مقابر المماليك.. هل أطاح «محور الفردوس» بتراث عمره 5 قرون؟

جبانة المماليك

انتشرت حالة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول صور تظهر هدم عدد من المقابر في منشأة ناصر، يُزعم أنها "جبانة المماليك" التي تعود لنحو 5 قرون، وهو ما أثار حالة واسعة من الغضب، فهل بالفعل أقدمت الدولة على هدم تلك المنطقة التراثية من أجل إنشاء محور الفردوس؟.

 

 

وصية سلاطين المماليك 

 

بداية تعود مقابر المماليك إلى مئات السنين، وهي تقع على مساحة شاسعة على امتداد طريق صلاح سالم بمنشأة ناصر، وقد دأب المؤرخون والباحثون على ارتياد تلك المنطقة للبحث عن شخصيات شهيرة تركت بصماتها عبر تلك الصحراء. 

 

 

ورغم أن أصول المماليك تعود إلى آسيا الوسطى، إلا أنه حينما زاد نفوذهم تمكنوا من الاستيلاء على السلطة في مصر عام 1250، وحكموا مصر والشام والعراق، وأجزاء من الجزيرة العربية لنحو قرنين ونصف القرن.

 

 

وتعد مقابر المماليك أقدم جبانة إسلامية في مصر، وتحتل موقعا وسطا على خريطة العاصمة، وكانت تسمى قديما بـ"صحراء العباسية"، إذ وقع اختيار المماليك عليها لتكون مضمارا لسباقات الخيل، كما أقاموا فيها مجموعات معمارية تضم مدارس وأسبلة وخانقاوات ومساج.

 

 

صبغ المماليك تلك الصحراء بفن العمارة الإسلامية على طريقتهم الخاصة، فبنوا المساجد على الشكل المدرسي المتعامد، الذي يتكون من 4 أيوانات حول "صحن" مكشوف، ويتميز إيوان القبلة بكبره عن بقية الإيوانات، في حين تتخذ المآذان الشكل المربع الذي يرمز إلى الأرض، وشكل أسطواني يرمز إلى السماء.

 

 

وقد أوصى كثير من سلاطين المماليك بدفنهم فى تلك الصحراء، حتى أطلق عليها "قرافة" أي جبانة المماليك، فهم أولئك الذين تركوا بصمات على فن الآثار الإسلامية تجاوز عمرها الخمسة قرون.

 

 

حقيقة الهدم ؟

 

ومؤخرا انتشرت أخبار على مواقع إخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي، بشأن هدم مقابر المماليك الأثرية ضمن مشروع محور الفردوس، الذي يتم تنفيذه حاليا ليصل ميدان الفروس بشارع صلاح سالم إلى محور المشير، والذي يشمل هدم مقابر بمنطقة منشأة ناصر. 

 

 

وردا على ما أثير على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هدم جبانة المماليك، أصدرت وزارة السياحة والآثار، بيانا صحفيا اليوم الإثنين، أوضحت فيه حقيقة ما يحدث بتلك المنطقة، مؤكدة أن ما تم هدمه هو مقابر غير مسجلة كأثر.

 

 

ونفت وزارة السياحة ما يتم تداوله بشأن هدم منطقة جبانة المماليك، التي تعد مقابر تاريخية وآثار إسلامية تعود لنحو 5 قرون، لإنشاء محور الفردوس، مؤكدة أنه كلام عار تماما عن الصحة، وأن محور الفردوس بعيد عن الآثار الإسلامية المسجلة بـ"قرافة المماليك". 

 

 

وأكد الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أنه لم يتم هدم أي أثر، مشددا على أن المقابر الموجودة بالصور المنشورة هي مباني غير مسجلة في عداد الآثار الإسلامية والقبطية وأنها مقابر حديثة وخاصة بأفراد.

 

وأضاف طلعت أنه على الرغم من أن هذه المقابر غير مسجلة كأثر، فإن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وجه بتشكيل لجنة علمية فنية لمعاينة الشواهد والأحجار التي تشتمل على نقوش زخرفية أو كتابية، ليتم دراستها وبحث إمكانية عرض جزء منها ببعض المتاحف كجزء من تراث مصر المتميز.

 

 

 

جدال الهدم 

 

وقبل أن تصدر وزارة السياحة والآثار توضيحا بشأن الصور المتداولة عن هدم جبانة المماليك، انتشرت حالة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أنه إذا ما صح بشأن هدم تلك المقابر التاريخية، فتلك كارثة.

 

 

وعلق أحد المغردين على موقع تويتر، قائلا :"الحكومة بتهدم مقابر المماليك الأثرية إللي بقالها مئات السنين! عشان تعمل طريق أسفلت اسمه محور الفردوس أي دوله في العالم لو عندها الكام مقبرة اللي اتهدوا دول كانت عملتهم متاحف مفتوحة".

 

 

وقال أحد المغردين على موقع تويتر: "مصر اللي كان بيضرب المثل بيها في العمارة الإسلامية وكانت قبلة أي حد عاوز يدرس العمارة الإسلامية وتنوعها وثرائها بيتهد تاريخها كالعادة مع سبق الاصرار والترصد وبقى يتمسح بأستيكة مقابر المماليك اللي عمرها مئات السنين بتتمحي "محور الفردوس".

 

 

مقالات متعلقة