«عمارة الشربتلي».. روايات السكان عن الإخلاء ومقترحات بـ«الحقن أو جراج»

عقار الشربتلي بحي الزمالك

تحركات غريبة  دارت صباح أمس في عمارة الشربتلي بحي الزمالك الراقي، ولا أحد من السكان يفهم ماذا يحدث، سوى أنهم استيقظوا على أصوات تناديهم بضرورة الإخلاء الفوري من العقار وإلا سينهدم عليهم، فهلع الجميع وهرولوا إلى الشارع بملابسهم التي يرتدونها دون شيئا آخر. 

 

ففي صباح الأحد 26 يوليو انتابت حالة من الهلع والفزع سكان عمارة الشربلتي، بعدما أصاب احد حوائطها شرخ وميل، طالبتهم على إثرها الأجهزة المعنية بإخلاء العقار خوفا على حياة السكان، ولكن الأمر أثار حالة كبيرة من الجدال، ما بين تضارب في سبب الميل، ومصير العقار والسكان. 

 

سبب الإخلاء 

 

بحسب شهادة سكان العقار فإن سبب الميل أو الشرخ الذي أصاب العقار هو حفار مترو الأنفاق، فيما صرحت الهيئة القومية للأنفاق أن ما حدث هو هبوط بسيط بأحد أركان العمارة وليس انهيارا، وأنها عوضت السكان ماليا للإقامة البديلة لحين الانتهاء من الدراسات والأعمال الهندسية وعودتهم للعقار مرة أخرى.

 

وعلى إثر ذلك قرر اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة تشكيل لجنة هندسية على الفور لمعاينة العقار وبيان مدى تأثره بالهبوط الأرضى .

 

وتبين من المعاينة المبدئية وجود تلفيات وشروخ عرضية وهبوط أرضي بجراج عقار الشربتلي رقم 17 شارع البرازيل وهبوط بمدخل سفارة البحرين المجاور للعقار المذكور وهبوط بجوار مدخل وباب سفارة البحرين من شارع البرازيل.

 

روايات السكان

 

"مخدناش حاجة من بيتنا، لا فلوس ولا أي مستلزمات، والدتي نزلت بالأدوية فقط"، هكذا تروي دينا ذو الفقار، ابنة المخرج الراحل عزالدين ذو الفقار، لحظة مغادرتها لعمارة الشربتلي في منطقة الزمالك.

 

وأضافت دينا، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج من مصر المذاع على قناة سي بي سي، :"شعرت  بإحساس ثقيل على قلبيا، كأني أخرج من وطني الصغير، فهو ليس مجرد بيتًا"، لافتة إلى أن لها ذكريات خاصة بالعمارة، معتبرة أن خروجها منها أسوأ شيء حدث معها على الإطلاق. 

 

 

روت دينا إنها في الصباح ذهبت لاستخراج رخصة السيارة، فجأها اتصالا هاتفيا من والداتها المسنة المريضة التي لاتزال تعاني آثار عملية جراحية أجرتها مؤخرا، أخبرتها ألا تعود للعمارة لأنها معرضة للانهيار، فأسرعت إليها فوجدتها في الشارع بحقيبة الأدوية فقط، دون أي مستلزمات أخرى.

 

وتابعت :"أنا بهدومي اللي خرجت بها، ووالدتي نزلت بشنطة الأدوية فقط من غير فلوس ولا أي هدوم ولا حاجة"، مشيرة إلى أنهم وقعوا على استلام مبلغ 30 ألف جنيه كتعويض مؤقت لمدة شهر لسكن بديل حتى العودة للعقار مرة أخرى.

 

وتروي سهير إبراهيم، إحدى سكان عمارة الشربتلي، إنهم سمعوا صوت فرقعة صادرة من جراج العمارة في تمام الساعة العاشرة صباحا، وهو ما أدى لحدوث شق في مدخل العمارة، مرجعة ذلك إلى اصطدام حفار المترو بتربة العقارات ما أدى لهبوط أرضي ثم ميل للعقار.

 

وأضافت :"الناس نزلت بالهدوم اللي كانت نايمة بها، وفي كبار سن نزلوا على كراسي، الوضع كان صعب أوي، وفي ناس راحت فنادق وفي ناس أجروا شقق"، مؤكدة أنهم يعيشون حالة من القلق منذ بدأ الحفر لعمل محطة مترو الأنفاق، قائلة "اللي بنعيشه دا عمرنا ما شوفناه في حياتنا". 

 

 

وروى مصطفى أحد سكان العقار المائل، أنهم فوجئوا باصطدام حفار في محطة مترو الأنفاق بالزمالك، بماسورة المياه الرئيسية التي تعتمد عليها العمارتين وسفارة البحرين، الأمر الذى أدى إلى انفجار المياه بتربة العقارات ما تسبب فى هبوط الأرض ثم ميل العقار.

وأضاف: "الناس مش عايزه تمشي، وقاعدين قدام العمارة وفي الجناين، كله صعبان عليه بيته وحاجته اللي فيه وفي اللي بقالهم 70 سنة ساكنين".

