في كل عيد أضحى اعتاد البعض أن يحول الشوارع إلى برك من الدماء تنبعث منها الروائح الكهريهة من مخلفات الذبائح الملقاة في الطرقات، وهو ما يسبب ضيقا للكثير من المواطنين، ولكن هذه المشاهد المحرمة شرعا وفقا لـ"دار الإفتاء" تعرض صاحبها إلى غرامات مالية تصل لـ10 آلاف جنيه.
وشدد اللواء محمود شعراوي،وزير التنمية المحلية، على ضرورة الالتزام بذبح الأضاحي في الأماكن المخصصة لها، وعدم الذبح في الشوارع واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لردع المخالفين.
غرامات مالية
فرضت كل من محافظتي القاهرة والجيزة غرامات مالية على المخالفين لقرار منع ذبح الأضاحي بالشوارع أو إقامة شوادر للأضاحي في الشوارع والميادين، لما ينتج عنه من تلوث للبيئة والطريق وأضرار صحية.
وشدد اللواء خالد عبد العال،محافظ القاهرة، على رفع مخلفات الذبح على الفور حفاظًا على البيئة وصحة المواطنين، وتحرير محاضر التلوث البيئي اللازمة وتوقيع غرامة 5 آلاف جنية على المخالفين لقرار منع الذبح.
وجاءت الغرامات التي فرضتها محافظتي القاهرة والجيزة، كالتالي:
- 10 آلاف جنيه غرامة على الذبح خارج المجازر للجزارين.
- 5 آلاف جنيه غرامة على نقل جلود الأضاحى دون تصريح.
- 5 آلاف جنيه غرامة على ذبح الأضاحى بشوارع القاهرة.
- 3 آلاف جنيه غرامة على إقامة شوادر الأغنام والماشية بالشوارع.
- 3 آلاف جنيه غرامة على ذبح الأضاحى في شوارع الجيزة.
وأوضح اللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، أنه لا يكون إقامة شوادر الأضاحي وبيع الأغنام والماشية إلا داخل أراضي فضاء مسورة بعد تصريح من الجهات المختصة، وفي حال المخالفة يتم تحصيل مبلغ 3 آلاف جنيه نظير رفع الإشغالات.
وشدد راشد على حظر ذبح الأضاحى بنهر الطريق، وفى حال المخالفة يحصّل مبلغ 3000 جنيه، وذلك نظير تكاليف أعمال النظافة العامة وإعادة الشيء لأصله.
وفي محافظة أسوان تراوحت عقوبة الذبح في الشوارع العامة ما بين 4 آلاف جنيه إلى 10 آلاف جنيه، وذلك وفقا لما صرح به الدكتور ثروت زكى مرقص مدير إدارة المجازر والتفتيش على اللحوم بأسوان.
ووفقا لقرار اللواء أشرف عطية، محافظ أسوان، فإنه يحظر إقامة أي شوادر لعرض الذبائح الحية بالطرق العامة سواء للمواطنين أو محلات الجزارة، وفي حالة المخالفة يتم فرض غرامات مالية تصل إلى 20 ألف جنيه، مع القيام بإزالة هذه الشوادر.
مخاطر صحية وبيئية
وتأتي قرارات حظر ذبح الأضاحي في الشوارع لما لها من مخاطر صحية وأضرار بيئية، وللحفاظ على النظافة العامة وشبكات الصرف الصحي، ولمنع انتشار المخلفات والحشرات الضارة.
وبحسب الدكتور أيمن عادل، مدير الإدارة المركزية للتفتيش على اللحوم بوزارة الزراعة، فإن هناك 250 مرضا مشتركا بين الإنسان والحيوان أخطرها السل الذى ينتقل باللمس.
وأكد عادل، خلال اتصال هاتفي مع الإعلامي وائل الإبراشي ببرنامج التاسعة، إن هناك سلبيات عديدة تنتج عن الذبح في الشوارع، منها تعذيب الحيوان بشكل يتنافى مع الشرع، ما يجعل أكل لحوم هذه الحيوانات غير جيد، فضلا عن الضرر الناتج من مخلفات هذه الذبائح الملقاه في الشوارع على البيئة والصحة.
