قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني رياض عيسى، اليوم الاحد، إن الانفجار الذي حدث بالعاصمة بيروت هو نتيجة إهمال السلطة السياسية بلبنان وتقاعسها عن واجبها، وكذلك نتيجة لسيطرة ذهنية لسلطة الفساد والمحاصصة والطائفية، والمصالح والتي تتحكم بلبنان منذ سنوات.
وأوضح عيسى، في تصريحات لمصر العربية، أن وجود أكثر 2700 طن من المتفجرات في المرفأ، ينفي وجود أي ضمير حي لأي من المسئولين اللبنانيين في تلك الأزمة.
وأشار إلى أن الانفجار أودى بحياة قرابة 200 شهيد، وأكثر من 6000 جريح، وخلف دمارا شديدا في نصف العاصمة بيروت، وكذلك خسائر فادحة في الممتلكات الخاصة والعامة.
ولفت المحلل السياسي اللبناني إلى أن الانفجار تزامن مع وجود أزمة سياسية أساسية قائمة بلبنان، فضلا عن أزمة اقتصادية، وانهيار للعملة اللبنانية، وكذلك حصار دولي على لبنان نتيجة سياسة المحاور، وسيطرة طرف سياسي على الحكم بلبنان، مشيرا إلى وجود تقصير وفشل بإدارة كل الملفات، وبالتالي هناك حالة غضب لدى الشارع اللبناني نتج عنها ثورة 17 أكتوبر، والتي مازلت مستمرة، وإن كانت تراجعت لبعض الوقت بسبب أزمة كورونا، والآن عادت كما كانت.
المحلل السياسي اللبناني رياض عيسى
وأشار عيسى إلى أن الانفجار أعاد من جديد الثورة إلى الشارع اللبناني، وولد حالة من الغضب، وأعاد الثوار لحالة الاستنفار القصوى، لنجدة المواطنين ومساعداتهم وإسعافهم، ورفع الأنقاض، في الوقت الذي عجزت فيه أجهزة الدولة أمام حطام التدمير، فالاحتجاجات عبرت عن غضبة الشارع المقهور ضد سلطة فاسدة.
وعن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، قال المحلل السياسي اللبناني إلى أنها جاءت كمتنفس للشارع الغاضب، فماكرون جاء للاستماع لأوجاع وقهر الناس، في الوقت الذي أغلق فيه المسؤولون آذانهم أمام صرخات الشارع، كما أن ماكرون أيضا نقل صرخات الشارع للقيادات السياسية بلبنان، وهذه مفارقة، إذ أن المسؤولين لم يسمعوا الشعب اللبناني إلا من خلال ماكرون الذي أسمعهم كلاما لم يسمعوه من قبل "حاربوا الفساد، واقروا تشريعات جديدة".
وعن استقالة بعض نواب البرلمان، قال عيسى، إن بعض نواب البرلمان تضامنوا مع الشارع، وأرسلوا رسائل قوية إلى السلطة السياسية، بأنه لا سماح ولا غفران ولا نسيان عن كل الجرائم ولا غفران عن سياسات الفشل.
وعن السيناريوهات المستقبلية للبنان، قال رياض عيسى إن لبنان يتجه نحو مزيد من التأزم بسبب إفلاس تلك السلطة السياسية بسبب تكابر حزب الله وعدم سماعه لصوت الشارع والاستمرار في دعم تلك السلطة السياسية، وكذلك استخدام ميشال عون صهره جبران باسيل في الحكم، فلا يزال جبران باسيل هو الحاكم الفعلي الذي يدير لبنان.
وعن أبرز مطالب المحتجين، كشف عيسى عن بعض المطالب: وهي استقالة مجلس النواب، وإقرار قانون انتخاب عصري، وإقرار انتخابات نيابية مبكرة، ثم انتخابات رئاسة جمهورية مبكرة، وكذلك استقالة الحكومة وتشكيل حكومة من المستقلين.
وعن مقترح رئيس الحكومة حسان دياب بانتخابات نيابية مبكرة، قال رياض إن تلك الدعوة ذرا للرماد في العيون، فالمطلوب الآن هو استقالة الحكومة، وتشكيل حكومة من المستقلين تدير وتشرف على الانتخابات، وليس حكومة "حسان دياب"، فنحن نريد حكومة مستقلة تعمل على قانون جديد للانتخابات عبر هيئة لإدارة الانتخابات وهو غير موجود بلبنان.
وفي الرابع من أغسطس الجاري2020، كان لبنان مع فاجعة كبيرة، عبر انفجار بمرفأ بيروت خلف الآلاف من القتلى والجرحى.
وزاد انفجار مرفأ بيروت من أوجاع لبنان الذي يشهد منذ أشهر، أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 ـ 1990)، ما فجر احتجاجات شعبية منذ 17 أكتوبر الماضي، ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.
وأجبر المحتجون، بعد 12 يوما، حكومة سعد الحريري على الاستقالة، وحلت محلها حكومة حسان دياب، منذ 11 فبراير الماضي.
ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية، التي يحملونها مسؤولية "الفساد المستشري" في مؤسسات الدولة، والذي يرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي في البلاد.