 

الوزير:سنعوضهم بما يليق بهم

 

وتفقد الفريق كامل الوزير، وزير النقل، موقع عمارة الشربتلي، مطمئنا السكان بأنه لن يتركهم، قائلا :"لن نقبل أن يخرج أحد من بيته، ولن نقبل بضرر أي حد أو ممتلكاته، وسنعيد السكان إلى العمارة، وإذا كان لديهم تخوف من العودة يمكن هدمها وتحويلها إلى جراج".

 

وأضاف الوزير، في تصريحات صحفية، أن هذه المنطقة بها كثافة سكانية وعربيات كثيرة، ولابد من عمل خلخلة لكل ذلك، مشيرا إلى أنه يمكن أن يشتري الأرض من سكان المنطقة، مؤكدا أنها مسؤولية الدولة.

 

وتابع :"رغم أنهم السبب في الزيادة السكانية وزيادة عدد العربيات لكن احنا ملتزمين كدولة تجاه أهلنا وشعبنا أننا نحل مشاكلهم بالشكل اللي يليق بهم ويرضيهم ويرضينا طبعا".

 

 

30 ألف جنيه مؤقتا 

 

وتعليقا على حادث ميل عقار الشربتلي، قال الفريق كامل الوزير، وزير النقل، إنه تم صرف مبلغ 30 ألف جنيها لكل ساكن من سكان العمارة الذين يبلغ عددهم 86 ساكنا، مؤكدا أن ذلك المبلغ مؤقتا تحت مسمى "سكن بديل" لمدة شهر فقط، حتى تنتهي اللجنة الهندسية التي تم تشكيلها من تقرير بشأن العقار.

 

 

وأوضح الوزير، في تصريحات تلفزيونية، أنه تم تشكيل لجنة هندسية من 5 أساتذة من جامعة عين شمس حتى تكون لها صفة الحيادية والشفافية، لتدرس وضع العقار وإذا ما كان بحاجة للحقن أو الإزالة، مؤكدا أن ما ستنتهي إليه اللجنة سيتم تنفيذه على الفور.

 

وتابع :"ما حدث شرخ مائل في ركن عمود بالعقار، ومع ذلك ما ستقوله اللجنة سنفعله وأكثر، وإذا كان هناك مهندس يقطن بالعقار أو بالزمالك يريد أن ينضم للجنة ينضم وسنرحب به، وإذا لم يقبل السكان بتقرير لجنة عين شمس سنفعل ما يطلبون وأكثر". 

 

وأكد الوزير أن الهيئة ستعمل على الانتهاء من إجراءات العقار في أقل من شهر، ولكن إذا تطلب الأمر أكثر من ذلك سيتم أيضا دفع مبلغ مماثل للسكان لتوفير سكن بديل ملائم محترم لمدة شهر آخر، مشددا على أن ما حدث لن يتكرر ثانية.

 

مقترحات للعقار

وعن مصير العقار، قال الفريق كامل الوزير، وزير النقل، إن العمارة آمنة تماما ولن تنهار ولن تسقط، ومن الممكن إزالة العمود بالكامل وبناؤه من جديد.

 

وأضاف الوزير، خلال  خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، في برنامج "الحكاية" المذاع عبر فضائية "إم بي سي مصر"، إن الهيئة أيضا لديها استعداد لهدم العمارة وبنائها من جديد إذا أراد السكان ذلك، لافتا إلى أن مشروع مترو الأنفاق القومي تبلغ تكلفته نحو 97 مليار جنيه، ولن يضير الدولة أن تتحمل نصف مليار آخر لاستمرار تنفيذ المشروع. 

وأكد الوزير أنهم مستعدون أيضا لبناء عمار للسكان في مكان آخر في الزمالك، إذا كان لديهم تخوف من المتواجد بالقرب من محطة المترو، على أن يتم تحويل مقر الشربتلي لجراج متعدد الطوابق يخدم محطة المترو والمنطقة بأكملها.

 

ومن المقترحات أيضا التي أدلى بها الفريق كامل الوزير أن يتم تعويض السكان لشراء شقق أخرى، مشددا أن ما يطلبه السكان سيتم تنفيذه. 

 

أشهر من سكنوا الشربتلي

 

عقار الشربتلي مكون من جزئين الاول يطل على 17 شارع البرازيل ومكون من 12 دور وبه 37 وحدة سكنية منها 16 آهلة بالسكان و21 وحدة سكنية مغلقة، والجزء الثانى يطل على شارع عزيز أباظة ومكون من 11 دور وبه 33 وحدة سكنية منها 28 آهلة بالسكان، و5 وحدات سكنية مغلقة.

 

ويبلغ عمر عقار الشربتلي نحو 80 عاما، وفى الماضى كان يسكنه العديد من نجوم الفن الراحلين أمثال الفنان محمود المليجي وعز الدين ذو الفقار، والفنانة سعاد حسني، التي كانت تعيش بها قبل سفرها إلى إنجلترا، البلد التي توفت بها، والفنانة نجاة نجاة الصغيرة، والفنانة كوثر شفيق، والفنانة علوية جميل.

 

 

 

 

مقالات متعلقة