بعد أيام من انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الجاري، استقالت الحكومة اللبنانية، وربما كانت فرصة لإنهاء فصل حزين من تاريخ البلاد، لكن لسوء الحظ، يبدو أن هناك المزيد من الفصول المحزنة التي يجب أن تتحملها هذه الأمة المعذبة.
وبحسب تقرير لصحيفة "جارديان" البريطانية، فإن مأساة لبنان هي أنه عالق بين إيران والولايات المتحدة، وهي المواجهة التي جعلت الإمارات وإسرائيل يقتربان الأسبوع الماضي من بعضهما ويبرمان معاهدة.
كان "حزب الله" جزءًا من الحكومات الائتلافية اللبنانية لأكثر من عقد من الزمان، وأقوى خصم لإسرائيل، وفي السابق كان حزب الله يختبئ في الخلفية، مما سمح لخصومه بإدارة الحكومة لكن كان بإمكانه التدخل في اللحظات الحاسمة.
وعندما جاءت المظاهرات بتشكيل حكومة جديدة في يناير الماضي، كان حزب الله هو المسؤول، وهذا يعني أنه يمكن إلقاء اللوم عليها بسبب الخلل الوظيفي الذي تعاني منه الدولة، والذي لا يمكنها فعل الكثير لإصلاحه، ومع الشكوك حول تخزين الأسلحة بالقرب من موقع الانفجار، ستكافح الجماعة المدعومة من طهران للاحتفاظ بهيمنتها.
ويكمن النظام السياسي الطائفي في لبنان في قلب حكمه غير الفعال، واستنادًا إلى اتفاق تقاسم السلطة في الحقبة الاستعمارية الفرنسية وتعزيزه باتفاق الطائف عام 1991 الذي أنهى الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما في البلاد، يتم تقاسم المقاعد في البرلمان بشكل متناسب بين 18 جماعة دينية في البلاد، وكان من المفترض أن يختفي هذا النظام في البرلمان الأول بعد انتهاء الحرب الأهلية.
لكن الأحزاب السياسية اللبنانية لم تكن مهتمة بتفكيك نظام المحسوبية، يستخدمون الوزارات لتوزيع الوظائف على أتباعهم، يعتمد النظام السياسي في لبنان على القوى الأجنبية التي تدعم وكلاء محليين، وأدارت سوريا البلاد، بموافقة أمريكية ضمنية حتى انسحابها العام 2005.
كان ينبغي أن تكون وفاة الحريري شرارة التغيير الحقيقي، المصالحة الوطنية بين مختلف الطوائف، وكما نصت عليه اتفاقات الطائف، إنشاء هيئة نيابية لإنهاء الديمقراطية "الطائفية" في لبنان، ويجب أن تكون هناك عملية إصلاح، لكن بيروت تتمايل، وتسن قانوناً يمنح الجيش سلطات كاسحة أثناء احتدام المظاهرات.
على اللبنانيين أن يقرروا حكومتهم، إنهم محقون في الغضب، انقطاع التيار الكهربائي، ونقص الغذاء وارتفاع الأسعار يفسد حياتهم اليومية، وفرض المزيد من العقوبات الأمريكية سيكون مدمرا، وقد تساعد الانتخابات الجديدة، لكن التصويت الذي يتم باستخدام النظام الحالي يصب في مصلحة شاغلي المناصب.
أحد مطالب المتظاهرين هو، قبل أي انتخابات جديدة، تغيير قانون الانتخابات إلى أساس غير طائفي، وهذا يحتاج إلى حكومة تصريف الأعمال الحالية للتنازل عن السلطة لحكومة أكثر تمثيلا، ويجب أن يعطي شيء ، والأفضل أن يسمع الشارع العربي، كما رأينا في سوريا المجاورة، يمكن أن تتحول حركة مدنية غير طائفية إلى فتنة طائفية مميتة، وهذا فصل من التاريخ اللبناني لا أحد يريد كتابته.
الرابط الأصلي