ردت مصر على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، والتي أثارت جدلاً واسعاً، بعد أن اعتبر أن أكثر من 86% من مياه النهر تنبع من إثيوبيا، وأن هذه المياه هي ثروة إثيوبيا الطبيعية، متهما القاهرة باحتكار نهر النيل.
وقال الدكتور علاء الظواهري، عضو وفد مصر في مفاوضات "سد النهضة"، إن "النيل نهر مشترك بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، ويدار وفق قانون الأنهار الدولية بينها"، مؤكداً أن هذا الأمر جرى بشكل طبيعي وبسلاسة منذ آلاف السنين، كما شدد على أن مياه النيل حق للدول الثلاث، ولا يمكن لدولة أن تحتكرها، وفق ما نشره موقع العربية.
وأوضح أن "التصريحات الإثيوبية التي اعتبرت تلك المياه ثروة إثيوبيا الطبيعية ليس لها سند في القانون الدولي، الذي يحكم عملية تنظيم وإدارة الأنهار المشتركة"، مضيفا: "إذا كانت أديس أبابا تقول إن النهر ملك لها فليس هناك ما يدعم ذلك قانونياً وإلا عليهم أن يفيدونا به". وأكد أن دولتي المصب تتشاركان مع إثيوبيا في كل ما يخص النهر.
وكشف الظواهري أن "مشكلة إثيوبيا تكمن في سعيها إلى إقامة مشاريع مستقبلية على النيل دون تنسيق بين دولتي المصب، ما يخالف القانون الدولي"، لافتا إلى أن "إثيوبيا تركز دوماً خلال المفاوضات على أمور بعيدة عن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وقد طالبنا وفدها مراراً بأن ينصب التفاوض على قواعد الملء والتشغيل وكيفية هذا الملء خلال سنوات الجفاف، منعا للتأثير مائياً على مصر والسودان".
وكان المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، قال، في مقابلة مع صحيفة "ّذا هيرالد الإثيوبية"، إن بلاده ليس لديها أي مشكلات مع مصر، باستثناء طلب وصفه بالمستحيل وهو "احتكار مياه نهر النيل".
وأضاف أنه "تظهر فقط المشكلة مع مصر عندما تحاول المطالبة باحتكار نهر النيل وهو أمر مستحيل. يحق لجميع البلدان التي يمر فيها النهر الاستفادة من هذه الطبيعة التي وهبها الله، وأي ادعاء بشأن احتكار أي بلد للنهر ليس صحيحا".
وكانت مصر قد أعلنت ترحيبها باستئناف مفاوضات سد النهضة بعد تعليقها خلال الأيام الماضية، شرط الالتزام بمخرجات القمة الأفريقية المصغرة، التي قضت بالتفاوض حول اتفاق ملزم لقواعد ملء وتشغيل السد.
إلا أن السودان طلب تأجيل الاجتماعات لمدة أسبوع بغية استكمال التشاور الداخلي نظراً للتطورات التي شهدتها المفاوضات في الآونة الأخيرة، والخطابات المتبادلة بين الأطراف المشاركة في المفاوضات، فيما يتعلق بتغيير أجندة التفاوض.
زيارة مصرية للسودان
وتوجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم السبت، على رأس وفد رفيع المستوى من الوزراء إلى جمهورية السودان الشقيقة، لبحث عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، وعلى رأسها ملف سد النهضة الأثيوبي وآخر المستجدات فيه.
ويضم الوفد المصري الذي يقوده مدبولي، كل من وزراء الري والموارد المائية، والصحة والسكان، والتجارة والصناعة، والكهرباء، وعددا من مسؤولي الجهات المعنية، في زيارة تستغرق يوما واحدا.
ومن المقرر أن يعقد الجانبان المصري والسوداني، برئاسة رئيسى وزراء البلدين، جلسة مشاورات موسعة تتناول أوجه التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، كما من المقرر أن يلتقي الدكتور مصطفى مدبولي، خلال الزيارة، قيادات مجلس السيادة السوداني.
وعن أهمية زيارة رئيس الوزراء للدكتور مصطفى مدبولي إلى السودان، قال الدكتور مصطفى الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه يأمل أن تكون هذه الزيارة بادرة لتحالف مصري سوداني، وأن تدرك السودان أنها عنصر مهم للغاية للأمن القومي المصري.
وأضاف الغباشي، في تصريح لـ"مصر العربية"، أن الجانب الأثيوبي متعنت وحقق مراده في بدء ملء السد، وبدأ مرحلة مساومة خاصة بملأ الخزان وغيره، فليس هناك بديل عن أن يكون هناك تعاون وثيق وصادق وآمان بين مصر والسودان شماله وجنوبه.
ورأى أن زيارة مدبولي للسودان قد تكون تأسيس لتعاون مصري وسوداني، وتعزيز هذه العلاقات وتقويتها، مشددا أنه لابد أن يدرك الجانبين أنهم في خطر مما يفعله الجانب الأثيوبي، وهي مسألة غير مقبولة للجانبين المصري والسوداني.
ورجح الغباشي أن يكون سد النهضة كلمة السر في زيارة مدبولي للخرطوم، وأن تأخذ الحيز الأكبر من اللقاء، إلى جانب تناول الحديث عن كيفية تعزيز العلاقات بين البلدين على كافة المستويات، ومنها مشروع الربط الكهربائي وطريق بري مفتوح، فيما استبعد أن يتطرق اللقاء لملف النزاع على حلايب وشلاتين.
وأكد على ضرورة تعزيز وتقوية العلاقات بين مصر والسودان، لافتا إلى أن الطرفين أدركوا إحساسهم بالخطر فبدأ يكون هناك إدراك لتعزيز العلاقات، كما أن السودان بدأ يأخذ خطوة تجاه الجانب المصري، بعدما كان يأخذ خطوة تجاه الأثيوبي من قبل.
ماذا يمثل سد النهضة لمصر وإثيوبيا؟
تصف مصر سد النهضة تهديدًا وجوديا لأنها تُعاني من ندرة مائية بحسب تصنيف البنك الدولي، وتعتمد بشكل أساسي على مياه نهر النيل في تلبية 95 % من احتياجاتها المائية، إذ تحصل سنويا على حصة من مياه النيل تقدر بـ 55 ونصف مليار متر مكعب، وفقا لـ شبكة بي بي سي البريطانية.
وتخشى مصر من أن عملية ملء السد قد تؤثر على حصتها من المياه، ففي السنوات التي يكون فيها معدل الأمطار عاديا أو فوق المتوسط لا يُتوقع أن تكون هناك مشكلة، ولكن القلق بشأن ما قد يحدث خلال فترات الجفاف التي قد تستمر لسنوات.
في المقابل،تقول إثيوبيا إن السد، ضرورة وجودية، فإذا جرى تشغيله بكامل طاقته، سيكون المحطة الأكبر أفريقيا لتوليد الكهرباء. وسيُوفر الكهرباء لـ 65 مليون إثيوبي. وبالتالي فهو ضروري لنمو البلاد اقتصاديا ولتوفير الطاقة.
ولكي يتحقق الغرض منه تحتاج إثيوبيا لملء خزان السد بـ 74 مليار متر مكعب من المياه، تم بالفعل ملء 4.9 مليار متر مكعب منها.