أيام قليلة وتهل علينا أفضل أيام الدنيا، كما أبلغنا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة، التي يعد فيها العمل الصالح أحب إلى الله مما سواها حتى الجهاد في سبيل الله، ولكن لماذا فضل الله هذه الأيام، وما هي أفضل الأعمال التي تجعلك تفوز بأجرها؟.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء".
أفضل أيام الدنيا
ما يدل على عظمة الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، أن الله عز وجل قد أقسم بها في كتابه الكريم، في قوله تعالى في سورة الفجر:"والفجر ۞ وليال عشر»، وقد أجمع جماهير المفسرين أنها العشر الأوائل من ذي الحجة، واختاره ابن كثير.
وجاء عن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل أيام الدنيا العشر» يعني عشر ذي الحجة، قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: «ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب».
سبب التفضيل
وعن سبب تفضيل العشر الأوائل من ذي الحجة عن غيرهم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره».
وقال ابن رجب - رحمه الله - في لطائف المعارف: «لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وجعل الأفئدة تهوي إليه، وليس كل أحد قادرا على مشاهدته كل عام، فرض الله سبحانه وتعالى على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره".
وأضاف ابن رجب:"وجعل الله موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين فمن عجز عن الحج في عام قدر- أي في العشر- على عمل يعمله في بيته فيكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج».
أفضل الأعمال
وهناك أعمال صالحة يمكن التقرب بها إلى الله هذه الأيام من صدقات وصيام وصلاة وذكر وصلة أرحام، وقضاء حوائج الناس، والأمر بالمعروف والنهي على المنكر، والدلالة على الخير، وسلامة الصدر، وترك الشحناء، وغير ذلك.
وفي هذا السياق قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو كبار هيئة العلماء، إن الأيام العشر من ذى الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف فيها العمل ويستحب فيها الاجتهاد فى العبادة وزيادة عمل الخير والبر بشتى أنواعه. وأضاف الدكتور على جمعة، خلال لقاء سابق ببرنامج "الله أعلم" المذاع عبر فضائية "سي بي سي"، أن العمل الصالح فى أيام العشر من ذى الحجة، أفضل من العمل الصالح فيما سواها من باقى أيام السنة.
الصيام
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم التسع من ذي الحجة؛ ففي «سنن أبي داود» وغيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس».
وبحسب ما ذكرت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي، فإن حفصة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت :"«أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة" رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه.
الذكر
ومن الأعمال الصالحة التي يمكن فعلها هذه الأيام، الإكثار من ذكر الله تعالى، فقد ورد في الآية 28 من سورة الحج قوله تعالى :"وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ".
وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الإكثار من ذكر الله تعالى في هذه الأيام على وجه الخصوص؛ فقد روي عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التكبير، والتهليل، والتحميد» رواه أحمد.
وقد ورد عن السّلف صفات متعدّدة، والمنقول عن أكثرهم أنّهم كانوا يقولون: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وعن بعضهم: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
الدعاء
"خير الدعاء دعاء يوم عرفة"، هكذا أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، كما ورد في حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، لذا يوصي علماء الدين بأنه على المسلم أن يحرص في هذه الأيام على الإكثار مِن الدّعاء في هذه الأيّام المباركة.
وفي الموطأ عن طلحة بن عبيد الله بن كريزأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له".
الإكثار من النوافل
ويوصي علماء الدين بالإكثار من صلاة النوافل في العشر الأوائل من ذي الحجة، فهي من أفضل القُربات إلى الله تعالى، إذ إن " النوافل تجبر ما نقص من الفرائض، وهي من أسباب محبة الله لعبده وإجابة دعائه، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات.
قيام اللّيل:
ولاشك أن قيام اللّيل عبادة عظيمة جليلة، وقد أقسم الله تعالى بلياليهِ فقال تعالى: "وَالفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ"، وقد نُقل عن سعيد بن جبير قوله: "لا تُطفئوا سرجكم ليالي العشرِ".
ذبح الأضاحي
فهي العبادات المشروعة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى في يوم النحر أو خلال أيام التشريق، عندما يذبح القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل، ثم يأكل من أُضحيته ويُهدي ويتصدق.
الصدقات
ويفضل في هذه الأيام الإكثرا من الصدقات لما فيها من التقرب إلى الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه عن طريق البذل والعطاء والإحسان للآخرين، وقال تعالى :"مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ"الحديد الآية 11.
قراءة القرآن
وفي هذه الأيام المباركة يفضل تلاوة القرأن الكريم، لما له من فضل عظيم على كثير من الأعمال، ويكفي في ذلك قولُه- تعالى: ﴿ إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لنْ تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِن فَضْلِهِ، إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾.
صلة الرحم
صِلة الرّحم مِن الأمور الواجبة حُكمًا، والعظيمة أجرًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".
يوم عرفة
يوم عرفة هو من أفضل أيام العشر، بل من أفضل أيام السنة، قال تعالى: « والسماء ذات البروج ۞ واليوم الموعود ۞ وشاهد ومشهود»، وقال صلى الله عليه وسلم: «اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة».
وجاء في صحيح مسلم من حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟».
يوم النحر
وهو اليوم العاشر الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم – في حديث: «إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر».
ويوم القر: هو اليوم الحادي عشر أول أيام التشريق، لأن الحجاج يقرون فيه بمنى.