«الخضراء» تهزم كورونا.. كيف سقطت الجائحة في تونس؟

قيس سعيد

"تونس الخضراء".. هذا البلد العربي الصغير، استطاع أن يهزم فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) رغم استمرار تفشي تلك الجائحة في معظم عواصم العالم، وتكبيدها خسائر بشرية ومادية كبيرة.

 

ولعل أبرز أسباب انتصار تونس على الفيروس، هو الخطة الصحية التي وضعتها الحكومة لمواجهة تلك الجائحة، وكذلك التزام التوانسة بها، إلى جانب القرارات التي اتخذتها الحكومة كالحجر الصحي وتوفير الاحتياجات والمستلزمات الطبية.

 

وقبل ساعات، أعلن رئيس الوزراء التونسي إلياس الفخفاخ، انتصار بلاده على فيروس كورونا.

 

وقال الفخفاخ، في حوار مع قناة "التاسعة" الخاصة، إن "على التونسيين الافتخار والاعتزاز بأن بلادهم انتصرت على جائحة كورونا، وذلك بفضل جهود جميع الأطراف طيلة الفترة الماضية".

 

وأضاف: "خرجنا من هذه الأزمة بأخف الأضرار وبنتائج مهمة جدا على المستوى الصحي".

 

 

إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة التونسية

 

وأشار الفخفاخ إلى أن بلاده تستعد لإعادة فتح حدودها انطلاقا من 27 يونيو الجاري، مستبعدا إمكانية عودة انتشار الفيروس في تونس، إلا أنه دعا لتوخي الحذر من أجل القضاء نهائيا على الجائحة.

 

ولفت رئيس الوزراء التونسي إلى أن بلاده "بذلت قصارى جهدها من أجل إجلاء رعاياها في الخارج حيث تم إجلاء 25 ألف شخص منذ بداية أزمة كورونا".

 

وفي تصريحات صحفية، تحدث عضو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد الدكتور الحبيب غديرة موضحا أن تونس نجحت إلى حدود اليوم في السيطرة على وباء كوفيد- 19، بالنظر إلى أن جميع الحالات الموجودة حاليا هي حالات معزولة تحت الرقابة الطبية التي يخضع لها جميع المقيمين في مراكز الحجر الصحي الإجباري، وهو أمر يعتبره غديرة مطمئنا.

 

وأضاف غديرة أن هذا النجاح هو نتاج استراتيجية دقيقة اتبعتها تونس في مجابهة هذا الفيروس، مشيرا إلى أن استحداث المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة منذ سنة 2005 كان له دور هام في دعم جهود وزارة الصحة في السيطرة على هذا المرض، قائلا إن "المرصد يتضمن كوادر مؤهلة للتعامل مع الأمراض الجديدة وهو ما سهل عملية التعامل مع هذا الفيروس المستجد".

 

الرئيس التونسي قيس سعيد

 

 

وأضاف غديرة أن الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها السلطات التونسية أسهمت في تطويق المرض والسيطرة عليه، متابعا "تونس كانت من أول البلدان التي اتخذت قرار غلق المجال الجوي منذ تسجيل 47 حالة وافدة، كما كانت سباقة أيضا في اتخاذ قرار تطبيق الحجر الصحي الشامل وهذا النجاح يعود أيضا إلى السياسيين الذي سمحوا بتطبيق الإجراءات العلمية الاستباقية وهو عكس الخيار الذي اتخذته بعض البلدان الأخرى على غرار فرنسا التي غلّبت في البداية الجوانب الاقتصادية على الجوانب الصحية".

 

ومن العوامل الأخرى المؤدية إلى هذا النجاح، يقول غديرة إن الخوف من الهشاشة الصحية أسهم أيضا في التسريع باتخاذ الاجراءات الوقائية، بالنظر إلى النقص الحاصل في المعدات الطبية، فتونس لا تمتلك مثلا سوى 240 سرير إنعاش موزعة على مختلف محافظات الجمهورية، بما يعني وجود سريريْ إنعاش فقط لكل 100 ألف مواطن، وهو معدل متدني جدا مقارنة بالمعدل العام.

                              

وأضاف أن الحكومة أسهمت بدورها في إنجاح عملية مقاومة الوباء من خلال توفير الإمكانيات المالية لإجراء أكبر عدد ممكن من التحاليل المخبرية التي تم تدعيمها لاحقا بتحاليل التقصي السريع، فضلا عن تدعيم الإدارات الصحية في المناطق للمشاركة في الخطة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا.

