انتهت مفاوضات سد النهضة الأخيرة التى أجريت برعاية الاتحاد الإفريقي واستغرقت أكثر من 11 يومًا دون تحقيق أي تقدم، الأمر الذى أصاب الجانب المصري بخيبة أمل، خاصة في ظل التعنت الإثيوبي ورفض كل المقترحات التي قدمتها كل من مصر والسودان لحلحلة الأزمة.
ووفقا لتصريح المهندس محمد السباعي المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري، فمن المقرر أن تسلم الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، اليوم الثلاثاء، تقريرها النهائي عن مسار مفاوضات سد النهضة إلى جنوب إفريقيا بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، تمهيدا لعقد القمة الإفريقية المصغرة.
وأشار السباعي إلى أن الفترة المقبلة ستشهد اجتماعًا بين رؤساء الدول الثلاث لعرض نتائج الاجتماعات التي تمت خلال الـ11 يومًا الماضية، كما سيشهد اجتماع الرؤساء إما مقترحا أو توصية جديدة، يضمن العودة إلى طريق المفاوضات، سواء من قبل أي دولة أو من خلال الاتحاد الأفريقي.
وفى تصريح له، كشف الدكتور علاء الظواهري، عضو اللجنة الفنية لمفاوضات سد النهضة، أن المفاوضات الأخيرة شهدت تراجعًا إثيوبيًا عن كل ما يتعلق بقواعد الملء والتخزين للسد المنصوص عليها باتفاقية واشنطن.
وأوضح الظواهري أن فريق التفاوض المصري شرح كل الجوانب الفنية والقانونية ومطالب مصر الثابتة للمراقبين الدوليين، وفق محددات ومبادئ لا يتنازل عنها، لافتا فى الوقت ذاته إلى أن التفاوض كان حول كميات المياه المنصرفة من السد خلال فترة الجفاف والجفاف الممتد، وخلال الفيضان، وليس حصص مصر المائية.
وتعليقا على انتهاء المفاوضات دون التوصل إلى اتفاق، قال سامح شكري، وزير الخارجية، فى تصريحات إعلامية، إن مواقف الشركاء في أزمة سد النهضة لم تتحرك بالقدر الكافي للوصول إلى النتائج المأمولة.
وأضاف شكري: سيتم رفع تقرير إلى الاتحاد الأفريقي ثم عقد اجتماع على مستوى القمة بمشاركة الأطراف الثلاثة، موضحا أن «التفاوضات استمرت على مدار 6 سنوات واتخذنا مواقف تتسم بالمرونة وإدراك احتياجات إثيوبيا التنموية، وكان هناك تقدير من الشركاء كالولايات المتحدة والبنك الدولي للإرادة السياسية المصرية الحقيقية للتوصل إلى اتفاق».
ونفى وزير الخارجية ما تردده إثيوبيا حول رغبة مصر في السيطرة على النيل، قائلا: «النهر ملك لجميع الدول وفقا للقوانين الدولية والحقوق والالتزامات»، مشيرا إلى أن مصر تحترم آليات الاتحاد الأفريقي وترى فيه القدرة على تجاوز المشكلة.
وأكد وزير الخارجية المصرية أنه حال عدم التوصل إلى اتفاق فمجلس الأمن له أيضا المسؤولية النهائية في إطار التعامل مع قضية سد النهضة، وهناك مشروع قرار محل تداول بين أعضاء المجلس بعد طرح الأزمة خلال الأيام الماضية.
تبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل حوالي 55.5 مليار متر مكعب، تعتمد بنسبه أكثر 90% في الشرب والزراعة والصناعة، فى المقابل تبني إثيوبيا سد النهضة على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل بتكلفة 4 مليارات دولار، منذ عام 2011؛ لتصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا من خلال توليد أكثر من 6000 ميجاوات، فيما تقول القاهرة إن السد يهدد حصتها من المياه.
وفى إحدي الندوات التثقيفية للقوات المسلحة العام الماضى، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال إن مصر لا تعارض جهود التنمية التى تقوم بها إثيوبيا، وتأمل فى التوصل إلى اتفاق حول طريقة ملء خزان السد، وإدخال وسيط رابع فى المفاوضات، وتمثل الوسيط الرابع فى الولايات المتحدة الأمريكية، والبنك الدولي.
وعقدت سلسلة اجتماعات بين الدول الثلاث فى حضور أمريكا والبنك الدولي، وكان من المقرر التوقيع على اتفاق فى نهاية فبراير الماضى، وكشف بيان صادر عن الخزانة الأمريكية أن الاتفاقية بشكلها الحالى تضع حلولا لكافة القضايا العالقة حول ملء وتشغيل سد النهضة وتتأسس على المبادئ المتفق عليها بين الدول الثلاث في إعلان المبادئ الموقع في 23 مارس 2015 وبالأخص مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، ومبدأ الالتزام بعدم احداث ضرر جسيم ومبدأ التعاون، لكن الجانب الإثيوبي تغيب عن عمد عن جولة المفاوضات التى عقدت في واشنطن يومي ٢٧ و٢٨ فبراير ٢٠٢٠، لإعاقة مسار المفاوضات، وفقا لبيان صادر عن وزاتي الخارجية والري المصرية.
وفى بداية شهر يونيو الماضى استكملت المشاورات الثلاثية بمبادرة من السودان، وجرى مناقشة ورقة تقدمت بها إثيوبيا، تتضمن رؤيتها حول أسلوب ملء وتشغيل سد النهضة.
وأعربت مصر، السودان، عن تحفظهما على هذه الورقة لكونها تمثل تراجعا كاملا عن المبادئ والقواعد التي سبق وأن توافقت عليها الدول الثلاث في المفاوضات التي جرت بمشاركة ورعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، بل وإهدارا لكافة التفاهمات الفنية التي تم التوصل إليها في جولات المفاوضات السابقة.
بعد ذلك لجأت مصر إلى مجلس الأمن الدولى باعتبار أن السد يشكل مصدر تهديد "وجودي"، الأمر الذى استنكرته إثيوبيا.
وأجريت المفاوضات مرة أخرى برعاية الاتحاد الإفريقي، على مدار 11 يومًا، بحضور وزراء الري في الدول الثلاثة، وممثلى الدول والمراقبين، ولم تسفر هذه المباحثات عن أي تقدم يذكر، وفى نهاية الاجتماع الذى عقد أمس الاثنين اتفق وزراء المياه على قيام كل دولة برفع تقريرها النهائى عن مسار المفاوضات اليوم الثلاثاء إلى دولة جنوب إفريقيا بوصفها الرئيس الحالى للإتحاد الإفريقى تمهيداً لعقد القمة الإفريقية المصغرة.
وخلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، طرحت مصر خلالها بعض الصياغات البديلة، في محاولة لتقريب وجهات النظر بخصوص النقاط الخلافية، كما طرح الجانبان السوداني والإثيوبي بعض الصياغات البديلة للأجزاء محل الخلاف في الجزء الفنى والقانونى، وعكست المناقشات استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية.
واقترحت إثيوبيا تأجيل البت في النقاط الخلافية على أن يتم إحالتها إلى اللجنة الفنية، التي سوف يتم تشكيلها بموجب الاتفاقية لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق، لكن مصر أبدت رفضها لإحالة النقاط الخلافية، التي تعد بمثابة قضايا فنية رئيسية تمثل العصب الفني للاتفاق إلى اللجنة الفنية لتقررها لاحقا إلى ما بعد توقيع الاتفاق.