فى السنوات الماضية، كان المسلمون يهرعون إلى المساجد لأداء صلاة الكسوف، اقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، متضرعين إلى الله ومتوسلين له راجين مغفرته وعفوه ورضاه، وعلى غير العادة أحال فيروس كورونا المستجد هذا العام بينهم وبين إحياء هذه السنة، وذلك بعد تسبب هذا الوباء فى إغلاق بيوت الله التى كان يرفع فيها اسمه.
قطاع كبير من المسلمين لم يتمكنوا من إحياء سنة النبي الكريم بأداء صلاة الكسوف، وبعضهم أدوها فى المنازل، فيما حرصت المملكة العربية السعودية على أداء هذه الصلاة فى الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة.
وشهد العالم اليوم الأحد، أهم حدث فلكي في 2020، وهو أول كسوف حلقي للشمس في عام 2020، والذي يحدث عندما يكون القمر في مداره بعيدا عن الأرض فيغطي قرص الشمس ولكن ليس بشكل كامل، وتنتج عن ذلك حلقة من الضوء حول القمر المظلم.
وجرى رؤية الكسوف بشكل جزئي في مصر والمنطقة العربية، في حين تتم رؤيته بشكل حلقي في دول أخرى، وذلك فى كل من "الكونغو، جمهورية أفريقيا الوسطى، إثيوبيا، باكستان، الهند، الصين، جنوب السودان، أريتريا، اليمن وعمان"".
وبدأ الكسوف الجزئي في القاهرة في تمام 6:25 صباحا، وكانت ذروته في 7:20 ونهايته في 8:20 صباحا تقريبًا، واستغرق منذ بدايته وحتى نهايته خمس ساعات 48 دقيقة.
ونظرا لإغلاق المساجد فى مصر، أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا توضيحيا لتعريف الناس بكيفية أداء صلاة كسوف الشمس فى منازلهم.
وعن كيفيتها قالت لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن صلاة الكسوف أو الخسوف ركعتان، في كل ركعة قيامان، وقراءتان في القيامين بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وركوعان، وسجدتان.
وأعلى الكمال في كيفيتها: «أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويستفتح بدعاء الاستفتاح، ويستعيذ ويبسمل، ويقرأ الفاتحة، ثم سورة البقرة أو قدرها في الطول، ثم يركع ركوعًا طويلًا فيسبح قدر مائة آية، ثم يرفع من ركوعه فيسبح ويحمد في اعتداله ثم يقرأ الفاتحة وسورةً دون القراءة الأولى؛ كآل عمران أو قدرها، ثم يركع فيطيل الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم يرفع من الركوع فيسبح ويحمد ولا يطيل الاعتدال، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ولا يطيل الجلوس بين السجدتين»، «ثم يقوم إلى الركعة الثانية، فيفعل مثل ذلك المذكور في الركعة الأولى من الركوعين وغيرهما، لكن يكون دون الأول في الطول في كل ما يفعل، ثم يتشهد ويسلم»
وأوضحت الدار أن المصليى يجهر بالقراءة في خسوف القمر، لأنها صلاة ليلية، ولا يجهر في صلاة كسوف الشمس، لأنها صلاة نهارية، مؤكدة فى الوقت ذاته أنه لا يشترط قراءة سورة البقرة وآل عمران ويمكن قراءة ما يتيسر للمصلي، ولكن الأكمل قراءتهما.
فى المقابل، حرصت المملكة العربية السعودية على أداء صلاة الكسوف صباح اليوم الأحد، فى المسجد الحرام والمسجد النبوى، عند الساعة الـ7:40 صباحًا، وأم المصلين فى الحرم المكي الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي، الذى حث المسلمين فى خطبة الكسوف على تقوى الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه.
وأوضح أنه فى الوقت الراهن هناك توافق لحدثين وتزامنت آيتان وتازر نديران، فالوباء الذى ما زلنا نعيش أيامه قد ضرب أطنابه فى العالم وتفشى وسرى سريان النار فى الهشيم، وتجرع الناس ويلاته، وذاقوا مرارته وتهاوت أمامه المحاولات المادية لاحتوايه.
وأضاف أن الحدث الآخر كسوف الشمس وهى ذات الوجه الوضاء بينما تظهر كل يوم من المشرق فى السماء وتطل علينا ببهائها الجذاب منيرة ساطعة لا حائل دونها ولا حجاب، إذ تبزغ اليوم وترتفع لكن على خلاف عادتها وطبيعتها لحكمة أرادها خالقها، وهى علامة مخوفة وآية محذرة منذرة.
وفى المدينة المنورة، أم المصلين الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان، وعقب انتهاء الصلاة ألقى خطبة حث فيها المصلين على تقوى الله، وبين أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا بأمر الله ليس لموت أحد وإنما يخوف الله بهما عباده، حاثا المسلمين على التضرع وكثرة الدعاء والاستغفار.