 

 

وأوضح عضو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد أن فرضية الرجوع إلى الدورة الاقتصادية وفتح الحدود تدريجيا لاستقبال التونسيين المقيمين في الخارج والسياح الأجانب ستكون خطرا على الوضع الصحي في البلاد، مؤكدا أن وزارة الصحة تعمل على تفادي موجة ثانية لمرض كوفيد- 19 من خلال فرض إجراءات حازمة وصارمة.

 

وتابع "من أهم الإجراءات الوقائية لتفادي موجات جديدة لانتشار الوباء هو الحجر الصحي الشامل، ونحن لم يعد لنا إمكانيات لتفعيله مرة أخرى، لأن المخزون المالي لتونس نقص فضلا عن أن الطاقة الاجتماعية والنفسية للمواطنين لم تعد قادرة على تحمل تبعات هذا الإجراء، وهو ما يحتّم علينا اتباع استراتيجية وقائية ترتكز على ثلاثة أسس، تتمثل في تقصي الحالات الموجودة باستخدام التحاليل المخبرية والتحاليل السريعة، إلى جانب توخي الصرامة مع الوافدين وإخضاعهم إلى تحاليل مسبقة في البلدان التي قدموا منها، فضلا عن إخضاعهم إلى الحجر الصحي لدى قدومهم إلى تونس تحسبا لإمكانية انتقال العدوى أثناء السفر".

 

ويتمثل الإجراء الثالث، وفقا لغديرة، في تفعيل الوقاية التي ترتكز على ارتداء الكمامات واحترام التباعد الجسدي وغسل اليدين باستمرار، وهو ما يساعد على تقليص فرص انتشار الفيروس مرة أخرى.

 

وعن الأسباب الأخرى التي قادت تونس إلى النجاح في مجابهة فيروس كورونا ومنع انتشاره، قال رئيس لجنة الصحة بمجلس نواب الشعب خالد الكريشي، إن البرلمان التونسي لعب دورا هاما في كسب المعركة ضد مرض كوفيد- 19، من خلال تفعيل دوره الرقابي والتشريعي".

 

وأوضح الكريشي أن لجنة الصحة بالبرلمان كانت سباقة في استدعاء وزارة الصحة في الحكومة السابقة منذ مطلع فبراير الماضي ومسائلتها حول الإجراءات الاستباقية التي سيتم اتخاذها قبل دخول الفيروس إلى تونس، فضلا عن عقد جلسات استماع متتالية مع الوزارات المعنية لمتابعة الإجراءات التي تخص الجانب الصحي بدرجة أولى ثم الإجراءات الاجتماعية التي تهم المواطنين المتضررين من أزمة كورونا.

 

واستحسن الكريشي الاتصال المستمر للنواب بالمواطنين في المناطق الداخلية ومشاركتهم في الحملات التوعوية والتفقدية حول تجاوب الأهالي مع قواعد الحجر الصحي الشامل ثم الحجر الموجه.

 

إلى ذلك قال الكريشي إن تونس سجلت نجاحا تشريعيا مهما ساهم في إنجاح الدور الطبي في مجابهة الفيروس، من خلال مناقشة مشروع المسؤولية الطبية الذي يهم القطاع الصحي بدرجة أولى، ثم المصادقة بأغلبية تجاوزت الثلثين على مشروع القانون المتعلق بتفويض رئيس الحكومة في إصدار مراسيم لمجابهة فيروس كورونا في 3 أبريل 2020.

 

 

وفي 8 يونيو الجاري، قرر الرئيس التونسي قيس سعيد، رفع حظر التجوال المفروض بكامل البلاد في إطار تدابير مواجهة تفشي كورونا.

 

وذكر بيان للرئاسة التونسية، أن القرار يأتي عقب "ما تم تسجيله من نتائج إيجابية تتعلق بالحد من انتشار كورونا في مختلف مناطق الجمهورية".

 

ومنتصف مارس الماضي، أعلن الرئيس سعيّد حظر التجول في البلاد من السادسة مساء وحتى السادسة صباحاً  للحد من تفشي الفيروس.

 

وحتى صباح اليوم، سجلت تونس 1.096 إصابة بكورونا، بينها 49 وفاة، و998 متعاف، بحسب وزارة الصحة.

 

يذكر أنه قبل إعلان رئيس الحكومة التونسية القضاء على كورونا، أعلنت تونس خلوها لقرابة 11 يوما متتالية من الإصابات.

 

 

مقالات متعلقة