وفاءٌ للقَسَم إخلاصٌ للإنسانية.. حكاية شهيد كورونا الذي خلّده عطاؤه

الشهيد رقم 70 الدكتور محمد حشاد

تخطت قائمة شهداء جيش مصر الأبيض إثر إصابتهم بفيروس كورونا المستجد الـ 73 طبيبًّا، لكن توقف الكثيرون عند الشهيد رقم 70، الدكتور محمد حشاد، الذي أثارت وفاته تعاطفًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول صورة له وهو يهرول بأسطوانة أوكسجين ويصعد بها على سلالم المستشفى لإنقاذ حياة مريض.

 

الدكتور محمد حشاد، لم يكن مجرد أخصائي طب أطفال وحديثي الولادة بمستشفى ناصر العام، بل كان رجلا استثنائيا جعل من عمله عالما خاصا له، فهو طبيب يداوي الأطفال بقسم الأطفال، ورجل خير يجمع التبرعات لتجهيز الحضانة، ويتبرع من ماله الخاص، وإذا تطلب الأمر تجده فني غازات، وكهربائي يصلح الأعطال.

 

 

الطبيب الشاب، ذو الـ 35 عاما، لم توقفه أى معوقات أو نقص فى إمكانيات، وكان جزء من محاربته للوباء هو التغلب على كل ما يعوق وصوله لهدفه.

 

خاض الدكتور محمد حشاد، معركته في محاربة كورونا وإنقاذ المرضى بكل ما هو متاح وغير متاح، فكان يلعب كل الأدوار إضافة إلى عمله كطبيب، فتارة تجده سباكا أو نجارا، وكل ما تقضيه الحالة داخل المستشفي، كما وصفته "نقابة الأطباء" نقلا عن أصدقائه.

 

من بعد أن كان يخوض معركة لإنقاذ حياة المرضى، خاض هو صراع مع فيروس كورونا، الذي اخترق جسده أثناء عمله، وبعد رحلة قصيرة على جهاز التنفس الصناعي، انتقل الطبيب الشاب، إلى رحمة الله تعالى، ليترك إثرًا كبيرًا وراءه، يخلد ذكره في سجل أبطال جيش مصر الأبيض الذي خاضوا الحرب ضد الوباء.

 

 

رحل الشهيد الدكتور محمد حشاد، رئيس قسم المبتسرين بمستشفى ناصر العام، لكن سيبقى مشهده وهو يهرول بأسطوانة الأوكسجين، للحاق بتنفس المريض، حتى أنه لم ينتظر الأسانسير، وصعد على السلالم وهو يحمل الأنبوبة، محفورا في ذاكرة الأطباء والمرضى وكل من رأى تلك الصور.

 

يقول الدكتور محمود عوض، مدير العلاقات العامة بمستشفي ناصر العام، عن الدكتور محمد حشاد: "ليل ونهار يلم مننا فلوس بالإجبار علشان يجيب كراسي في استراحة المرافقين، مروحه لينا، لبن للأطفال، فوت للحضانات، كروكس للمرافقين وقت الزيارة".

 

 

وأضاف: "مش بيكتفي بده وبس زي ما الصورة موضحه كده مش محتاجه شرح، سباك يشتغل، كهربائي ماشي، نجار مفيش مانع، اي حاجه المهم الشغل ميتعطلش، ده  نموذج مثالي للإنسان العادي، مبدأه في الحياة إن مفيش حاجة هتوقف الشغل، وإن لازم الدنيا تمشي عشان الناس الغلابة دي علاجها يستمر".

 

وقالت نقابة الأطباء، في نعي الدكتور محمد حشاد وغيره من شهداء جيش مصر الأبيض: "تقف كل الكلمات عاجزة ومنبهرة أمام نوعية من البشر تعيش بيننا بأرواح ملائكة، اختصهم الله بصفات الرحمة والشجاعة والإنسانية كمشاعر وأفعال، يتقدمون الصفوف الأولى فى حرب شرسة مع عدو لايرحم.. يتحور ويخادع بكل الطرق لغزو أجسادنا".

 

وأضافت: "تقبلوا المهمة وفاءً للرسالة وللقسم العظيم وتقدموا للعدو بصدور مفتوحة لا تهاب الموت، كتبواوصيتهم، وودعوا أحبابهم، ترجلوا فى الساحة بقلوب آمنة مطمئنة ووجوه مستبشرة راحوا ينثرون مشاعر الطمأنينة على مرضاهم لتقوى مناعتهم فتساعدهم فى الانتصار على الفيروس اللعين".

 

 

واستطردت: "وبفدائية كبيرة تلقوا الضربات وبصبر أكبر اعتبروها منحة من الله وفرحوا بدرجة الشهادة، ولم يختلف الأمر بين شباب فى مقتبل حياته المهنية والاجتماعية وبين أساتذة واستشاريين فى قمة نضجهم الطبى المهنى بعضهم معلوم جهدهم ودورهم فى حياة الناس بشكل ظاهر ومعروف والبعض الأخر كان يؤثر ان يكون خيره وجهده هو خبيئته مع الله".

 

وتابعت: "قائمة تخطت الـ73 شهيدًا حتى كتابة هذه السطور، والعداد مستمر يوميا لا يتوقف، فى قصصهم عبرة.. نقف أمامها للتأمل والترحم على نفوس وأفعال جليلة، إنهم أبطال لا يهابون الموت".

 

وأردفت نقابة الأطباء: "فمحنة كورونا كما اختطفت منا قمم فى الطب، أزاحت الستار عن أبطال لم نكن نعرف عن الوجه الأخر لهم مع الناس فهم يمارسون الإنسانية من أجل الإنسانية دون أن يشعر بهم أحد فهم لا يبتغون جزاءا ولا شكورا فمنحهم الله هذه الدرجة من الشهادة ومنهم؟".

مقالات متعلقة