رأى مراقبون أن ما تم تسريبه عن رغبة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حجب مساعدات عن إثيوبيا، على خلفية مشروع سد النهضة، يأتي في إطار تعديل الإدارة لطريقة تعاملها مع أزمة السد، لإثبات أنها لا تزال تمتلك من الأوراق ما يساعد في حل الأزمة ومنع تحولها إلى مواجهة عسكرية إقليمية.
ونقلت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الأربعاء عن 6 مسؤولين أمريكيين ومساعدين في الكونجرس أن إدارة ترامب تدرس حجب بعض المساعدات لإثيوبيا، على خلفية مشروع سد النهضة.
وطلبت وزارة الخزانة في يوليو الجاري من وزارة الخارجية عرضًا موجزًا لجميع المساعدات الأمريكية التي تم التعهد بها لإثيوبيا.
وهي خطوة قال ثلاثة مسؤولين إنها تهدف إلى حجب بعض أو كل المساعدات غير الإنسانية كوسيلة ضغط إذا توقفت المفاوضات.
وقال مسؤول أمريكي مطلع على الأمر: "لقد أدركت إدارة ترامب أنها يجب أن تقف إلى جانب مصر في هذا الصدد".
وأعلنت إثيوبيا، الثلاثاء، أن الدول الثلاثة أحرزت تقدما "كبيرا" في محادثات سد النهضة، التي توسط فيها الاتحاد الأفريقي ووافقت على مزيد من المفاوضات التي تهدف إلى بلورة اتفاق قانوني وملزم.
ويبعث الإعلان إشارة إيجابية لبعض المسؤولين والمراقبين في واشنطن، لكونهم يخشون من أنه إذا استمرت إثيوبيا في ملء الخزان خلف السد دون اتفاق مع مصر، فقد تتحول التوترات الإقليمية إلى مواجهة عسكرية.
وقال بعض المسؤولين الأمريكيين: إن مشروع السد غذى أيضا الانقسامات والارتباك بشأن السياسة داخل حكومة واشنطن، منذ أن طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من الرئيس دونالد ترامب المساعدة في التوسط في المفاوضات بشأن السد العام الماضي.
وساعدت مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات الرباعية حول السد في وقت سابق من هذا العام، بقيادة وزارة الخزانة، في إحداث تقدم في المحادثات.
ومع ذلك، رفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاق نهائي، حتى مع ظهور علامات جديدة على التقدم في المفاوضات.
وواجهت إدارة الرئيس ترامب انتقادات عديدة على إثر هذا الرفض، فقال كولين توماس جينسين المستشار الرفيع لدى مؤسسة "ويست إيكسيك" ومستشار الشئون الأفريقية السابق للسفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة سامانثا باور إن: تعامل الولايات المتحدة مع نزاع سد النهضة كان يجري بشكل "أخرق".
وقال محمد دياتا الباحث معهد الدراسات الأمنية في بريتوريا بجنوب أفريقيا:" في ظل حكم ترامب من المؤكد أن الولايات المتحدة فقدت قوتها الناعمة في أفريقيا، الناس في القارة لا يرغبون في التعاون معهم في أي شيء".
واعتبر البعض أن خيار حجب المساعدات عن إثيوبيا قد يكون ردا من إدارة ترامب على هذه الانتقادات، من خلال تغيير طريقة التعامل مع الأزمة، باستخدام وسائل أكثر خشونة لإثبات أن واشنطن لا تزال تمتلك أوراقا تساعد في إنهاء الأزمة ومنع تفاقمها.
وكانت الولايات المتحدة والبنك الدولي قد قامتا، منذ نوفمبر 2019، برعاية محادثات تهدف إلى التوصل إلى اتفاق بين مصر واثيوبيا والسودان، وذلك بعد تسع سنوات من جمود المفاوضات التي بدأت مع إطلاق المشروع الإثيوبي.
لكن العملية الأمريكية فشلت بعدما دفعت الولايات المتحدة في اتجاه توقيع اتفاق أعدته واشنطن والبنك الدولي، وتعتبره مصر "عادلا ومتوازنا"، ما أثار غضب إثيوبيا التي اتهمت الولايات المتحدة بانها "لا تتصرف بشكل دبلوماسي".
وبدأت إثيوبيا في 2011 بناء السدّ الذي يتوقّع عند الانتهاء منه أن يصبح أكبر سدّ كهرومائي في إفريقيا.
وتقول إثيوبيا إنّ الكهرباء المتوقّع توليدها من سدّ النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنموية في البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.
لكنّ مصر تقول إنّ السد يهدّد تدفّق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق وقد تكون تداعياته مدمّرة على اقتصادها ومواردها المائية والغذائية.