جددت إثيوبيا اليوم السبت رفضها توقيع اتفاق يشترط تمرير حصص محددة للمياه من السد لدول المصب، معللة ذلك بأن الضغوط التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي فرضها علي أديس أبابا للتوقيع على اتفاقية لن تتمخض إلا عن إلحاق الضرر بالمفاوضات الثلاثية مع مصر والسودان، وفق زعمها.
السفير دينا مفتي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، إن أديس أبابا قدّمت نسختها من المبادئ التوجيهية والقواعد الخاصة بملء السد في المحادثات التي استؤنفت الاثنين الماضي، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإثيوبية (إينا)، السبت.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، في مؤتمر صحفي، أنه تم تعليق المحادثات بطلب مصري- سوداني، حتى يتسنّى لهما دراسة المبادئ التوجيهية والقواعد التي قدّمتها أديس أبابا.
وأوضح أن إثيوبيا رفضت الطلب المقدم في المحادثات للتوصل إلى اتفاق حول التقاسم المُستدام لحصص مياه النيل، مُعتبرًا أنه "أمر لا يتعلق بمفاوضات السد"، وإنما سيجري مناقشته في جلسة أخرى بمشاركة جميع دول حوض النيل.
كما زعم أن المُقترح الإثيوبي أكّد التزام أديس أبابا بمراعاة مخاوف دول المصب من حالات الجفاف المُحتمل وقوعها مُستقبلًا.
كان الاتحاد الأفريقي الذي يرعى المفاوضات بين الدول الثلاث شدّد سابقًا على ضرورة التوصل إلى اتفاق مُلزِم قانونًا، وليس مجرد إرشادات وقواعد حول ملء السد.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية على أن بلاده مازالت متسقة في رسالتها بشأن علاقاتها الثنائية مع واشنطن، حذّر من أن الضغط الأمريكي على بلاده- بما في ذلك محاولة قطع العلاقات الثنائية- سيؤثر سلبًا على أمريكا وعلى المفاوضات، بحسب (إينا).
وقال: "لن تُسلّم إثيوبيا مصلحتها الوطنية لأطراف أخرى متأثرة بالضغوط الأمريكية"، مُضيفًا: "لا تضر تصرفات الولايات المتحدة والبنك الدولي العلاقات الثنائية فحسب، بل تضر بالمحادثات الثلاثية الجارية. لن يوقف أي ضغط بناء السد أو عزمنا على بناء مشروعنا".
وفي وقت سابق أمس الجمعة، قال وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشيو إن بلاده تستهدف تعزيز التعاون مع الدول المجاورة في إطار خطة تنمية لعلاقاتها الخارجية مدتها 10 سنوات، وذلك خلال اجتماع تشاوري ناقش الخطة العشرية الوطنية فيما يتعلق بالشؤون الخارجية الإثيوبية.
والأربعاء، أكدت مصر والسودان رفضها الإجراء الأحادي الذي اتخذته إثيوبيا بملء السد في 22 يوليو الماضي، وذلك في خطابين منفصلين إلى دولة جنوب أفريقيا بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
وجددتا رفضهما لما ورد في المُقترح الإثيوبي الأخير، المؤرخ بتاريخ 4 أغسطس، باعتبار أنه يتضمن مُقترحًا مُخالفًا للتوجيه الصادر عن قمة هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي في 21 يوليو، والذي شدّد على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قانونًا وليس مجرد إرشادات وقواعد حول الملء.
ويقضي المُقترح الإثيوبي بأن يتم الاتفاق على الملء الأولي فقط للسد؛ بينما يربط اتفاق تشغيل السد على المدى البعيد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق.
على مدار عدة سنوات، مرت مفاوضات سد النهضة بـ 16 مرحلة خاضتها الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، من أجل تسوية النزاعات المائية من المنبع إلى المصب، غير أن تلك المحادثات باءت جميعها بالفشل ولم تفسر عن أي نتائج ملموسة.
وشملت المفاوضات، 10 جولات رئيسية و6 جولات تفاوضية في المسارين الفنى والقانوني، إلى جانب اجتماعات المراقبين مع وفود الدول الثلاث، خلال المفاوضات التى جرت مرة برعاية أمريكية ومشاركة البنك الدولي، ومرة برعاية الاتحاد الأفريقي، تحت سمع وبصر العالم، ولم تحرك إثيوبيا ساكنا تجاه التسوية العادلة مع دولتى المصب، بل لجأت إلى إجراءات أحادية بملء بحيرة السد في تحدٍ واضح لمختلف القوانين والأعراف الدولية.
وعلقت مصر والسودان جولة المفاوضات الأخيرة للتشاور، بسبب التعنت الإثيوبي وسط تأكيدات بأن أديس أبابا لم تقدم أى قواعد لتشغيل السد.
ماذا يمثل سد النهضة لمصر وإثيوبيا؟
تصف مصر سد النهضة تهديدًا وجوديا لأنها تُعاني من ندرة مائية بحسب تصنيف البنك الدولي، وتعتمد بشكل أساسي على مياه نهر النيل في تلبية 95 % من احتياجاتها المائية، إذ تحصل سنويا على حصة من مياه النيل تقدر بـ 55 ونصف مليار متر مكعب، وفقا لـ شبكة بي بي سي البريطانية.
وتخشى مصر من أن عملية ملء السد قد تؤثر على حصتها من المياه، ففي السنوات التي يكون فيها معدل الأمطار عاديا أو فوق المتوسط لا يُتوقع أن تكون هناك مشكلة، ولكن القلق بشأن ما قد يحدث خلال فترات الجفاف التي قد تستمر لسنوات.
في المقابل،تقول إثيوبيا إن السد، ضرورة وجودية، فإذا جرى تشغيله بكامل طاقته، سيكون المحطة الأكبر أفريقيا لتوليد الكهرباء. وسيُوفر الكهرباء لـ 65 مليون إثيوبي. وبالتالي فهو ضروري لنمو البلاد اقتصاديا ولتوفير الطاقة.
ولكي يتحقق الغرض منه تحتاج إثيوبيا لملء خزان السد بـ 74 مليار متر مكعب من المياه، تم بالفعل ملء 4.9 مليار متر مكعب منها.