ميدان التحرير، لم يكن على مدار التاريخ منذ إنشائه مجرد ميدان كما غيره، لكنه دائما هو الأشهر على مستوى محافظات الجمهورية، هو رمز الثورة المصرية وشهد على الكثير من الأحداث التاريخية، هو الآن بات مزينًا بالتمام والكمال ليصبح مزارًا سياحيًّا وأثريًا، مقصدا تنهال عليه عروض الاستثمار.
خلال الفترة الماضية، عكفت الحكومة على تطوير ميدان التحرير، الذي يحاكي في تصميمه ميدان شارل ديجول في العاصمة الفرنسية باريس، ليظهر في رؤية جديدة تمزج بين العصرية والأثرية، ولكن ماذا سيكون مصير الميدان وما يجاوره من مبانٍ تاريخية وحكومية ؟.
أبرز أعمال التطوير:
قبل الحديث عن عروض المستثمرين التي بدأت تتوالى للاستثمار في مجمع التحرير، نستعرض أبرز أعمال التطوير التي شهدها الميدان والمباني والعقارات المطلة علية، والتي كلفت نحو 60 مليون جنيه، بحسب تقرير الهيئة العامة للاستعلامات.
وشملت الأعمال تثبيت مسلة الملك رمسيس بوسط الميدان بصينية التحرير، والتي تزن 90 طنًا بالإضافة إلى قاعدة المسلة التي تم نقلها من منطقة صان الحجر بالشرقية، وتثبيت 4 تماثيل كباش فرعونية حول المسلة، تم نقلها من الفناء الأول خلف الصرح الأول بمعبد الكرنك بمدينة الأقصر، وتجديد وزراعة كل أرجاء الميدان بأشجار النخيل والزيتون والنباتات، وإضاءة المبانى المحيطة بالميدان، ومتحف التحرير بمنظومة إنارة حديثة.
كما تضم الأعمال إنشاء نافورة مدرجة بثلاث مستويات تحيط بالمسلة والكباش الفرعونية تتدلى منها المياه على جوانبها الرخامية، بشكل انسيابى، وتمت زراعة المنطقة المحيطة بالنافورة ليتحول لونها للأخضر، دهان العقارات المطلة على ميدان التحرير بلون موجد، وإزالة الإعلانات، وزراعة الميدان بالكامل بنباتات "نخيل وزيتون ونباتات بردى وخروب وجميز، وشجر مخيط، وسنط، وزراعة المنطقة السطحية لجراج التحرير بأشجار الزيتون والنخيل، ونشر مقاعد للجلوس بطول الحدائق، وزراعة المنطقة المواجهة لمجمع التحرير بأشجار الزيتون ونباتات الزينة داخل أحواض متنقلة، والتعاقد مع شركة أمن لتأمين الميدان.
عروض الاستثمار
بعد هذا المشهد الذي بدى عليه ميدان التحرير في ثوبه الجديد بعد التطوير، ليصبح ضمن المزارات السياحية والأثرية، أصبح الأمر يمثل إغراءً للمستثمرين في الداخل والخارج الذي بدأوا يدلوا عروضهم للاستثمار في مبانيه التاريخية والحكومية، مثل مجمع التحرير.
وحاليًّا تمايز الحكومة بين العروض المقدمة لصندوق مصر السيادي من قبل بعض المستثمرين للاستثمار في مجمع التحرير، للوصول إلى أفضل عرض للاستغلال الأمثل لهذا المبني التاريخي، الذي يقع في قلب ميدان التحرير.
وكلف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال اجتماع أول أمس الاثنين، بدراسة العقود المقدمة للصندوق بشأن إعادة استغلال مجمع التحرير من جانب بعض المستثمرين، موجها بسرعة دراسة هذه العروض الفنية والمالية، ومناقشة المستثمرين المتقدمين بعروضهم أو غيرهم، للوصول إلى أفضل عرض.
