جولة جديدة من المفاوضات حول أزمة سد النهضة قد بدأت بين وزراء الري للدول الثلاثة "مصر وأثيوبيا والسودان"، في محاولة للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد الأثيوبي، فماذا يدور داخل غرف المفاوضات؟.
كانت جولة التفاوض الحالية قد بدأت يوم الإثنين الماضي، واستمرت ليوم واحد، إذ تم الاتفاق على تأجيلها أسبوعا بناء على طلب من السودان، لمزيد من المشاورات الداخلية.
وخلال جولة الأسبوع الماضي انتقدت مصر والسودان، إثيوبيا بسبب ملئها خزان سد النهضة المشيد على النيل الأزرق على نحو أحادي، وأكدا أن هذا الأمر أثار تساؤلات كثيرة حول جدوى المسار الحالي للمفاوضات والوصول إلى اتفاق عادل للملء والتشغيل".
واستكمالات للمفاوضات، شهد اليوم 3 أغسطس 2020، الاجتماع الثاني للجولة الثانية للتفاوض بين الدول الثلاث برعاية الاتحاد الأفريقي، وبحضور المراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخبراء مفوضية الإتحاد الإفريقى، وذلك بناء على مخرجات القمة الرئاسية الإفريقية المصغرة التي عُقدت يوم 21 يوليو المنصرم.
وفي هذا السياق أكد الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الري والموارد المائية، اعتراض مصر على الاجراء الأحادى لملء سد النهضة، دون التشاور والتنسيق مع دول المصب مما يلقى بدلالات سلبية توضح عدم رغبة اثيوبيا في التوصل لإتفاق عادل، معتبرا أنه إجراء يتعارض مع إتفاق إعلان المبادئ.
وشدد عبد العاطي، في بيان صحفي اليوم الأثنين، على أهمية سرعة التوصل لإتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة بحيث يتم التوافق حول كل نقطة من النقاط الخلافية، مشيرا إلى اقتراح مصر لآلية العمل خلال الاجتماعات الحالية التي ستُعقد لمدة أسبوعين.
وأكد وزير الري المصري، أنه بناء على القمة المصغرة فإن التفاوض الحالي سيكون حول ملء وتشغيل سد النهضة فقط، وأن التفاوض حول المشروعات المستقبلية سيكون في مرحلة لاحقة بعد التوصل لإتفاق سد النهضة.
وفى نهاية الاجتماع تم التوافق بين الوزراء على قيام اللجان الفنية والقانونية، بمناقشة النقاط الخلافية خلال اليومين القادمين 4، 5 أغسطس فى مسارين متوازيين، وعرض المخرجات في الاجتماع الوزاري يوم الخميس 6 أغسطس.
وخلال اجتماع الأسبوع الماضي، كان ياسر عباس وزير الموارد المائية والري السوداني، قد أكد أن الإجراء أحادي الجانب من قبل إثيوبيا بالبدء في الملء الأول قبل التوصل لاتفاق ملزم بين الدول الثلاث، يشكل "سابقة مضرة ومقلقة في مسار التعاون بين الدول المعنية".
واستعرض وزير الري السوداني، الآثار السلبية لهذا الإجراء الأحادي "غير المقبول" على السودان، كما طالب بوضع أجندة محددة وواضحة لكل فترة التفاوض التي اتفق على أن تستغرق أسبوعين، إضافة لضرورة إعداد بروتوكولات واضحة لتبادل المعلومات والتقارير بين كل الأطراف" لضمان نجاح المفاوضات.
ويقام سد النهضة الكبير على بعد نحو 15 كيلومترا فقط من الحدود مع السودان على النيل الأزرق مصدر أغلب مياه النيل بعد أن يلتقي بالنيل الأبيض في السودان.
ويخشى السودان ومصر أن يؤدي السد، الذي يهدف إلى توليد الكهرباء وتبلغ كلفته أربعة مليارات دولار، إلى نقص في حصة كل منهما من المياه. ويثير المشروع مخاوف في مصر من تناقص أكبر في مياه النيل. وأخفقت مفاوضات شاقة جرت على مدى نحو عقد في التوصل لاتفاق لتنظيم كيفية ملء إثيوبيا لخزان السد وتشغيله دون المساس بحصص المياه الشحيحة لدولتي المصب.
وفى 22 يوليو الماضي عقدت قمة مصغرة برئاسة الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي، رئيس جمهورية جنوب افريقيا، سيريل رامافوسا، حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي وأعضاء المكتب، بمن فيهم رئيس كينيا، اوهورو كينياتا، رئيس مالي، إبراهيم بوبكر كيتا، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، الرئيس فيليكس تشيسكيدي، بالإضافة الى رئيس الوزراء من السودان عبد الله حمدوك ورئيس وزراء اثيوبيا أبي أحمد.
في نهاية القمة المصغرة تم الاتفاق على مواصلة المفاوضات والتركيز في الوقت الحالي على اعطاء الاولوية لبلورة اتفاق قانوني ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، ويتبع ذلك العمل على التوصل الى اتفاق شامل لجميع جوانب التعاون المشترك بين الدول الثلاث فيما يتعلق باستخدام مياه النيل.
بالتزامن مع القمة الإفريقية المصغرة، أذاع التلفزيون الأثيوبي خطابا صوتيا مسجلا، لرئيس الوزراء الإثيوبي يهنأ فيه الأثيوبيين بانتهاء المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، مرفقا بصور حديثة من السد، وهو ما اعتبره المصريون استفزازا لمشاعرهم.
في المقابل، حرص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، على تأكيد تمسك بلاده بخيار المفاوضات، لحل أزمة السد، موضحا أن بلاده تدعم إثيوبيا في مشاريعها التنموية، لكن هذا الدعم لن يكون على حساب نصيب مصر من مياه النيل.
وتابع السيسي قائلا: "لا داعي لتهديد الرأي العام في مصر بعمل عسكري. نحن نتفاوض لنستفيد جميعا، ولا يقع ضرر علينا". وأضاف السيسي: "عدالة قضية المياه أثبتته الحضارة المصرية القديمة التي قامت على مياه نهر النيل".
وأضاف: "مصر لديها مبادرة لاستكمال ما تبقى من الأرض الزراعية بنظام الري الحديث وعلينا السعي فيها بجدية. اتخذنا إجراءات مبكرة في مشاريع معالجة المياه وباستثمارات ضخمة تصل لتريليون جنيه".