الإيدز من الأم إلى الطفل، كما حدث عام 2015.

 

يذكر أن مديرة منظمة الصحة العالمية  السابقة مارغريت تشان كان قد نوهت إلى الدور الكوبي في تقديم المساعدة الطبية دوليا، وقالت: "بفضل التضامن الطبي الكوبي ارتفعت المؤشرات الصحية إلى مستويات كبيرة في مختلف شعوب العالم".

وفي آخر حصيلة لضحايا الفيروس عالميًا، أصاب كورونا 7ملايين و363 ألفًا، وأدى إلى وفاة 414 ألفًا، في حين تعافى منه ما يزيد على 3 ملايين و634 ألفًا حسب موقع "وورلد ميترز" الإلكتروني، المتخصص في رصد ضحايا كورونا بالعالم.

وللاطلاع على آخر إحصائيات ضحايا كورونا عالميًا اضغط هنا 

 

 

مقالات متعلقة