وبحسب الدكتور سامي طه نقيب البيطرين السابق، فإن 90 % من الحيوانات يتم ذبحها خارج المجازر، وهو ما قد يتسبب في إصابة أكثر من 70 % من المواطنين بالسرطان.
عقوبات بالحبس
وهناك عقوبات نص عليها قانون ذبح الحيوانات وتداول اللحوم، بالسجن مدة 3 سنوات ولا يزيد عن 5 سنوات، لمن يذبح خارج المجازر المخصصة للذبح، والتي تزيد عن 470 مجزر حكومي، فضلًا عن المجازر الخاصة.
ويعاقب كل من تداول اللحوم أو الأحشاء أو أى غذاء ناتج من حيوانات نافقة أو طيور نافقة بالسجن 7 سنوات وغرامة 10 الآف جنيه.
وجاء في نص المادة 136 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 :"لا يجوز فى المدن والقرى التى يوجد بها أماكن مخصصة رسمياً للذبح أو مجازر ذبح أو سلخ الحيوانات المخصصة لحومها للاستهلاك العام خارج تلك الأماكن أو المجازر".
كذلك نصت المادة 143 مكرراً من هذا القانون على "يعاقب على كل مخالفة أخرى لأحكام المادة 109 وأحكام المادة 136 والقرارات الصادرة تنفيذاً لهما بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن مائتى جنية ولا تزيد على خمسمائة جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وأضافت المادة :"وفى جميع الأحوال المنصوص عليها فى الفقرتين السابقتين يحكم بمصادرة المضبوطات لحساب وزارة الزراعة وتغلق المحال التجارية التى تذبح أو تضبط أو تباع فيها اللحوم المخالفة وذلك لمدة ثلاثة أشهر فى المرة الأولى وتغلق نهائياً فى حالة العودة".
دار الإفتاء: إيذاء للناس
وسبق أن أصدرت دار الإفتاء، حكمًا حول ذبح الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات وعدم القيام بتنظيف المكان، قالت فيه: إنَّ هذا العمل المسئول عنه من السيئات العِظام والجرائم الجِسام؛ لأن فيه إيذاءً للناس؛ فقد قال الله تعالى:﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾.
وأضافت أمانة الفتوى، عبر الصفحة الرسمية على فيس بوك، أن فاعل ذلك إنما يتخلق بأخلاق بعيدة عن أخلاق المسلمين؛ فإن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فيما رواه عنه عديدٌ من الصحابة رضيَ اللهُ عنهم: «المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِه» رواه الشيخان وغيرهما.
وأكدت الإفتاء أن الذابح للأضاحي أو غيرِها في شوارع الناس وطرقهم مع تركه للمخلفات فيها يؤذيهم بدمائها المسفوحة التي هي نجسة بنص الكتاب العزيز، ويعرضهم لمخاطر الإصابة بأمراض مؤذية.
وتساءلت :"أين هؤلاء من حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الذي رواه مسلم وغيره عن أبي برزة رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا نبيَّ اللهِ، عَلِّمنِي شيئًا أَنتَفِعُ به، قال: «اعزِلِ الأَذى عن طَرِيقِ المُسلِمِينَ».
وتابعت :"فكما أن إماطة الأذى صدقة، وهي من شعب الإيمان، فإن وضع الأذى في طريق الناس خطيئة، وهو من شعب الفسوق والعصيان، ووالله إنه ليجلب الأذى لفاعله في الدنيا والآخرة".
وشددت الفتوة على أن الواجب القيام بهذا الذبح في الأماكن المعدة والمجهزة لمثل ذلك، والواجب الحرص على الناس وعلى ما ينفعهم، والنأي بالنفس عن كل ما يُكَدِّر عيشَهم أو يؤذي أحاسيسهم وأبدانهم.
حرام شرعا
وفي السياق قال خالد عمران، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن إلقاء مخلفات الأضحية في الشوارع، إثم وليس من الدين، موضحا أنه بذلك يضع الأذى في طريق الناس وهو ما يخالف ديننا الذي يؤكد على ضرورة إماطة الأذى عن الطريق.
وأضاف "عمران" في حواره عبر "سكايب" لبرنامج "هذا الصباح " على فضائية "اكسترا نيوز" أن ترك مخلفات الذبيحة والاضحية في الشارع من أشد الآثام وهو حرام شرعًا لأنه به ضرر.