مع أن الضربات الأولى لجائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) استهدفت بالأساس دول غنية وتتمتع بنظام صحي قوي، بداية من الصين ومرورا بإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، إلا أن الوباء واصل انتشاره السريع، وفتك بالعديد من الدول النامية والفقيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكيا اللاتينية.
ومن بين ما يقرب من عشرة ملايين مصاب بالفيروس ونحو نصف مليون شخص قضوا نحبهم تحت وطأة كورونا، تبرز معاناة ملايين اللاجئين عبر العالم، الذين اجتمعت عليهم قسوة الوباء مع شدة الفقر وضراوة الحروب والصراعات التي شردتهم من أوطانهم.
وأشار ديفيد ميليباند رئيس لجنة الإنقاذ الدولية إلى أن اللاجئين والنازحين في مختلف أنحاء العالم يعيشون وضعا استثنائيا ثلاثي المحاور يتمثل في الصراع والنزوح، وكوفيد-19، والأزمة الاقتصادية العالمية التي ولّدها المرض والآن الإخفاق الواضح للقيادة العالمية في التحرك لمنع المرض ومعالجته.
وأوضح ميليباند، في حوار مع وكالة رويترز، أن العالم يمر بأسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير ولانكماش النشاط الاقتصادي بفعل كوفيد-19 أثر كبير على الجوع في الدول التي تشهد صراعا، مشيرا إلى أن الضعفاء في الدول النامية يحتاجون دفعة مالية تبلغ 1.7 مليار دولار على مدار الأشهر الستة المقبلة للحيلولة دون أن يصيبهم الجوع نتيجة لهذا الركود.
وأضاف أنه على رأس الدول التي تستقبل اللاجئين تركيا (3.6 مليون) وكولومبيا (1.8 مليون) وباكستان وأوغندا وألمانيا.
وتابع: بعد أن زرت كولومبيا العام الماضي تستحوذ علي بشكل خاص التوقعات التي تنتظر اللاجئين الفنزويليين عندما يصلون إلى كولومبيا. فقد فقدوا كل شيء. رحبت كولومبيا ترحيبا غير عادي بهم لكن الخدمات تتعرض لضغوط شديدة. ومن الضروري توفير المزيد من التمويل والدعم في الأجل الطويل لتلبية الاحتياجات المتزايدة في البلاد والمنطقة بما في ذلك إعادة التوطين بشكل دائم في دول ذات دخل أعلى.
ولفت إلى أنه عاد أكثر من 71 ألف فنزويلي من كولومبيا إلى فنزويلا بعد أن حالت الجائحة بينهم وبين الرزق بل قام كثيرون منهم بهذه الرحلة سيرا على الأقدام. وتقدم لجنة الإنقاذ الدولية الرعاية الصحية والغذاء والماء وفحوص كوفيد-19 لهؤلاء العائدين.
وانتقد ميليباند عجز المجتمع الدولي ومؤسساتهم عن مساعدة اللاجئين، لافتا لقلة القرارات التي هي على نفس الدرجة من الخطورة لاسيما وسط هذه الجائحة، خاصة أن واحدا في المئة من البشر الآن نازحون.
وتأتي تصريحات ميليباند بعد يومين من إطلاق المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، جرس إنذار من غياب القيادة العالمية والوحدة في مكافحة فيروس كورونا، معتبر أن ذلك يشكل تهديدا أكبر من الوباء نفسه، كما أن تسييس الجائحة جعلها أسوأ.
وقال المدير العام للمنظمة في منتدى صحي افتراضي في إطار القمة العالمية للحكومات التي تنظمها دبي "العالم في حاجة ماسة إلى الوحدة الوطنية والتضامن العالمي. تسييس الجائحة فاقمها". وأضاف "التهديد الأكبر الذي نواجهه الآن ليس الفيروس نفسه بل غياب التضامن العالمي والقيادة العالمية".
وشدد جيبريسوس على أنه من الضروري أن تجعل جميع الدول الرعاية الصحية الشاملة أولوية محذرا من أن العالم وعى الدرس القاسي المتمثل في أن النظم الصحية القوية هي "أساس الأمن الصحي العالمي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية".
يواصل فيروس كورونا، على مدار الساعة، تسجيل حالات إصابة جديدة، وكذلك وفيات في مختلف بلدان العالم، فتتغير الأرقام بشكل متواصل على مدار الساعة.
وكشف الموقع الاحصائي "ورلد ميتر"، المتخصص في رصد احصائيات الفيروس عالميًا، أصبح عدد الإصابات بالعالم، على قرابة الـ10مليون إصابة بالفيروس حتى اليوم الخميس، منذ ظهور الوباء لأول مرة في ووهان التابعة لمقاطعة هوبي الصينية، وحتى الآن بعد انتشاره حول العالم.
وبحسب الموقع ورلد ميتر فإن حالات الاصابات بالتحديد حول العالم بلغت حتى الآن 9,520,134 حالة، أما الوفيات فوصلت إلى 483,958 شخص.
وأجبر انتشار الفيروس على نطاق عالمي دولًا عديدة على إغلاق حدودها، وتعليق الرحلات الجوية، وإلغاء فعاليات عديدة، ومنع التجمعات بما فيها الصلوات الجماعية، وتأجيل أو إلغاء فعاليات رياضية وسياسية واقتصادية حول العالم، وسط جهود متسارعة لاحتواء المرض.
وكانت منظمة الصحة العالمية، أعلنت حالة الطوارئ نهاية يناير الماضي، على نطاق دولي لمواجهة تفشي الفيروس، الذي أثار حالة رعب تسود العالم.
وأطلقت عليه اسم (كوفيد 19) في فبراير 2020 وصنفته في 11 مارس الماضي بأنه وباء عالمي، مؤكدة أن أرقام الإصابات ترتفع بسرعة كبيرة، معربة عن قلقها من احتمال تزايد المصابين بشكل كبير.