لقاح كورونا الروسي يثير الجدل.. تشكيك أمريكي وألماني في فعاليته وأمانه

لقاح كورونا الروسي سبوتنيك v

أثار إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن أول لقاح فعّال في العالم ضد فيروس كورونا المستجد ( كوفيد 19) حالة من الجدل؛ فما بين سعي دول إلى حجزه وإعلان دول أخرى إنتاجه، شكك علماء ألمان وأمريكيون في جدية في أن تكون روسيا أثبتت أمان وفعالية لقاحها، معتبرين أنها تجربة شديدة الخطورة وأمر غير مسؤول.

 

الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة، قال: "آمل أن يكون الروس قد أثبتوا بالفعل وبشكل قاطع أن اللقاح آمن وفعال... أشك بشدة في أنهم فعلوا ذلك".

 

وخلال مقابلته مع شبكة «ABC News» أكد مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية أن الحصول على لقاح وإثبات أنه آمن وفعال "شيئان مختلفان".

وتابع: "لدينا ستة لقاحات أو أكثر... لذا إذا أردنا اغتنام الفرصة لإيذاء الكثير من الناس أو منحهم شيئًا لا يعمل، يمكننا البدء في القيام بذلك، كما تعلمون، الأسبوع المقبل إذا أردنا ذلك. لكن هذه ليست الطريقة التي نعمل بها".

 

كما أشار فاوتشي إلى أنه إذا سمع الأمريكيون إعلانات من دول، مثل روسيا أو الصين حول تطوير اللقاحات، فعليهم أن يتذكروا أن الولايات المتحدة لديها معايير أمان وفعالية معينة مطبقة.

 

من جانبه، قال وزير الصحة الألماني ينس سبان اليوم إن اللقاح الروسي لمرض كوفيد-19 لم يختبر على نحو كاف مضيفا أن الهدف هو ابتكار منتج آمن وليس أن يكون بلد ما الأول في توفير لقاح للناس فحسب.

وقال سبان لراديو دويتشلاند فونك:  "قد يكون من الخطير البدء في منح اللقاح للملايين، إن لم يكن المليارات من الناس في وقت سابق لأوانه لأن هذا قد يقضي تماما على تقبل فكرة اللقاح إذا لم تمض الأمور على ما يرام، لذلك فأنا متشكك جدا بشأن ما يحدث في روسيا".

 

وأضاف: "يسعدني أن يكون هناك لقاح مبدئي جيد لكن استنادا إلى كل ما نعرفه، وهذه هي المشكلة الرئيسية لأن الروس لا يخبروننا بالكثير، فهذا (اللقاح) لم يختبر على نحو كاف".

 

وتابع أنه من المهم جدا، حتى أثناء الجائحة، إجراء الدراسات والاختبارات ذات الصلة بشكل صحيح ونشرها على الملأ للحصول على ثقة الناس في اللقاح.

تجربة شديدة الخطورة  

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية لم يتمكن إلى الأن أي عالم من الحكم على فعالية الدواء بشكل مستقل، حيث أن جميع المعلومات تأتي من الجهات الروسية.

 

وفي هذا الشأن يقول عالم الفيروسات بمعهد برنهارد نوخت لطب المناطق الحارة يوناس شميدت شاناسيت لوكالة الأنباء الألمانية:"أنا متحفظ للغاية على الموافقة بطرح هذا اللقاح. فحتى الآن لا توجد بيانات منشورة عنه، وهذا أمر يمثل صعوبة كبيرة."

 

وقال رئيس نقابة الأطباء الاتحادية الألمانية كلاوس راينهاردت: "إن السماح بطرحه يعد "تجربة شديدة الخطورة على البشر" مضيفًا:" تطعيم مجموعات كاملة من الشعب بهذا اللقاح في هذه المرحلة المبكرة من تطويره أمر غير مسؤول."

وبحسب إذعة دويتشه فيله الألمانية، وافقه في الرأي شميدت شاناسيت، والذي يشير إلى أهمية اتباع قواعد منظمة الصحة العالمية في تطوير اللقاحات، وقال شميدت إن اللقاحات تمر عادة بعدة مراحل، ويتم اختبارها على البشر في المرحلة الثالثة والتي تشهد تجربة فعالية اللقاح على آلاف المتطوعين على مدار عدة شهور لمعرفة كيفية عمله واكتشاف آثاره الجانبية.

 

واستشهد شميدت شاناسيت بما حدث في الفلبين عند طرح لقاح ضد حمى الضنك بطريقة مشابهة دون التأكد من فعاليته، وهو ما جعل المواطنين يشعرون كأنهم "فئران تجارب" على حسب تعبيره، مما أدى إلى إحجامهم عن التطعيمات بشكل عام لفقدهم الثقة في الجهات المسؤولة.  

في وقت سابق قال كيريل دميترييف، رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي (RDIF)، إن روسيا وافقت على إنتاج لقاحها ضد فيروس كورونا في 5 دول، وتتيح السعة لدينا إنتاج 500 مليون جرعة سنويًا.

