مفاوضات سد النهضة.. ما هو الاتفاق المنقوص الذي رفضته مصر؟

سد النهضة

 

فتح تأكيد وزارة الري المصرية، في بيانها الصادر مساء أمس الأربعاء، على رفض مصر أي اتفاق بخصوص سد النهضة الإثيوبي، يتضمن "صياغات منقوصة لا تراعي الشواغل المصرية أو تؤجل مناقشه القضايا الخلافية بين الدول الثلاث"، التكهنات حول طبيعة الصيغة المقترحة التي رفضتها القاهرة.

 

وكشفت تقارير صحفية أن إثيوبيا طرحت خلال المفاوضات الجارية حاليا، بوساطة من الاتحاد الأفريقي، تأجيل النقاط العالقة إلى ما بعد الملء الأولى للسد، وهو ما رفضته كل من مصر والسودان بشدة.

 

المقترح الإثيوبي ليس جديدا، حيث سبق للسودان أن أعلن في 12 مايو الماضي أنه رفض مقترحا إثيوبيا بتوقيع اتفاق جزئي حول ملء بحيرة سد النهضة، وأكدت وزارة الري السودانية أن توقيع أي اتفاق جزئي للمرحلة الأولى لا يمكن الموافقة عليه، نظرًا لوجود جوانب فنية وقانونية يجب تضمينها في الاتفاق"، حددتها آلية التنسيق وتبادل البيانات وسلامة السد والآثار البيئية والاجتماعية.

 

وشددت الوزارة، في حينها، على أن "معظم القضايا تحت التفاوض، وأهمها آلية التنسيق وتبادل البيانات وسلامة السد والآثار البيئية والاجتماعية المرتبطة ارتباطا وثيقا ليس فقط بالملء الأول، وإنما بكل مراحل الملء والتشغيل طويل المدى، وبالتالي لا يمكن تجزئتها".

 

كما تمسكت الخرطوم بضرورة التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين السودان ومصر وإثيوبيا، مشددة على أن "الطريق للوصول إلى اتفاقية شاملة هو الاستئناف الفوري للمفاوضات".

 

كما كشفت مصر أيضا أنها تلقت في نفس التوقيت من إثيوبيا عرضا مماثلا لتوقيع اتفاق جزئي للبدء بملء بحيرة السد في يوليو، على أن يتم التفاوض على باقي القضايا العالقة في وقت لاحق، لكن القاهرة رفضته بشدة.

 

في السياق، تواصلت أمس الأربعاء لليوم السادس على التوالي المحادثات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي برعاية الاتحاد الأفريقي وممثلي الدول والمراقبين والتي تهدف إلى التباحث حول اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة. وتم عقد اجتماعات ثنائية، بين كل دولة على حدة مع المراقبين والخبراء.

 

وشككت وزارة الري المصرية، في إمكانية التوصل لاتفاق خلال المفاوضات الجارية، مشيرة إلى أنه "في ظل استمرار تمسك إثيوبيا بمواقفها المتشددة بخصوص الأجزاء الفنية والقانونية الخاصة بالاتفاقية فإن ذلك يقلل من فرص التوصل إلى اتفاق في ظل أن هذه النقاط تمثل العمود الفقري للجزء الفني والقانوني من الاتفاق بالنسبة لمصر".

 

وأوضح بيان للوزارة أن مفاوضات أمس شهدت قيام "الوفد المصري باستعراض رؤيته بخصوص النقاط الخلافية بين الدول الثلاث في المسارين الفني والقانوني، وخاصة عدم معالجة إجراءات مجابهة فترات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات شحيحة الإيراد خلال كل من الملء والتشغيل، بالإضافة إلى قواعد إعادة الملء بعد فترات الجفاف الممتد، وكذلك قواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، المشروعات المستقبلية على النيل الأزرق والمعالجة القانونية لها، الاتفاقيات القائمة وعدم المساس بها".

 

كما عرض الجانب المصري "آلية فض النزاعات، والتي رفضت إثيوبيا تضمينها في الاتفاق مع تمسكها بالانفراد بتغيير قواعد التشغيل بطريقة أحادية وبإرادة منفردة وقد ظلت هذه النقاط محل خلافات إلى الآن".

 

ولفت البيان إلى أن المراقبين طرحوا "بعض الملاحظات والاستفسارات بغرض تقريب وجهات النظر، حيث قامت اللجان الفنية والقانونية بالرد عليها وتوضيحها، وأكد الجانب المصري للمراقبين أن مصر لن تقبل بأي صياغات منقوصة لا تراعي الشواغل المصرية أو تؤجل مناقشه القضايا الخلافية بين الدول الثلاث، كما أن مصر قد قدمت العديد من البدائل التي تم رفضها من قبل إثيوبيا".

 

وجاء استئناف المفاوضات تنفيذا لنتائج قمة مصغرة برعاية الاتحاد الأفريقي عقدت يوم 27 يونيو الماضي، وسط تمسك إثيوبي بملء وتشغيل السد في يوليو، مقابل رفض مصري سوداني لاتخاذ هذه الخطوة قبل التوصل إلى اتفاق. ويشارك في المفاوضات مراقبون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا وممثلو مكتب الاتحاد الأفريقي ومفوضيته وخبراؤه القانونيون.

 

وتترقب شعوب مصر والسودان وإثيوبيا، نتائج مفاوضات سد النهضة، وتأمل حكومات الدول الثلاث في أن يتمكن الاتحاد الأفريقي من مساعدتهم على التوصل لاتفاق في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع لإنهاء خلاف قائم على إمدادات المياه منذ عشر سنوات.

 

ولم تسفر المفاوضات المتقطعة على مر السنين بين مصر وإثيوبيا والسودان عن اتفاق لتنظيم تشغيل إثيوبيا للسد وملء خزانه مع حماية إمدادات المياه الشحيحة في مصر من نهر النيل.

 

ونجحت مصر في تكثيف الضغوط الدولية للتحذير من خطورة مضي إثيوبيا في ملء السد بشكل منفرد وبدون اتفاق مع دولتي المصب، وأطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي تصريحات قوية، أكد فيها أن مصر لن تتنازل بأي حال من الأحوال عن حقوقها المائية، وأن قضية تشغيل سد النهضة هي مسألة وجودية.

 

وتتعامل مصر مع الأزمة باعتبارها قضية وجودية تهدد حياة الشعب المصري وتؤكد في الوقت ذاته أنها لا تعترض على إقامة مشروعات تنموية بحوض النيل بل تدعم جهود أشقائها في دول حوض النيل من أجل تحقيق مصالح شعوبها.

مقالات متعلقة