عمرو أديب:"استثمار مش صرف"
وتعليقا على عروض الاستثمار في ميدان التحرير، علق الإعلامي عمرو أديب، قائلا :"دا استثمار مش صرف، إحنا مبنصرفش احنا بنستثمر، في تصوري للأمر عارف أن بكرة وبعده هيجي مستثمرين سعوديين وإمارتية وإنجليز وفرنساوي، وكل دا هيعود على الدولة بفلوس كتير، لأن في إدارات ووزارات كتير".
وأضاف خلال برنامجه التلفزيوني: "بعد هذه المعجزة العظيمة بتطوير ميدان التحرير، وحطينا الكباش والمسلة، هذا التطوير العظيم، وإفراغ مجمع التحرير من المصالح الحكومية، اليوم فقط تلقت الدولة المصرية عروض من الداخل والخارج لاستغلال مجمع التحرير".
وأشار أديب إلى أن هناك عروضًا لتحويل مجمع التحرير إلى فندق عظيم، لافتا إلى أن رئيس الوزراء والمهندسين أحضروا الرسومات القديمة لمجمع التحرير، واكتشفوا أنه يمكن تقسيم المجمع إلى غرف فندقية بسهولة.
واستطرد:"لما قريت أن في حد قدم على ميدان التحرير، قولت ياما انت كريم بارب، أنا بحلم بالموضوع دا من سنين، ديما كان عندي تركيز أوي على مجمع التحرير، وكنت شايف أن دا مبنى عظيم تاريخي، وحرام انه مجمع التحرير يكون موجود فيه المصالح الحكومية وأنه في مكان عبقري، الحمد لله هذا الأمر أصبح حقيقة بعد التطوير الذي حدث في ميدان التحرير".
ورأى أديب أنه يمكن أيضا الاستثمار في المباني الحكومية الكائنة في منطقة الدقي بمحافظة الجيزة قائلا: "أنا عيني على وزارة الري والزراعة، مبنى وزارة الزراعة شيء جبار، الحاجات دي لابد من تطويرها، وهتكون حاجة جميلة".
وأضاف :"وزارة الداخلية لم تحتاج إلى مقرها في شارع الاظغولي، المبنى والمنطقة دي يتم تطويرها زي الأوبرا في باريس، وكمان وراء مجمع التحرير وزارة الشؤون الاجتماعية ودا مبنى عظيم لابد من تطويره".
أصل التطوير
الرغبة في تطوير ميدان التحرير وطرحه للاستثمار لم يكن فكرة حديثة، فهي تعود إلى سنوات مضت، فبحسب الإعلامي عمرو أديب، أن حلم الاستثمار في المباني الحكومية المحيطة بميدان التحرير يعود إلى عام 2007، ولكن لم تأت الإدارة التي كانت قادرة على مد الأيدي للتنفيذ.
ويقع مجمع التحرير، على مساحة 28 ألف متر مربع، بارتفاع 55 مترا، ويضم 14 طابقا، بها 1356 حجرة، وكان يضم نحو 9 آلاف موظف حكومي.
وتعود فكرة إخلاء مجمع التحرير إلى عام 2000، حين أصدر الدكتور عاطف عبيد، رئيس الوزراء آنذاك، قرارا بإخلاء المجمع من الموظفين، لتفريغ العاصمة من المصالح الحكومية لتقليل الضغط والزحام من وسط القاهرة.
وقد بدأ الإخلاء بالفعل، في مارس 2016، في عهد الدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة الأسبق، ضمن خطة الحكومة لإفراغ مجمع التحرير من الموظفين، ونقل الوزارات والهيئات الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
وبدأت وزارة التضامن الاجتماعي إخلاء الإدارات التابعة لها بمجمع التحرير في عام 2016، ولقحت بها مصلحة الجوازات والهجرة لأماكن خاصة بها في أكاديمية الشرطة.
وكان أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي المصري، قد كشف في تصريحات تعود لشهر نوفمبر 2019، عن اهتمام الصندوق بمبنى مجمع التحرير، بعدما ظهر اهتمام أولي من مستثمرين يرغبون في إعادة إدارة المبنى واستغلال الموقع الاستراتيجي له بشكل حضاري بعد إخلائه إداريا.