 

وأضاف: "لقد أبرمنا اتفاقيات لإنتاج لقاحات في 5 دول، ولدينا الآن القدرة على إنتاج 500 مليون جرعة من اللقاح يمكن إطلاقها في غضون 12 شهرًا".  

وأفاد الصندوق أنه تجري مناقشة مع المملكة العربية السعودية وكازاخستان والبرازيل والهند وكوبا لإنتاج اللقاح، مشيرا إلى أن الإنتاج في كوبا قد يبدأ في نوفمبر المقبل، بحسب وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك".

 

وقال كيريل ديمترييف إن 20 دولة أجنبية طلبت "أكثر من مليار جرعة" من اللقاح الروسي ضد (كوفيد 19)، مشيرا إلى أن المرحلة الثالثة من التجارب تبدأ الأربعاء.

 

 

 

وأوضح رئيس الصندوق المشارك في عملية تطوير اللقاح أن الانتاج الصناعي سيبدأ في سبتمبر المقبل. مشيرًا إلى اللقاح أُطلق عليه تسمية "سبوتنيك في"؛ (Sputnik) تيمّنا باسم القمر الصناعي السوفياتي، وهو أول مركبة فضائية وضعت في المدار، و(V) تمثل أول حرف من كلمة لقاح في عدة لغات أجنبية.

 

في أعقاب ذلك، شددت منظمة الصحة العالمية على ضرورة إتباع آليات صارمة، مشيرةً إلى أن مرحلة ما قبل الترخيص تتضمن مراجعة وتقييمًا لكل بيانات السلامة والفعالية المطلوبة التي جمعت خلال مرحلة التجارب السريرية.

 

وقال المتحدث باسم المنظمة، طارق ياساريفيتش، خلال مؤتمر صحفي عبر الفيديو: "نحن على تواصل وثيق مع السلطات الروسية والمحادثات تتواصل. المرحلة التي تسبق ترخيص أي لقاح تمر عبر آليات صارمة"، وذلك ردًا على سؤال عن إعلان الرئيس الروسي توصل بلاده لـ "أول لقاح" ضد فيروس كورونا المستجد.  

 

وأوضح المتحدث أن "مرحلة ما قبل الترخيص تتضمن مراجعة وتقييما لكل بيانات السلامة والفعالية المطلوبة التي جمعت خلال مرحلة التجارب السريرية".

 

وأشار إلى أنه بالإضافة إلى المصادقة التي تمنحها الجهات المختصة في كل بلد، "وضعت منظمة الصحة العالمية آلية ترخيص مسبق للقاحات وأيضاً للأدوية. يطلب المصنعون الترخيص المسبق لمنظمة الصحة العالمية لأنه بمثابة ضمان للنوعية". 

وكان بوتين قد أعلن أمس الثلاثاء أن بلاده طوّرت أول لقاح ضد فيروس كورونا مؤكدًا أنه يوفّر "مناعة مستدامة"، فيما أكّدت وزارة الصحة الروسية أن التلقيح المزدوج "سيسمح بتشكيل مناعة طويلة" قد تستمر عامين.

 

وأكد الرئيس الروسي أن إحدى بناته تلقت اللقاح الذي طوّره مركز نيكولاي غاماليا للأبحاث في علم الأوبئة وعلم الأحياء الدقيقة بالتعاون مع وزارة الدفاع الروسية.

 

وهذا اللقاح هو ناقل فيروسي، إذ يستخدم كركيزة فيروسا آخر تم تحويله وتكييفه لمحاربة (كوفيد 19). وتقنية استخدام فيروس غدي هي تلك التي اختارتها أيضاً جامعة أوكسفورد. بحسب " فرانس 24".  

 

 

وتعرض علماء من مركز غاماليا لانتقادات في مايو بعد حقن أنفسهم بالنموذج الأولي للقاحهم، في أسلوب ينتهك البروتوكولات الاعتيادية ويهدف إلى تسريع الآلية العلمية إلى أقصى حد.

 

وحتى الآن لم تنشر روسيا دراسات مفصلة لنتائج تجاربها التي تسمح بالتثبت من فعالية اللقاحات التي تقول إنها تعمل على تطويرها.

 

وبحسب "رويترز"، جاءت موافقة وزارة الصحة الروسية على اللقاح قبل بدء تجربة أكبر تضم آلاف المشاركين، تعرف باسم اختبار المرحلة الثالثة.

 

 

وتعتبر مثل هذه التجربة، التي تتطلب إصابة عدد معين من المشاركين بالفيروس لمراقبة تأثير اللقاح، من الإجراءات الأساسية ليحصل اللقاح على الموافقة.  

ويجري تطوير أكثر من 100 لقاح محتمل لكوفيد-19 حول العالم في محاولة لإيقاف الجائحة. وتفيد بيانات منظمة الصحة العالمية أن أربعة لقاحات على الأقل في المرحلة الثالثة النهائية الخاصة بالتجارب على البشر.

 

مقالات متعلقة