لا يزال لبنان يعاني من تداعيات كارثة انفجار مرفأ بيروت، التي خلّفت خسائر مادية وبشرية هائلة، طالت القطاع الصحي؛ حيث أكّدت منظمة الصحة العالمية أنّ أكثر من 50 % من مستشفيات ومرافق بيروت الصحية، التي تمَّ تقييمها، هي خارج الخدمة بسبب انفجار المرفأ المدمر.
واضطر عدد من الجرحى الى الانتقال من مستشفى إلى آخر وصولًا إلى مستشفيات بعيدة جدًا عن العاصمة للحصول على العلاج، بسبب عدم قدرة مستشفيات بيروت على الاستيعاب وإعطائها الأولوية للحالات الحرجة.
وقال ريتشارد برينان، مدير الطوارئ للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشرق المتوسط في القاهرة: "بعد تقييم 55 مستشفى ومركزًا صحيًا في العاصمة اللبنانية نعلم الآن أن أكثر من 50 % لا تعمل".
وأضاف برينان أن 3 مستشفيات رئيسية في بيروت معطلة بشكل كامل و3 أخريات تعمل بقدرة أقل بكثير من طاقتها العادية.
وطالب مسؤول منظمة الصحة العالمية السلطات اللبنانية بـ"إعادة تشغيل هذه المرافق الصحية بأسرع ما يمكن حتى نتمكن من تلبية الاحتياجات الناجمة عن جائحة (كوفيد 19) بالإضافة إلى احتياجات المجتمع الصحية الأساسية الأخرى".
في سياق آخر، يواصل اللبنانيون تشييع ضحايا انفجار المرفأ، مع العثور على مزيد من الأشلاء ووفاة مصابين، فيما ينهمك السياسيون المتهمون بالانفصال عن واقع المواطنين المروع، في إجراء اتصالات سياسية للاتفاق على اسم رئيس الحكومة المقبل.
إلى ذلك تتواصل عمليات البحث عن مفقودين تحت أنقاض مرفأ بيروت، الذي تحولل ساحة واسعة من الركام نتيجة الانفجار الضخم الناتج، بحسب السلطات، عن حريق في العنبر الذي خزن فيه 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم.
ويتعرض المسؤولون السياسيون لضغوط من المجتمع الدولي للإسراع في تشكيل حكومة تتجاوب مع مطالب الناس الغاضبين الذين نجحوا في إسقاط الحكومة برئاسة حسان دياب، الاثنين، ولضغوط على الأرض من خلال التظاهرات والاحتجاجات اليومية الداعية إلى محاسبة المسؤولين عن الانفجار ورحيل كل الطبقة السياسية التي تحكم لبنان منذ عقود.
وفي 4 أغسطس الجاري، قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية، جراء انفجار ضخم في مرفأ بيروت، خلف 171 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين، بجانب دمار مادي هائل، بخسائر تُقدر بنحو 15 مليار دولار، وفقا لأرقام رسمية غير نهائية. وتعهّد المجتمع الدولي بتقديم مساعدة عاجلة بقيمة أكثر من 250 مليون دولار، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية، قبل يومين، على أن تسلّم إلى الشعب اللبناني والجمعيات غير الحكومية مباشرة، في مؤشر إضافي على انعدام الثقة الخارجية بالدولة اللبنانية ومؤسساتها.
ودفع الانفجار حكومة حسان دياب إلى الاستقالة، الإثنين، بعد أن حلت منذ 11 فبراير الماضي، محل حكومة سعد الحريري، التي أجبرتها احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية على الاستقالة، في 29 أكتوبر الماضي. ويزيد انفجار المرفأ من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر، من تداعيات أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه الحديث، وكذلك من استقطاب سياسي حاد، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.
ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية، التي يحملونها مسؤولية "الفساد المستشري" في مؤسسات الدولة، والذي يرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي في البلاد.