انضم متطوعًا لكتيبة الجيش الأبيض ووقف معهم على خط المواجهة مع هذا الفيروس الذي بات يحصد الأراوح اليوم تلو الآخر، غير عابئًا بما قد يحاوطه من مخاطر، ولا لصغر سنه كونه لم يتخرج بعد من كلية الطب التي التحق بها قبل نحو 6 أعوام، إلا إنه في نهاية المطاف لم يسلم من العدوى وطالته رصاصة كورونا.
الطبيب الشاب ابن "الخانكة" كان بالأمس القريب بيننا ينشر صورًا لزملاء له في المهنة ينعيهم بعدما فارقوا الحياة إثر إصابتهم بفيروس كورونا، لم يكن يعلم حينها أنه سيكون واحدًا من تلك القائمة الطويلة ويلحق بهم سريعًا.
خلال الساعات الماضية، تحولت صفحة طالب الطب محمد أشرف الجمل، إلى دفترعزاء وانهال عليها منشورات تحمل سيل من الدعوات لصاحبها الذي فارق الحياة، بعدما قرر أن يتطوع لينقذ الأرواح من هذا الفيروس الفتاك بمستشفيات العزل، ولكنه في نهاية المطاف وقع فريسة بعدما احكم كورونا شباكه عليه، ورحل عن عالمنا وسط صدمة انتابت رفاقه.
نرصد في هذا التقرير قصة "محمد الجمل" طبيب الامتياز الذي تطوع على الجبهة فطالته رصاصة كورونا..
شاهد الفيديو
محمد أشرف الجمل، هو طالب طب بالفرقة السادسة، بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، انتهت حياته وهو لا يزال يخطو خطواته الأولى في عالم الطب، حيث قاده شيئًا ما داخله إلى العمل التطوعي لخدمة مصابي كورونا بالعزل، فصار على خط المواجهة بعدما انضم لكتيبة الجيش الأبيض، وكان يقف يده بيدهم خاصًة مع تزايد أعداد الاصابات اليوم تلو الآخر.
ولكن ذات ليلة انتقلت العدوى إلى الطبيب الشاب، حينها عزل نفسه منزليًا وبدأ العلاج بالبيت، ولكن عندما تدهورت حالته تم نقله إلى المستشفى- حسبما جاء في نعى نقابة الأطباء- حيث قالت: "ننعي بمزيد من الحزن والأسي الشهيد طالب الطب محمد أشرف الجمل (بالسنة السادسة بطب مصر للعلوم والتكنولوجيا، كان يعمل متطوعًا فى أحد مستشفيات الخانكة بالقليوبية واصيب بالعدوى، وبدأ علاج منزلى وعندما تدهورت حالته نقل إلى مستشفى العزل بالخانكة وتوفي شهيدًا" .
"الجمل" الذي كان بالأمس متطوعًا لعلاج مصابي كورونا، اضحى اليوم تحت الثرى بعدما فارق الحياة، آلاف وآلاف من التعليقات والمنشورات زينت صفحة "محمد"، فالدعوات لم تنقطع عليها منذ صعود روحه لبارئها وحتى لحظة كتابة الموضوع.
فضلًا عن حرص الكثيرين على ذكر الصفات الجميلة التي كان يتحلى بها هذا الشاب والمواقف التي جمعته مع رفاقه، فاضحت صفحته اشبه بلوحة شرف ولكن يصبغها الحزن نظرًا غياب صاحبها المفاجئ.
لم يكن الطبيب الشاب الراحل، حديث العهد في العمل التطوعي، فبشهادة زملاء له كثر عبر صفحته فإنه كان يقبل على فعل الخير ومساعدة الخير، فضلًا عن أن صفحة صناع الحياة بالخانكة دونت منشورًا مطولًا عن "الجمل"، حيث جاء به: "الدكتور محمد أشرف الجمل زميلنا في صناع الحياة القليوبية فارقنا النهاردة نتيجه إصابته بكورونا..محمد طالب في ٦ طب بشري والمفروض يكون بيستعد لإمتحاناته، ولكن شعوره بالمسؤولية خلاه يتطوع في مساعدة مرضى كورونا في مستشفيات العزل واتنقلت العدوى ليه وبسببها توفى بعد محاربته للفيروس كمريض وكدكتور".
يبدو أن "الجمل" كان لتوه عريسًا منذ 6 شهور -بحسب المنشور ذاته-، الذي أكد على أن محمد كان يسعى لقضاء حوائج الناس.
وارى جثمان الشاب الثرى في مقابر الخانكة عند الشيخ مصلح، لم يتمكن الجميع من توديعه لذا اتفق رفاق فيما بينهم أن يصلوا صلاة الغائب على حبيبهم الذي رحل، سائلين المولى أن يتغمده بواسع رحمته.