على مدى الأيام الماضية، سادت حالة من التضارب في التصريحات من قبل الجانب الإثيوبي بشأن ملء سد النهضة ما بين التأكيد والنفي بشأن بدء عملية التخزين، ما أثار غضبًا مصريًّا واسعًا.
أديس أبابا ادَّعت في تصريحات سابقة بأنّ سد النهضة هو مصدرها للحصول على حصتها من المياه بشكل متوازٍ مع باقي دول حوض النيل.
الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة فنّد أكاذيب إثيوبيا حول ادعائها بأنها لا تحصل على أي قطرة مياه من موارد النهر.
وقال نور الدين عبر صفحته الإلكترونية "فيسبوك": "نصيب الفرد من المياه في إثيوبيا 3 أضعاف نصيب الفرد من المياه في مصر، والأراضي الزراعية المنزعة في إثيوبيا عشرة أضعاف الأراضي الزراعية المنزعة في مصر، وعدد روؤس الماشية في إثيوبيا ١٣ ضعفًا عددها في مصر".
وأضاف أنّ عدد أحواض الأنهار في إثيوبيا 9 أحواض وبكل حوض عشرات الأنهار مقابل نهرًا وحيدًا بلا روافد او فروع في مصر.
تمتلك 13 سدًا
وتابع: "بحيرة تانا في إثيوبيا التي ينبع منها النيل الأزرق بها مياه تستأثر بها إثيوبيا وحدها تزيد عن حصة مصر من المياه، وتمتلك إثيوبيا خزان سد تاكيزى أحد روافد النيل يضم ١٠ مليارات متر مكعب تستفيد منها"، مؤكدًا أنّ عدد السدود المقامة على الأنهار والبحيرات في إثيوبيا ١٢ سدًا بالإضافة إلى سدها الأخير أي ١٣ سدًا مقابل سدا وحيد في دولة صحراوية جافة في مصر.
وأكد أستاذ الموارد المائية أنّ إثيوبيا تصدر الأغذية العضوية والبن العضوى بينما تستورد مصر ٦٥٪ من غذائها وتراجع بها زراعات الارز والقطن والذرة والقمح والفول والعدس وقصب وبنجر السكربسبب نقص المياه.
ويسقط على اثيوبيا ٩٣٦ مليار متر مكعب من الأمطار وتستفيد مصر من ١.٣ مليارًا فقط من الأمطار التي تسقط فوق أراضي الدلتا.
وأوضح نور الدين أنّ مصر تعاني شحًا مائيًّا ونقصًا في مواردها المائية يبلغ ٤٢ مليار متر مكعب سنويا بينما هناك "نافورة مياه" في إثيوبيا.
من يحتاج للمياه أكثر مصر أم أثيوبيا
مصر تتعامل مع ما يصل إلى أراضيها من مياه النيل عبر التدفق الحر للنهر ولم تستولِ على مياه أحد ولم تحرم أحدًا من حصته المائية بحسب نور الدين الذي قال: "نحن الدولة الوحيدة في دول نهر النيل التي تعاني من عجزًا مائيًا كبيرًا والأقل في الأراضي الزراعية".
وتساءل أستاذ الموارد المائية، بعد تلك المقارنة بين الدولتين: "من يحتاج إلى المياه أكثر ومن الذي يستولى على مياه لا يحتاجها؟!".
محاولات استفزازية من جانب أثيوبيا
خرج رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمس، ليعلن انتهاء المرحلة الأولى من ملء السد، في أعقاب القمة المصغرة التي عقدها الاتحاد الأفريقي، وشارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولم يتوقف الجانب الإثيوبي عند حد الإعلان المفاجئ عن انتهاء المرحلة الأولى من عملية ملء سد النهضة، رغم رفض مصر لأي خطوات أحادية الجانب وفي الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات لمحاولة التوصل لاتفاق يحفظ حقوق مصر في مياه النيل، بل يخرج مسؤول إثيوبي بتصريح جديد استفز المصريين.
وزير الخارجية الأثيوبي:"النيل لنا"
فبينما تسعى مصر من خلال سياسة النفس الطويل للتوصل إلى اتفاق يحقق مصالح الدول الثلاثة "مصر وأثيوبيا والسودان"، بدأت أثيوبيا ملء سد النهضة، وهو ما برره رئيس الوزراء بأنه نتيجة زيادة نسبة الأمطار.
وأذاع التلفزيون الإثيوبي خطابًا صوتيًّا مسجلًا، لرئيس الوزراء يهنأ فيه مواطنيه بانتهاء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، مرفقًا ذلك بصور حديثة من السد.
وفي الوقت نفسه وجه وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشو، رسالة إلى الشعب الإثيوبي، عبر موقع تويتر، يهنأهم فيها على انتهاء المرحلة الأولى لملء بحيرة سد النهضة.
وقال الوزير الإثيوبي: "تهانينا.. سابقا كان النيل يتدفق، والآن أصبح في بحيرة، ومنها ستحصل إثيوبيا على تنميتها المنشودة .. في الحقيقة.. النيل لنا".
خبراء يصفون رسائل أثيوبيا بالجعجعة
اعتبر خبراء متخصصون في مجال المياه، أن إعلان إثيوبيا بدء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة ما هي إلا «جعجعة»، التي لن تفيدها، مؤكدين عدم ثقتهم في الجانب الإثيوبي.
فيما يرى آخرون أن ملء المرحلة الأولى من السد الإثيوبي، سيؤدي إلى فيضان ضخم يتعرض له السودا، مشددين على ضرورة تقديم احتجاج شديد اللهجة ضد إثيوبيا.
الدكتور محمد نصر علام ، وزير الري الأسبق، أكد عدم أحقية إثيوبيا حاليًا فى الحصول على أى شئ من النيل الأزرق، قبل الوصول إلى اتفاق بين الدول الثلاث.
ووصف علام، في تصريحات صحفية، موقف إثيوبيا من إعلانها انتهاء ملء المرحلة الأولى بـ«الجعجعة»، لإرضاء شعبها في الداخل المعلق آماله في التنمية بالسد.
مصر لن تفرط في مياه النيل
واعتبر وزير الري الأسبق، أن ما قامت به الدولة المصرية في ملف سد النهضة نجاحًا فى ظل التعنت الإثيوبي، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك مفاوضات أخرى بشأن التعاون مع الدول الثلاث بشأن النيل.
وأكّد علام أن مصر لن تسمح بالتفريط فى أى نقطة من المياه، مشيرًا إلى أن إثيوبيا تستخدم خطابًا لا يتناسب مع قدراتها.
وانعقدت هذا الأسبوع، قمة مصغرة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الإفريقي عبر الفيديو كونفرانس، لمناقشة نتائج الاجتماعات الفنية والقانونية التي عقدت مؤخراً حول سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي، وذلك برئاسة الرئيس سيريل رامافوزا رئيس جمهورية جنوب أفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد، وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وجاءت القمة، بعد المفاوضات الأخيرة التي امتدت 11 يومًا دون إبراز تقدم في النقاط الخلافية، إذ أعلن وزير الري والموارد المائية محمد عبد العاطي فشل المفاوضات وعدم التوصل الاتفاق بشأن سنوات الملء والتخزين.